نشرت صفحة تحمل اسم "ميدان" على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قبل ساعات فيديو بعنوان "أوراق القاهرة الضائعة" يروج لفكرة فقدان مصر لثقلها الإقليمي في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وفضلا عن استناده لعدة مغالطات قام المركز المصرى للبحوث والدراسات الاستراتيجية بتفنيدها في تقرير مفصل له نشره على موقعه الإلكتروني، فإن الفيديو المضلل يقوم على فكرتين غاية في الخبث والخطورة، اعتادت القنوات المعادية للدولة المصرية اللعب عليهما.
وتلك الأفكار الخبيثة التي اعتمد عليها الفيديو الذي بثته منصة "ميدان" التابعة لقناة "الجزيرة" القطرية، هي التنويه إلى الفصل بين مصر الوطن وبين نظام الحكم، بالمعنى الذي يتم في سياقه تجاهل الدولة الوطنية المصرية، وعناصر قوتها الشاملة لصالح مفاهيم ضيقة، والفكرة الأخرى هي الإيحاء للمطلع على التقرير المصور بتبعية مصر لدول الخليج.
هذا بالإضافة إلى فكرة استبدال الوجود والشعار هذه المرة، وإيحاء فقط نجد أن المتحدث للوهلة الأولى ليس قناة الجزيرة أو رصد أو عربى 21، بل أن هذه الأبواق وبعد أن احترقت وصار أداؤها مكشوفاً للجميع، لا سيما مع الحديث أيضا عن المصالحة الخليجية استدعى ذلك من الدوحة، تغيير لهجتها باتجاه القاهرة لكن هذا لم يحدث كما هو واضح.
وبإمعان النظر، نجد منصة "ميدان" المعروفة عبر صفحتها بمنصة سياسية شبابية، تابعة لـ"الجزيرة" القطرية بالفعل، لكن التكتيك مختلف إذ يستند الفيديو إلى تجميع كافة القضايا التي يمكن استخدامها ضد الدولة الوطنية المصرية بحبكة مصطنعة مقنعة جدا وربط شيطاني لإحداث وقيعة بينها وبين حلفائها الإقليميين (الإمارات وفرنسا) من جهة، وتأليب الرأي العام المصري ضد أداء الحكومة والرئيس ومؤسسات الدولة من جهة أخرى، إلى جانب محاولة إحداث الوقيعة بين الأزهر ومؤسسة الرئاسة، من خلال فكرة حرب الرموز بين شيخ الأزهر صاحب المكانة الروحية وبين فخامة الرئيس وهى أحدى أدوات حرب الجيل الرابع بالسعي لتشويه الرموز.
وبالتالي لا انفصام بين ما بين هذا الفيديو حتما وبين المصالحة الخليجية التي أجهضت بها الوساطة الأمريكية لكوشنر، واحبطت الكويتية، وعبر عن ذلك تصريح واتهام إماراتي قبل أيام، بأن لغة خطاب الدوحة الإعلامي لم تتغير.
ولابد من الإشارة في هذا السياق إلى دلالة التوقيت قبل الذكرى العاشرة لأحداث 25 يناير 2011، وهذه ليست مصادفة بالطبع، بل مسألة متعمدة لتأليب الرأي العام الداخلي، ضد نجاحات ومجهودات الدولة المصرية في مجالات تطوير البنية التحتية والرعايا الاجتماعية والتنمية.
كما أن طريقة العرض، تستند طريقة عرض الفيديو، إلى عنصر التشويق والاعتماد على خاصية "الصوت الخارجي" Vouce over قوي ولغة عربية رصينة وحبكة بالرجوع إلى تقارير ومصادر، وهو ما يش بقوة الهجمة الإعلامية هذه المرة، ترافقا مع العقد المنصرم على 25 يناير 2011، وفشل كل المخططات التي استهدفت تفكيك الدولة المصرية وأبرزها بالطبع المخطط الإخواني.
كما أن الفئة المستهدفة بخطاب الفيديو هي الفئة العمرية الصغيرة من الشباب ومن ليس له دراية بما يحدث حول مصر من السهل خداعه بالمحتوى الوارد فيه.
وفي سياق الحديث عن طريقة العرض هناك تركيز على تغيير شعار الجزيرة وتقديم المحتوى من خلال شعار مختلف هو شعار "المنصة" .
واعتمدت "ميدان" في الترويج للفيديو على منطق أن الهجوم هو خير وسيلة للدفاع حيث خاطبت متابعيه بأن ثمة كتائب إليكترونية ترتب للهجوم عليها بعد بث الفيديو محل التحليل وهي وسيلة دعائية رخيصة ومكشوفة، لكنها ناجحة في جذب المتابعين اللذين يزدادون.
وأكثر مل لفت النظر في الفيديو المضلل، هو الادعاء الوارد فيه بأن مصر باعت تيران وصنافير للسعودية مقابل المعونات، وبذلك أغلقت منفذها على خليج العقبة، وأنه مع موجات التطبيع ستخسر قناة السويس أهميتها لصالح ممرات ملاحية أخرى في المنطقة وان أرباحها تتنقص وسوف تتقلص.
وقد ردت دراسة المركز المصري للبحوث والدراسات الاستراتيجية على هذا الادعاء قائلا إن مشروع قناة السويس الجديدة في زيادة قدرتها على مواكبة التطورات الجديدة في النقل واستطاعت قناة السويس استيعاب مرور السفن والناقلات العملاقة بها ولذا ارتفعت إيرادات قناة السويس إلى 5.707 مليار دولار عام 2017/2018 وحوالي 5.731 مليار دولار عام 2018/2019 ونحو 5.806 عام 2019/2020 رغم جائحة كورونا التي أثرت على حركة التجارة العالمية.
من ناحية أخرى فأن اهتمام الدولة بقناة السويس لا يقتصر فقط على المجرى الملاحي ولكنه جزء من مشروع محور تنمية قناة السويس الجديدة، حيث تم إنجاز الانفاق الجديدة التي تعد من أهم الأدوات الرئيسية لتنمية محور قناة السويس.
ومن ضمن الادعاءات الباطلة التي تضمنها الفيديو، أن الرئاسة المصرية تريد تهميش دور الأزهر، وتجميد مكانته وأثره، وأن ثمة خصومة بين الرئيس وبين فضيلة شيخ الأزهر.
والرد على هذه الادعاءات ليس بجديد فتكرار محاولات الجماعة الإرهابية وابواقها الإعلامية المتمثلة بشكل رئيسي في شبكة قنوات الجزيرة وصحفها الممولة في محاولة خلق شقاق وخلاف بين مؤسسة الأزهر الشريف وبين الدولة المصرية عموما والرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل خاص.
تلك الجماعة التي اعتبرت نفسها المتحدثة باسم الدين، والمدافعة عن الإسلام والمسلمين ومصورة أي نظام يقاومها بصرة النظام الكافر أو المحارب قضايا المسلمين متناسية بذلك كونها أكبر سبب في تشويه صورة الإسلام والمسلمين؛ والتي تسبب بعد توليها الحكم لـ 12 شهرا فقط في الزيادة الملحوظة لأعداد الملحدين والكافرين بالأديان السماوية عموما، بعد ما نجت في خلق صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين والجماعة التي تمثل كل ما هو دموي وسام لأي مجتمع تتوغل فيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة