ما زال فيروس كورونا يحير العلماء الذين يحاولون فك شفراته لاكتشاف طرق تمكنهم من السيطرة عليه ووقف هجماته على البشر، حيث وصل عدد المصابين به 75 مليون شخص ووفاة 1.66 مليون آخرين نتيجة لعدم تحملهم لعدوى هذا الفيروس الذى انتصر على أجسادهم، فهناك حالات خفيفة للعدوى تمر بسلام دون مضاعفات خطيرة وهناك حالات متوسطه وأخرى شديدة تهدد الحياة.
ووفقا لتقرير لصحيفة sciencealert، يعتمد ما إذا كان الشخص المصاب بفيروس كورونا مصابًا بمرض شديد أم لا على كيفية تفاعل جهاز المناعة لديه مع الفيروس التاجى، لكن العلماء لا يزالون لا يعرفون سبب إصابة بعض الأشخاص بمرض حاد بينما يعانى البعض الآخر من أعراض خفيفة فقط أو عدم وجود أعراض على الإطلاق.
الآن ، تلقي دراسة جديدة من جامعة ييل الأمريكية بعض الضوء على هذه القضية، يشير البحث ، إلى أنه في المرضى الذين يعانون من فيروس كورونا الشديد ، ينتج الجسم "أجسامًا مضادة ذاتية" هذه هي الأجسام المضادة التي بدلاً من مهاجمة الفيروس الغازي تهاجم جهاز المناعة وأعضاء المريض.
وجد الباحثون أن الأشخاص المصابين بحالة كورونا الشديدة لديهم أجسام مضادة ذاتية تلتصق بالبروتينات المهمة التي تشارك في التعرف على الخلايا المصابة بالفيروس وتنبيهها وتطهيرها، تشمل هذه البروتينات السيتوكينات والكيموكينات وهى وسائل مهمة فى جهاز المناعة تتداخل مع وظيفة الجهاز المناعي الطبيعية، مما يعيق الدفاعات المضادة للفيروسات، مما قد يجعل المرض أكثر حدة.
روابط تجمع بين كورونا واضطرابات المناعة الذاتية
لسنوات عديدة، من المعروف أن الأجسام المضادة الذاتية متورطة في أمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة، من غير المعروف لماذا يطور بعض الأشخاص هذه الأجسام المضادة ، ولكن من المحتمل أن تكون مزيجًا من الجينات والبيئة.كما تم ربط العدوى الفيروسية بظهور بعض أمراض المناعة الذاتية.
في وقت سابق من هذا العام ، أفاد العلماء أن المرضى الذين ليس لديهم تاريخ من أمراض المناعة الذاتية طوروا الأجسام المضادة الذاتية بعد الإصابة بفيروس كورونا، في هذه الدراسات ، وجد أن الأجسام المضادة الذاتية تتعرف على أهداف مماثلة لتلك الموجودة في أمراض المناعة الذاتية الأخرى المعروفة ، مثل البروتينات الموجودة عادة في نواة الخلايا.
اكتشفت الدراسات اللاحقة أن الأشخاص المصابين بفيروس كوفيد الحاد يمكنهم أيضًا تطوير أجسام مضادة ذاتية للإنترفيرون ، وهي بروتينات مناعية تلعب دورًا رئيسيًا في مكافحة العدوى الفيروسية، واستخدم علماء جامعة ييل الذين أجروا الدراسة الأخيرة تقنية جديدة تقوم بفحص الأجسام المضادة الذاتية التي تعمل ضد آلاف بروتينات الجسم. لقد بحثوا عن الأجسام المضادة الذاتية في 170 مريضًا في المستشفى وقارنوها بالأجسام المضادة الذاتية الموجودة في الأشخاص الذين عانوا من مرض خفيف أو عدوى بدون أعراض ، وكذلك الأشخاص الذين لم يصابوا بالفيروس.
في دماء المرضى في المستشفى الذين يعانون من حالات شديدة وجدوا الأجسام المضادة الذاتية التي يمكن أن تهاجم الإنترفيرون ، وكذلك الأجسام المضادة الذاتية التي يمكن أن تتداخل مع الخلايا الحرجة الأخرى في جهاز المناعة مثل الخلايا القاتلة الطبيعية والخلايا التائية، وأظهرت النتائج أن الأجسام المضادة الذاتية كانت سمة شائعة جدًا لمرضى كورونا المصابين بأمراض خطيرة.
أجرى باحثو جامعة ييل مزيدًا من الاختبارات على الفئران، والتى أظهرت أن وجود هذه الأجسام المضادة الذاتية يمكن أن يزيد المرض سوءًا، مما يشير إلى أن هذه الأجسام المضادة الذاتية يمكن أن تسهم فى شدة كورونا لدى البشر.
على الرغم من أن مرضى كورونا لديهم العديد من الأجسام المضادة الذاتية التى تستهدف بروتينات الجهاز المناعى، إلا أن الباحثين لم يجدوا أي أجسام مضادة ذاتية خاصة بكورونا يمكن استخدامها لتمييز مرضى الفيروس المصابين بأمراض خطيرة، ما يحدد ما إذا كان الشخص سيعانى من COVID الشديد يعتمد على أشياء كثيرة ، والأجسام المضادة الذاتية ليست القصة الكاملة.
لكن البحث يشير إلى أن الأشخاص الذين لديهم أجسام مضادة موجودة قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بكورونا الشديد، قد يعاني هؤلاء الأشخاص من أوجه قصور في استجابتهم المناعية أثناء الإصابة المبكرة بفيروس كورونا أو يكونون أكثر استعدادًا لإنتاج أجسام مضادة ذاتية جديدة يمكن أن تعيق استجابتهم المناعية للفيروس.
ولا يعرف العلماء إلى متى تستمر هذه الأجسام المضادة الذاتية بعد زوال العدوى أحد الأسئلة المهمة التي لم تتم الإجابة عنها هو ما إذا كان الضرر طويل المدى الذي تسببه الأجسام المضادة الذاتية يمكن أن يفسر بعض أعراض كورونا الطويلة الأمد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة