أعد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، تقريرًا مهمًا حول سمات الحياة الاجتماعيَّة لدى التنظيمات الإرهابية " تنظيم داعش نموذجًا"، حيث توصل المرصد إلى أن استغلال تنظيم داعش الإرهابى لشعور الفرد بفقدان هويته داخل الأسرة، وتقوية الشعور النفسى بالاغتراب داخل وطنه ومجتمعه، هو الأمر الذى يجعل من هؤلاء الأفراد لقمةً سائغة للجماعات الإرهابية، وفرائس سهلة لتحقيق الأهداف الدامية للتنظيمات الإجرامية، ومن ثمَّ أكد مرصد الأزهر على أهمية احتواء الأسرة لأبنائها، والمجتمع لأفراده، وذلك ببناء هوية ثقافية ودينية صحيحة تكون بمثابة السد المنيع والحصن الحصين لهؤلاء الشباب، تحفظهم وتحميهم من الوقوع فى براثن التطرف باسم الدين، وهو منهم براء.
وعدد المرصد أهم السمات المختلفة للحياة الاجتماعيَّة داخل تنظيم "داعش" الإرهابي، ويأتى فى مقدمتها: تنوُّع الروابط الاجتماعيَّة، باعتبارها مصدر قوة فى استقطاب جهلاء جدد، حتى نجد التَّباهى الملحوظ عبر المنصات الإلكترونيَّة للتنظيم، مستندًا فى ذلك إلى انضمام رجالٍ ونساءٍ من شرائح وطبقات اجتماعيَّة متنوعة، بالدول النَّامية أو المتقدمة ذات الاختلافات المتعلقة باللَّون، أو العِرْق، أو الأيديولوجية، الأمر الذى أدَّى إلى ازدياد خطورة ذلك التنظيم عند بداياته، وخاصَّة عند سيطرته على العديد من المحافظات الكبيرة فى العراق وسوريا، ومن ثمَّ انخداع الكثير من الفئات المختلفة فى كثير من بقاع العالم والانضمام إليه، فإن لم يكن الانضمام الفعلى والسفر إلى تلك البيئة، كان الانضمام الأيديولوجي، والدعم المادى لذلك التنظيم الدامى عبر الشبكات العنكبوتية.
كذلك استغلال الإرهابيين لسمة أخرى للحياة الاجتماعيَّة لدى تنظيم "داعش" الإرهابي، هذه السّمة تتعلَّق بـ وهم الاندماج الاجتماعيّ، باعتباره العملية التى يتمُّ من خلالها دمج القادمين الجدد أو الأقليات فى الهيكل الاجتماعى للمجتمع المضيف، فيتم إيهامهم بسرعة اندماجهم بين أقرانهم فى الوسط الدامي؛ وذلك عن طريق رفع شعار إزالة الحدود بين الدول.
ومن سمات الحياة الاجتماعيَّة عند تنظيم داعش الإرهابى أيضًا، الخوف الاجتماعيّ، وهو خوف ناتجٌ عن التَّفاعل أو التَّحدث مع الغرباء نتيجة الوحشيَّة التى يتعامل بها هؤلاء المجرمون؛ الأمر الذى ترك أثرًا سيئًا فى أذهان الهاربين والهاربات من قبضة التنظيم الإرهابي.
كما توصل المرصد إلى سمة أخرى من سمات الحياة الاجتماعيَّة عند التنظيم الإرهابى هى: الاستبعاد الاجتماعيّ، وهى سمة غلبت على أعضاء داعش الإرهابي، دون القيادات داخل التنظيم، فالقول "للأمراء" – على حد ادعائهم- وهو ما اتضح جليًا عند اعتراف أحد المقبوض عليهم من قِبَل الجهات الأمنيَّة عندما وجَّهوا إليه سؤالًا عن كيفية اختيار ضحيته "سبيته" من وسط النساء المختطفات فأجاب قائلًا: "يتم توزيع الغنائم والسبايا من الأمراء الكبار الذين يختصُّون بهذه المسألة، ما بندخل إحنا ولا نختار".
كما يعدّ الانتحار سمة فى الوسط الإرهابى بين الرجال والنساء؛ بل وحتى الأطفال، كما يتضح ذلك فى صورة العمليات الانتحارية، وهى ما يطلقون عليها فى أجندتهم الإرهابية: العمليات الجهاديَّة. ومن الجدير بالذكر وجود الكثير من العمليات الانتحارية وعمليات القتل والاختطاف التى تتصدر عناوين إصداراتهم المختلفة، فنجد إظهار التَّفاخر بكثرة أعداد القتلى والجرحى من الأبرياء، وطبقًا لإحصائيات التطرّف الصادرة من مرصد الأزهر فى شهرٍ واحدٍ فقط "سبتمبر 2020"، هناك 4 عمليات انتحارية فى العراق، و4 عمليات أخرى فى سوريا، ما أدَّى إلى مقتل ما يقرب من 50 ضحية وإصابة 60 شخصًا، ومع ذلك لم نجد النَّدم يسيطر عليهم جرَّاء ما اقترفت أيديهم من حصاد لأرواح الأبرياء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة