شغلت المرأة مكانة قوية فى المجتمعات القديمة وعصور ما قبل التاريخ، لذا لم يكن دورها مقتصرا على العناية بالأبناء فقط، بل كانت شريكا أساسيا مع الرجل تخوض معه أصعب الأشياء كالقتال فى ساحة المعارك، وهذا ما يتضح عندما يتم دراسة قبور المحاربات القدامى، ومن هنا نستعرض أبرز قصصهن.
محاربة بيرو
أجرى عدد من الباحثين دراسة حديثة تؤكد أن أحد القبور فى بيرو يحتوى على جثمان أقدم محاربة صائدة في العالم، وهذه الدراسة قد تغير فهمنا فى معرفة العلاقات بين الجنسين فى الأمريكتين القديمة وحتى طبيعة مجتمعات ما قبل التاريخ.
واعتقد الفريق في البداية أن الدفن كان لصياد ذكر، ومع ذلك، كانت العظام نحيلة جدًا وخفيفة ويبدو أنها عظام أنثى، ونقل عن أحد أعضاء الفريق، عالم الآثار الحيوية جيم واتسون، قوله: "أعتقد أن صيادتك قد تكون أنثى"، وفى الواقع، احتوى القبر على رفات امرأة شابة ماتت بين سن 17 و19، تم تحديد جنسها وعمرها بناءً على تحليل البروتينات في أسنانها".
وقال عالم الأنثروبولوجيا راندي هاس لشبكة سكاي نيوز إن الصيادة تم دفنها مع مقذوفات حجرية لقطع الحيوانات الكبيرة، وسكين ورقائق من الصخور لإزالة الأعضاء الداخلية، كما تم العثور على قطعة صبغية معها والتى استخدمت في علاج الجلود.
وقالت آشلي سمولوود، من جامعة لويزفيل في كنتاكي لمجلة ساينس نيوز: "حان الوقت للتوقف عن التفكير في صائدات الطرائد الكبيرة (القدامى) باعتبارهن قيمًا متطرفة، يمكن لاكتشاف الصيادة القديمة في بيرو تغيير معرفتنا بأدوار الجنسين في الماضى إذا طاردت النساء، فهذا يعني أن هناك المزيد من المساواة بين الجنسين في مجتمعات ما قبل التاريخ".
محاربة الفايكينج
أعاد العلماء بناء وجه امرأة محاربة من الفايكنج تعود حياتها إلى 1000 عام، وأثناء البناء تبين بأنها كان لديها جرح بشع فى جلد الجمجمة.، وأعاد العلماء البريطانيون بناء وجه المرأة واستندوا فى عملهم على هيكل عظمى عثر عليه فى مقبرة للفايكنج فى سولور بالنرويج.
وأضافت أنها متحمسة للغاية لأن هذا الوجه لم يشاهد منذ 1000 عام، ولقد أصبحت فجأة حقيقية حقًا".
محاربة الأمازون
نجح علماء الآثار في تحديد هوية جثمان محنط لـ"محاربة الأمازون" لقيت حتفها في عمر الثالثة عشرة ودفنت مع سلاحها قبل 2600 عام، على أنه لأنثى وذلك بعد 30 عاماً من اكتشافه في سيبيريا.
وعثر العلماء على رفات المحاربة الصغيرة وبثرة لا تزال واضحة على وجهها في منطقة ساريج بولون، بجمهورية توفا (أحد الكيانات الفيدرالية الروسية) عام 1988 واعتقد حينها أن الجثمان لشاب، وبعد إخضاع الجثمان للتحليل الجيني اتضح أن الجثة المحنطة جزئياً والتي تم لفها في معطف من الفرو لم تكن لشاب، بل فتاة.
وفقاً للخبراء، فإن الكشف يعيد إلى الأذهان الروايات القديمة عن المحاربات الشابات الماهرات والقاسيات في الحضارة السكوثونية.
ونشأ هؤلاء البدو المشهورون بإتقانهم لفنون القتال في جنوب سيبيريا وعاشوا بين نحو 900 - 200 قبل الميلاد. وكتب الطبيب اليوناني القديم أبقراط، الذي عاش من نحو 460 - 370 قبل الميلاد، عن السكويثية قائلاً: إن "نسائهم يركبن الخيل ويطلقن السهام ويرمين الرماح ويحاربن أعدائهن طالما أنهن لا زلن عذارى" .
وأضاف أبقراط قائلاً: "إنهن لا يتنازلن عن عذريتهن إلى أن يقتلوا ثلاثة من أعدائهن، ولا يتزوجن قبل أداء الشعائر التقليدية المقدسة".
محاربة أرمينيا
يعتقد أن بقايا هيكل عظمي عمره 2600 عام اكتشفت في أرمينيا ينتمى إلى محاربة قاتلت من أجل قبيلة ألهمت أسطورة الأمازون، ويعتقد الخبراء أن المرأة المقاتلة تنتمي إلى مملكة أورارتو وربما قتلت في معركة بفأس أو سيف، دفنت المرأة في وقت ما بين القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد، وهذا هو الوقت الذي يعتقد أن مملكة أورارتو تزدهر في أراضي أرمينيا الحديثة.
وقامت أورارتو بغزو مناطق أخرى لكنها انهارت في القرن السادس بسبب إضراب الحلفاء، ويُعتقد أن رجالًا ونساء من مملكة أورارتو قاتلوا إلى جانب بعضهم البعض.
ويعتقد بعض العلماء أن هذه المجموعة من الناس أو مجموعة تسمى السكيثيين ربما تكون قد ألهمت الأسطورة اليونانية لنساء محاربات الأمازون، وتوصف الأمازون بأنها قبيلة من المحاربات اللائي يعشن في منطقة تُعرف باسم آسيا الصغرى، في غرب تركيا الحديث، وتشتهر بكونها وحشية وجائعة من الحرب.
وتم اكتشاف بقايا المحاربة أورارتو بالفعل في عام 2017 في مقبرة مقاطعة لوري في أرمينيا، وتم فحصهم مؤخرًا بواسطة علماء الآثار من أجل دراسة نشرت في المجلة الدولية لعلم أمراض العظام، حيث يعتقد أن المرأة توفيت في سن العشرين، وربما كانت فردًا رفيع المستوى لأنها دفنت بمجموعة متنوعة من المجوهرات والسيراميك، كما وجد الفحص المفصل ثلاثة آثار على الأقل من الإصابات التي من المحتمل أن تكون قد أصيبت بفأس أو سيف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة