استيعابك للآخر هو مفتاحك لدخولك قلب الغير، فالاحتواء وخُصوصًا لمن يشعر بالضعف، هو قمة القُوة، فالقوُة أن تستوعب أحاسيس من أمامك، وتحتويه، وتضعه في القالب الذي يجد نفسه فيه.
فالإنسان مهما بلغت قُوته، فهو دائمًا في حاجة ماسة إلى من يُعامله كطفل صغير، يحتاج إلى المُداعبة، والاحتواء.
فبالفعل، الإنسان مهما كبر وترعرع، وزادت قُوته، يظل يحتفظ بقدر لا بأس به من طُفولته، وهذا دليل على أن الفطرة السليمة تُصر على فرض سيطرتها على الإنسان؛ حتى تحميه من المُكتسبات السلبية للحياة، وفي مُحاولة منها لمُحاربة التلوث المعنوي، الذي يُصيب الإنسان في مقتل.
وفكرة الاستيعاب، ليس بهذه السهولة، فقُدرتك على استيعاب غيرك، تتطلب قُدرات خاصة جدًا؛ لأن الاستيعاب يحتاج إلى مهارات، وقُوة وإحساس شديد بالآخر.
فالشخص عندما يجد من يستوعبه، يستشعر وكأنه وجد حُضنًا دافئًا، يُلْقي فيه بآلامه وهُمومه وأفكاره.
أما من لا يجد الاستيعاب، فيكون كالغريق الذي لا يجد البر الذي يرسو عليه، فالتخبُط الفكري والشتات الذهني، يُدخلانه في دوامة كبيرة، لا نهاية لها، لذا أول شيء يبحث عنه الإنسان هو من يحتويه ويستوعب ما بداخله، ويُبدد أوهامه، وهذا الأمر لا يجده إلا مع من لديه القُدرة على الاستيعاب والاحتواء.
فالشخص القادر على الاحتواء أشبه بالقلب الكبير، الذي يتسع لضم كل من يحتاج إليه في رحب وسعة، دُون الشعور بالضيق أو التأفف.
ولكن للأسف، هذه المشاعر الجياشة نادرًا ما تجد مَنْ يحتويها، فقد تجد من يحتويك، ولكن من اعتاد احتواء غيره، كيف يتسنى له أن يجد من يحتويه، وبمُنتهى الحب والإخلاص.
بقلم
د./ داليا مجدي عبد الغني
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة