يُعلق العالم يعلق أمالًا واسعة على قمة"الرياض"لتحقيق التعافى الاقتصادى المستدام وضمان التوزيع العادل للقاحات وتعزيز النظام الصحى الدولي، ومع بدء العد التنازلى لموعد استضافة المملكة العربية السعودية قمة قادة دول مجموعة العشرين، المقرر أن تنعقد افتراضيًا يومى 21 و22نوفمبر الجارى، يترقب العالم ما ستسفر عنه القمة من نتائج تهدف إلى حماية الكوكب من الأخطار المحدقة به، وتحقيق التعافى الاقتصادي، وتعزيز الاستجابة للأزمة المالية العالمية، فضلا عن تقوية النظام الصحى العالمى فى ظل جائحة كوفيد-19.
إنجازات مجموعة العشرين
رغم صعوبة الظروف التى شهدها عام2020، لكن مجموعة العشرين استطاعت خلال هذا العام التكيف مع تلك الظروف ، حيث خصصت 21 مليار دولار لسد عجز تمويل الفجوة الصحية دولياً، وضخت 11 تريليون دولار لحماية الاقتصاد العالمى، وعلقت سداد 14 مليار دولار من أعباء ديون الدول الأكثر فقرًا.
وخلال عام، أظهرت المملكة قدرات فوق العادة فى قيادة أعمال المجموعة خلال حقبة استثنائية من تاريخ البشرية وذلك تحت شعار "اغتنام فرص القرن الحادى والعشرين للجميع"، وتمكنت من تطويع أدوات عمل المجموعة لصالح دعم الاستقرار الاقتصادى وتفعيل أدوات التنمية المستدامة، ودعم برامج المجموعة المرتبطة بتمكين المرأة والشباب، والحفاظ على البيئة، وتعزيز رأس المال البشري، وتعزيز عمليات تدفق التجارة والاستثمارات والتحول الرقمي، كما امتلكت المرونة الكافية للمناورة والتعامل المسؤول مع الأزمات غير المتوقعة التى باغتت العالم بفعل تفشى وباء كورونا.
وفى السادس والعشرين من شهر مارس الماضى تصدرت المملكة المشهد الدولى بدعوتها لعقد قمة القادة الاستثنائية الافتراضية لمجموعة العشرين تحت رئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان التى استهدفت دعم الاقتصاد العالمى خلال أزمة كورونا، وتعزيز الاستجابة السريعة للقطاعات الأكثر تضررًا، وكان من أبرز نتائج أعمالها إعلان دول المجموعة عن الالتزام بتقديم مبلغ خمسة تريليون دولار للاقتصاد العالمي، وتقديم ما يلزم من الدعم للدول الفقيرة.
وقام خادم الحرمين الشريفين بدعوة دول مجموعة العشرين والمجتمع الدولى بأسره ومؤسسات المجتمع المدنى القطاع الخاص لدعم مبادرة المملكة، الرامية لسد الفجوة وتمويل المنظمات الصحية العالمية التى تحتاج تقريباً لـ 8 مليارات دولار كدعم فورى لمواجهة جائحة كورونا، ولإجراء الأبحاث التى يحتاجها العالم لمواجهة هذه الجائحة.
وكان نصيب المملكة من تلك المساعدات نحو 500 مليون دولار أمريكي، خصصت منه نحو 200 مليون دولار أمريكى لدعم منظمة الصحة العالمية فى مكافحة الوباء على مستوى العالم، و150 مليون دولار أمريكى لدعم التحالف العالمى للقاحات والتحصين (GAVI) للحصول على لقاح لمساعدة الدول المحتاجة، و 150 مليون دولار لدعم التحالف الدولى للاستعداد للوباء والابتكار (CEPI) فى تطوير اللقاح، إضافة لتقديم 10 ملايين دولار لدعم صندوق منظمة الصحة العالمية لدعم البلدان ذات النظم الصحية الهشة.
وفى التاسع عشر من شهر يوليو الماضي، كشفت مجموعة العشرين، عن تقديمها نحو 10 تريليونات دولار لدعم الاقتصاد العالمي، كما أفصحت عن ضخ 21 مليار دولار لسد عجز تمويل الفجوة الصحية دولياً وضمان تدفق الأدوات والوسائل الصحية اللازمة.
وامتدادًا لجهود المجموعة تحت قيادة المملكة للتخفيف من حدة التأثيرات الناجمة عن تفشى الوباء، اتفقت مجموعة العشرين فى الخامس عشر من شهر إبريل الماضى على تعليق مدفوعات خدمة الدين لفترة زمنية محددة للدول الأكثر فقراً، وهى المبادرة التى تقدمت لها أكثر من 42 دولة من بينها 26 دولة إفريقية، حيث يقدر إجمالى مدفوعات خدمة الدين المستحق فى عام 2020 المقرر تأجيلها نحو 5.3 مليار دولار، وذلك لتمكين تلك الدول من تسخير جميع إمكانياتها لمكافحة فيروس كورونا وتخفيف آثاره الاقتصادية.
مبادرة مجموعة العشرين
واتفق وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية بدول المجموعة خلال اجتماعهم منتصف الشهر الماضى على تقييم التقدم المحرز فى مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين التى قد يتجاوز فيها إجمالى الديون المؤجل سدادها من الجهات المقرضة الثنائية للدول المؤهلة ما يربو على 14 مليار دولار لتمكين تلك الدول من إعادة توجيه مواردها لمكافحة الجائحة، كما اتفقوا على تمديد مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين لفترة 6 أشهر إضافية تمتد حتى نهاية يونيو 2021 وذلك بهدف دعم الدول الأكثر فقراً فى مكافحة جائحة كوفيد-19.
وزراء مالية ومحافظو بنوك مجموعة العشرين
والتزمت مجموعة العشرين منذ تدشينها على تقليدًا راسخًا للعمل مع مجموعة واسعة النطاق من المنظمات لوضع وجهات النظر المختلفة بشأن التحديات المالية والاجتماعية الاقتصادية على طاولة مباحثات المجموعة من خلال تشكيل ثمانية مجموعات للتواصل تضم مجالس مستقلة تقودها منظمات من المجتمع المدنى فى البلد المضيف. وتعمل هذه المنظمات مع نظرائها من دول مجموعة العشرين لوضع توصيات متعلقة بالسياسات تُقَّدم رسميًّا إلى قادة مجموعة العشرين للنظر فيها.
وتشمل تلك المجموعات كل من: مجموعة الأعمال التى تمثل القطاع الخاص، ومجموعة الشباب التى تجمع القيادات الشابة، ومجموعة العمال التى تضم النقابات العمالية، ومجموعة الفكر التى تضم شبكة من مراكز الفكر والباحثين، ومجموعة المجتمع المدنى التى تمثل المنظمات المعنية بهذا الملف، ثم مجموعة المرأة، ومجموعة العلوم، وأخيرا مجموعة المجتمع الحضري.
وفى غضون عام من رئاسة المملكة لأعمال مجموعة العشرين ترأست الرياض أكثر من 120 اجتماعًا ومعرضًا وورشة عمل وندوة لتغطية كافة الأنشطة الاقتصادية والمالية والإنسانية التى يشملها جدول أعمال سنة الرئاسة.
وأثبتت المملكة العربية السعودية خلال العام الذى قادت فيه هذا العمل الاستثنائى جدارتها برئاسة مجموعة العشرين بشهادة الدول الأعضاء وغير الأعضاء، كما حظيت مبادراتها بترحيب دولى واسع من قبل المؤسسات المالية الدولية والمنظمات الأممية، وذلك بعد أن عملت دول المجموعة تحت قيادة المملكة على استعادة التوازن الاقتصادى الدولي.
ووفرت آليات للعمل على الحد من التأثيرات السلبية على القطاعات الإنتاجية والخدمية مثل الزراعة والسياحة والتجارة، كما عملت على اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان انتظام سلاسل الغذاء وعدم فرض قيود على الصادرات الغذائية والزراعية والطبية سعيًا للحد من مضاعفات تأثير وباء كورونا على الدول الأقل دخلا، واستخدمت المملكة ثقلها الدولى وقدراتها المالية فى سبيل ذلك حيث تُعدّ المملكة العربية السعودية لاعبًا رئيسًا فى المنطقة، كما تؤدى دورًا مهمًّا فى استقرار الاقتصاد العالمي. وترتبط رؤية السعودية 2030 ارتباطًا وثيقًا بجوهر أهداف مجموعة العشرين من حيث التركيز على الاستقرار الاقتصادى والتنمية المستدامة وتمكين المرأة وتعزيز رأس المال البشرى وزيادة تدفق التجارة والاستثمارات.
ملفات على مائدة القمة
وستسعى القمة التى ستستضيفها مدينة الرياض افتراضيًا تحت رئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان إلى مناقشة عدة ملفات أساسية، من بينها، بحث آليات إفاقة الاقتصاد العالمي، وتحقيق تعافى الأسواق، وتعزيز النظام التجارى الدولي، وتوفير الحماية الاجتماعية، فضلا عن توفير اللقاحات وتعزيز الجاهزية الصحية، وضمان توفير اللقاحات لجميع الدول بشكل عادل، ووضع خطط لمواجهة أية جوائح مستقبلية، كما ستناقش خطط الحد من النشاط الكربونى وتحديات الأمن الغذائى وإدارة المياه، واستغلال الفرص التى يوفرها الذكاء الاصطناعى لضمان عالم أكثر اتصالا، إضافة إلى تطوير التعليم وزيادة الشمول المالي، ومحاربة الفساد، وتمكين المرأة والشباب.
وبينما تمثل دول مجموعة العشرين 90% من الناتج الإجمالى العالمى وثلثى سكان العالم، فإن المملكة العربية السعودية تعد أول دولة عربية تقود وتتولى أعمال رئاسة المجموعة، فى ظل حقبة تاريخية استثنائية جراء التفشى الواسع لفيروس كورونا المستجد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة