كشف المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، في تقرير له، الخذلان المستمر على مدار 80 عاما للجماعة الإخوان الإرهابية والاستقواء بالخارج، بانه في عام 1953، رشح القيادي الإخوانى وصهر حسن البنا "سعيد رمضان" للمشاركة بمؤتمر دعائي سري من تنظيم جامعة برنستون للدراسات الإسلامية، كان يستهدف الترويج لأجندة معادية للشيوعية في الدول ذات الأغلبية المسلمة حديثة الاستقلال.
ولفت التقرير إلى أن مشاركة "رمضان" بالمؤتمر جاءت أخذا بنصيحة المؤرخ اليهودي "برنارد لويس" -صاحب خرائط تقسيم وتفتيت المنطقة والمشرق العربي- الذي طلب من المخابرات الأمريكية وضع خطط طويلة المدى لدعم تنظيم الإخوان الإرهابية في المنطق، ومن ظهور "رمضان" الى جوار الرئيس الأمريكي "دوايت آيزنهاور" بالمكتب البيضاوي، أصبح حلقة الوصل بين التنظيم وواشنطن، وعرف بـ "وزير خارجية الإخوان"، رغم وصف تحليلات وكالة الاستخبارات المركزية له بالشخص الفظ، ووصفها له بـ “المليشاوي" و"الفاشي المهتم بحشد الناس من أجل السلطة".
وشكل لقاء سعيد رمضان مع الرئيس الأمريكي آيزنهاور إشارة البدء للطرفين للعمل معاً، فالولايات المتحدة بدأت تسمح للعناصر الإخوانية بالتواجد بكثافة على أراضيها، مقابل أوامر من قادة الإخوان لقواعدهم بأهمية الذهاب للولايات المتحدة، وكانت الدراسة هي المدخل الطبيعي لوصول مئات الإخوان إلى أمريكا، وسجلت جامعات مثل النيوي، وإنديانا وميتشغان حضورا لافتا للطلاب الإخوان، وأسس هؤلاء الطلاب ما سمي بعد ذلك بـ«رابطة شباب المسلمين» عام 1963، وقبل نهاية النصف الأول من ستينات القرن الماضي تأسس أول فرع لتنظيم الإخوان الإرهابية في الولايات المتحدة تحت اسم « الرابطة الإسلامية لأمريكا الشمالية» المعروفة اختصارا باسم ISNA
وسيطرت «إيسنا» على أكثر من 75% من المساجد والجمعيات والمراكز في الولايات المتحدة، وكشفت وثائق نشرتها المخابرات الأمريكية عام 1999 أن غالبية الأعضاء الإخوان الذين أسسوا «إيسنا» كانوا ينتمون للإخوان في بلادهم قبل الوصول للولايات المتحدة، ثم انضم لهم الطلاب الإخوان في الجامعات الأمريكية، وأطلق على هذه المرحلة من الخمسينات حتى منتصف الستينات مرحلة «التعبئة والتحشيد» بينما اعتبرت الأوساط الأمريكية أن تأسيس «إيسنا» هو بداية العمل التنظيمي الإخواني في الولايات المتحدة.
ثم اتجه نشاط "رمضان" لاحقا الى أوروبا بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، حين تعاون مع استخبارات ألمانيا الغربية لبناء مسجد في مدينة ميونخ لمحاربة الشيوعية، وقدمت الأجهزة الاستخبارية له التمويل ودعمته لتولي إدارته، وتحول المسجد بعد ذلك الى مركزا إسلاميا كبيرا، يعمل على استقطاب الجاليات الإسلامية في أوروبا، وينشر قياداته الإخوانية الإرهابية للسيطرة على مسلمي تلك الدول، وفي مقدمة هؤلاء السوري "همت غالب" والمصري "يوسف ندا"، وتولى مرشد الإخوان الأسبق "مهدي عاكف" إدارة المركز في الثمانينيات.
وأشار التقرير، إلى أنه انطلق الإخوان في مخططهم التوسعي دوليًا بعد ذلك، حتى بالفترات التي شهدت انخفاضًا لدرجة الاتصال الأمريكي بهم، وفيما لم تقدم واشنطن دعما ماليا مباشرا للتنظيم، إلا أنها حرصت على توظيف الاستقطاب الإقليمي ضد سياسات الرئيس عبد الناصر لتوجيه موجات تمويلية الى الإخوان عبر بعض الدول الأخرى. وتحرك الإخوان ضد أهداف الدولة المصرية في اليمن بعض الملفات الأخرى، ولكن عاد الاتصال الأمريكي بهم بشكل أكبر خلال أزمتي الرهائن الأمريكيين بسفارتها بطهران، حيث وظفت عالقات التنظيم لتحرير هؤلاء الرهائن.
كما استفادت الولايات المتحدة من تنظيم الإخوان عندما دخل الاتحاد السوفيتي إلى أفغانستان عام 1979، ولعبت إدارة الرئيس "رونالد ريجان" الدور المحوري في توسيع نشاط التنظيم على المستوى العالمي خاصة في آسيا، عندما قام الإخوان بتجنيد الشباب العربي لصالح المشروع الأمريكي لإسقاط الاتحاد السوفيتي من أفغانستان، وهو ما تحقق لواشنطن عام 1989.
وفي فترة حكم الرئيس الأسبق "حسني مبارك"، تجنب الأمريكان الاتصال المباشر بالجماعة؛ خوفا على مصالحهم فى المنطقة، وعلى رأسها اتفاقية السلام مع إسرائيل، واكتفى الأمريكان الحريصون على عدم إغضاب حليفهم المخلص مبارك بالاتصال بأعضاء الجماعة بصفتهم أعضاء برلمان أو رؤساء نقابات مهنية، وليس بصفتهم أعضاء فى جماعة محظورة، وعاد الرهان الأمريكي على جماعة الإخوان مرة أخرى مع دخول الألفية الجديدة، وتحديدا مع صعود الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وتمكنت الجماعة من الوصول إلى سدة الحكم في مصر عام 2012 بعد 25 يناير 2011، والتي استغلها الإخوان الإرهابية لتنفيذ مخططاتهم.
وشكلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" أبرز حلقات دعم وتمكين التنظيم في المؤسسات الأمريكية، خاصة في عهد وزيرة خارجيته "هيلاري كلينتون" التي تركت كل شيء في الخارجية الأمريكية إلى "هوما عابدين"، ابنة صالحة عابدين العضو التنظيمي في الإخوان، وهو ما تأكد عندما سعى أوباما لتنفيذ خطط "برنارد لويس" لتقسيم الشرق الأوسط من خلال تمكين الإخوان من حكم الدول العربية والإسلامية، وكانت هيلاري كلينتون قد لمّحت، في تصريحات صحفية لها، إلى ّأن اتصال الإدارة الأمريكية بالإخوان هو جزء من سياسة بدأت في 2006، بعد حصول التنظيم على عدد من مقاعد البرلمان في الانتخابات عام 2005 ، وبعد ثورة يناير2011، أكدت تقارير السفيرة الأمريكية السابقة بالقاهرة "آن باترسون" ان الجماعة هي القوة الوحيدة المنظمة والقوية في مصر، ولديها القدرة الكبيرة على التأثير في رسم مستقبل الشرق الأوسط، بالإضافة لنجاح رموز الجماعة في إقناع واشنطن بقدرتهم على هذا التأثير خلال الزيارات والاتصالات المتبادلة ما جعل رهان واشنطن عليهم كبير، ودعمت الولايات المتحدة الإخوان للاستحواذ على البرلمان والرئاسة، بعد حصولها على تعهد من قيادات الإخوان حول أمن إسرائيل، واتباع إدارة الإخوان لذات النسق التركي في إدارة الاقتصاد بالاعتماد على البنك الدولي.
واستكمل التقرير أنه على الرغم من الإمكانيات المهولة للدفع باستراتيجية الإدارة الديمقراطية لدعم تنظيم الإخوان، إلا أنها أثبتت فشلها، بل كارثيتها، لعدّة عوامل أهمها، وفق مراقبين: أوال الإسلام السياسي متلوّن ومخادع للوصول إلى السلطة، فأساساته الفكرية مختلفة عمّا يعلنه، وهذا ثبت عمليا عند وصولهم إلى السلطة في مصر وتونس وليبيا، حيث وقعوا فيما يسمّى "فخّ السلطة"، في ظلّ خبرتهم شبه المعدومة في الحكم إذا ما قورنت بخبرتهم الطويلة في المعارضة.
وقد أدانت جلسات الاستماع بالكونجرس، دور إدارة أوباما في الانفتاح على جماعة الإخوان، وذلك على ضوء النتائج التي جرت في مصر، في الفترة بين عامي 2011،2013؛ إذ تعددت اللقاءات بالمسؤولين الأمريكيين وأعضاء جماعة الإخوان، خلال تلك الفترة، وحضر قيادات الجماعة الإرهابية للبيت الأبيض، في أبريل 2013، لمقابلة عدد من المسؤولين، ومناقشة الأوضاع السياسية والإقليمية، وقد كان مهندس تلك اللقاءات، الدبلوماسي الأمريكي، وليام بنز، والذي تولى منصب نائب وزير الخارجية الأمريكي، بعد أن غادر القاهرة في أغسطس عام 2013، عقب سقوط الجماعة الإرهابية من الحكم، وفشل جهود الوساطة لحل الأزمة السياسية، والذي كان أحد المشاركين فيها.
وأختتم التقرير، بأن هناك تقارير عدة تؤكد دعم التنظيم الدولي للإخوان لبايدن، وذلك حتى يتمكن التنظيم من النجاة من سياسات التضييق على حركات الإسلام السياسي ، فالانتخابات الأمريكية تأتي، هذه المرة، في ظل تأزم جماعة الإخوان الإرهابية على المستويين الأيديولوجي والتنظيمي، ومواجهتها لاحتمالات القضاء نهائياَ على التنظيم، خاصة في ظل الانقسامات الحادة داخلياً، إضافة إلى إخفاق التنظيم الدولي في أكثر من دولة، وقد عمق نجاح الجمهوريين على حساب هيلاري كلينتون، ومجيء ترامب للسلطة، من التأثيرات السلبية على أوضاع التنظيم، وتراجع أي دعم خارجي لهم؛ حيث كانت حقبة أوباما بمثابة فترة مثالية لهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة