شهدت الأيام القليلة الماضية ارتفاعا مُقلقا فى عدد الحالات التى يتم تسجيلها بالإصابة بفيروس كورونا المستجد، ما دعا الحكومة المصرية إلى الإعلان عن عدة قرارات وإجراءات تساهم فى الحد من انتشار الفيروس وتجديد الدعوة المستمرة للمواطنين بالالتزام بارتداء الكمامات بالأماكن العامة واستخدام المُطهرات.
وفى إطار استعدادات الحكومة المصرية لاستقبال – على ما يبدو – موجة ثانية من فيروس كورونا المُستجد عقدت وزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد مؤتمرا صحفيا للكشف عن تلك الاستعدادات وتوجيه بعض النصائح المهمة للمواطنين لتجنب الإصابة بفيروس كورونا، ولعل كان أبرزها استخدام وسائل الدفع الإلكترونى والابتعاد عن ملامسة النقود الورقية.
وفى الواقع فقد عملت الدولة منذ فترة طويلة على تشجيع المواطنين على استخدام وسائل الدفع الإلكترونى فى إطار تفعيل مبادرة الشمول المالى التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، وتقدمت الحكومة بعدد من مشروعات القوانين التى تنظم هذا التحول وأقرها البرلمان قبل أن يصدق عليها الرئيس عبد الفتاح السيسى للعمل بها، والآن أصبح تفعيل وتعميم الدفع الإلكترونى أمرا حتميا لتجنب الإصابة بفيروس كورونا.
وكانت أول خطوة فى تهيئة البنية التشريعية القانون رقم 18 لسنة (2019) بإصدار قانون تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدى، والذى اتبع منهج التحفيز الإيجابى على السداد غير النقدى أو التحفيز السلبى على السداد النقدى، وتضمن تسهيلات وتحفيزات عديدة لاستخدام وسائل الدفع غير النقدى.
ويضع القانون التزاما على عاتق الجهات الحكومية بسداد المستحقات المالية للعاملين بها بوسائل الدفع غير النقدى، ويسرى هذا الالتزام على أعضاء الجهات والهيئات القضائية ومجلس النواب والهيئات الرقابية والأجهزة المُستقلة ورؤساء وأعضاء مجالس إدارات الهيئات العامة والشركات واللجان والخبراء، وذلك بالنسبة لجميع مستحقاتهم المالية بالجنيه المصرى من أجور وبدلات ومكافآت وعلاوات واشتراكات التأمينات الاجتماعية الخاصة بهم.
كما فرض على الأشخاص الاعتبارية الخاصة، من شركات وجمعيات ومؤسسات وأندية والمنشآت بمختلف أنواعها، سداد مستحقات العاملين بها والخبراء ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارات واللجان، واشتراكات التأمينات الاجتماعية، بوسائل الدفع غير النقدى، وذلك متى جاوز عدد العاملين بها أو إجمالى قيمة أجورهم الشهرية الحدود التى تُبينها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، واستثنت الفقرة الثالثة العمالة اليومية والعارضة والموسمية.
وتضمن القانون تعدادا للمدفوعات الأخرى التى يتعين سدادها بوسائل الدفع غير النقدى، متى جاوزت قيمتها الحدود التى تُبينها اللائحة التنفيذية، وهى: منح التمويل النقدى، وتوزيع أرباح الشركات، ومُستحقات أعضاء النقابات المهنية ومُستحقات المُشتركين بصناديق التأمين الخاصة، وتعويضات التأمين، وصرف الإعانات والتبرعات بواسطة الجمعيات والمؤسسات العاملة فى مجال العمل الأهلى، وسداد المقابل فى حالات الشراء أو الإيجار أو الاستغلال أو الانتفاع بالأراضى أو العقارات أو مركبات النقل السريع بواسطة الجهات والأشخاص الاعتبارية.
كما ألزم القانون كافة الجهات التى تقدم خدمات عامة للجمهور أو تدير مرافق عامة فى المجالات التى تبينها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، بأن تتيح للمتعاملين معها وسائل قبول للدفع غير النقدى فى جميع منافذ تحصيل مقابل الخدمة دون تكلفة إضافية على الدفع بهذه الطريقة.
وهناك أيضا بعض الإيرادات التى يتعين تحصيلها بوسائل الدفع غير النقدى متى جاوزت قيمتها الحدود التى تُبينها اللائحة التنفيذية، وهى: الضرائب والجمارك والرسوم والغرامات ومقابل الخدمات العامة، وأقساط التمويل النقدى وأقساط وثائق التأمين، واشتراكات النقابات وصناديق التأمين الخاصة، وقيمة المساهمة أو الاكتتاب فى رؤوس أموال الشركات أو صناديق الاستثمار أو فى زيادتها، أو فى تسوية مقابل شراء الأسهم والحصص فيها، وكذلك تلقى الإعانات والتبرعات بواسطة الجمعيات والمؤسسات العاملة فى مجال العمل الأهلى، وتحصيل المقابل فى حالات البيع أو الإيجار أو الاستغلال أو الانتفاع بالأراضى أو العقارات أو مركبات النقل السريع بواسطة الجهات والأشخاص الاعتبارية والمنشآت المنصوص عليها فى المادة (2) من هذا القانون.
وفى سبيل تطوير المنظومة الضريبية والتيسير على الممولين والمكلفين فقد أصدر البرلمان المصرى واحدا من أهم التشريعات الضريبية وهو مشروع قانون الإجراءات الضريبية الموحد، والذى يستهدف الاعتماد على وسائل الميكنة الحديثة - بصورة كاملة - فى اتخاذ الإجراءات الضريبية بعد انتهاء مرحلة التحول من الإجراءات الورقية إلى الإجراءات المميكنة، بحيث تصبح هذه الوسائل هى المعتمدة قانوناً فى الإثبات الضريبى وفى التواصل بين الإدارة الضريبية والممول أو المكلف وفى الدفاتر والسجلات التى يتعين عليه إمساكها والفواتير التى يلتزم بإصدارها وتطبيق نظام التوقيع الإلكترونى وتطبيق هذه الوسائل كذلك فى ربط الضريبة وتحصيلها وفى سبل الطعن على نماذج ربط الضريبة.
كما حرص المُشرع المصرى خلال السنوات الماضية على إدراج عبارة الدفع الإلكترونى بمواد القوانين والتشريعات المختلفة التى تنص على تحصيل أية نقود فى شكل ضرائب أو رسوم أو مقابل خدمات أو خلافه، بحيث تكون وسائل الدفع الإلكترونى معتمدة بكافة التشريعات المصرية.
وفى المقابل فقد ضمن المشرع ضوابط لحماية المواطنين من جرائم الاحتيال التى قد يصعب على البعض تفاديها فى ظل التعامل الإلكترونى وحالة عدم الدراية الكاملة لدى الغالبية العظمى بآليات التعامل بوسائل الدفع غير النقدى أو الإلكترونى.
وتصدى قانون حماية مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالقانون رقم 157 لسنه 2018، للجرائم المُرتكبة بواسطة أنظمة معلوماتية، وفى مقدمتها الاحتيال والاعتداء على البطاقات الائتمانية وأدوات الدفع الإلكترونى.
ويعاقب القانون بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر والغرامة التى لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، فى الوصول بدون وجه حق إلى أرقام أو بيانات أو بطاقات البنوك والخدمات أو غيرها من أدوات الدفع الإلكترونية.
وإن قصد من ذلك استخدامها فى الحصول على أموال الغير أو ما تتيحه من خدمات، يعاقب بالحبس وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة التى لا تقل عن مائة 100 جنيه ولا تجاوز 200 ألف، أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا توصل من ذلك إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على تلك الخدمات أو مال الغير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة