تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الجمعة، العديد من القضايا الهامة أبرزها، ردود الفعل العربية والعالمية بشأن القرار الأمريكى برفع اسم السودان من قوائم الارهاب، فيما أشار كتاب آخرون إلى الخطوة المهمة التى اتخذها الشعب السعودي بمقاطة البضائع التركية، وكذلك ما عرضه أحد الكتاب من تفسيرات لموجة التطرف والإرهاب الصاعدة في العالم.
يحى التليدى
" ماذا بعد رفع العقوبات الأمريكية عن السودان؟ .. هذا التساؤل يحاول الكاتب الاماراتى يحى التليدى الاجابة عنه فى مقاله بموقع العين الاماراتى وقال" وصلت جماعة الإسلام السياسي للحكم في السودان بعد الانقلاب الذي قاده عمر البشير بإيعاز من حسن الترابي على حكومة الصادق المهدي عام 1989، وما تلاه من صراع على السلطة انتهى إلى دكتاتورية أنهكت البلاد وأدخلتها في حروب عبثية، وفصلت جنوبها عن شمالها، بل وأصبحت حاضنة للإرهاب ورموزه مما أدى لفرض عقوبات أمريكية حرمت الشعب السوداني من أبسط حقوقه.
بدأت قصة العقوبات الأمريكية على السودان عام 1988 عندما تخلف الأخير عن سداد ديونه، إلا أن العقوبات التي لها علاقة بملف الإرهاب بدأت عام 1993 عند إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، رداً على استضافة نظام البشير لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وفي عام 1997، فرضت الإدارة الأميركية وبقرار تنفيذي من الرئيس بيل كلينتون، عقوبات مالية وتجارية على السودان، تم بموجبها تجميد الأصول المالية السودانية، ومنع تصدير التكنولوجيا الأمريكية له، وألزمت الشركات الأميركية، والمواطنين الأميركيين، بعدم الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع الخرطوم.
وبعد الإطاحة بحكم البشير العام الماضي، وجدت السلطة الانتقالية نفسها أمام أوضاع متأزمة اقتصادياً واجتماعياً، إلى جانب الأوضاع الأمنية المتردية، ومؤامرات الداخل والخارج الهادفة إلى إفشال الثورة وإعادة الإخوان إلى صدارة المشهد، ولكنها واجهت كل تلك العقبات والعوائق بكل صلابة وحنكة، وجعلت حكومة "حمدوك" تحقيق الاستقرار السياسي والأمني وإنقاذ الاقتصاد المتهالك أولوية قصوى لديها، فوقعت اتفاق سلام تاريخي في جوبا طوت عبره صفحة الحرب إلى غير رجعة، وتوصلت بعد حوار طويل مع الإدارة الأميركية إلى تسوية مالية، مهدت لصدور إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرار رفع السودان من قائمة الإرهاب.
اليوم يتجه السودان إلى إنهاء أكبر عقبة أمام الإصلاحات الاقتصادية، وهي رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فهو إنجاز كبير يضع نهاية لواحدة من أكثر تركات النظام السابق الذي خلق دماراً للاقتصاد في هذا البلد وضياعاً لفرص التنمية فيه، إضافة إلى عزلة دولية خانقة.
السودان بالتأكيد لن يضيع هذه الفرصة لبناء مشروع النهضة والسير في طريق التنمية والازدهار، ومن خلفه يصطف الأصدقاء والأشقاء لمساعدته على تجاوز هذه المرحلة الحرجة من تاريخه، وتدشين عهد جديد يعود عبره السودان مارداً كما كان.
قال الكاتب ممدوح المهينى فى مقاله المنشور بصحيفة الشرق الأوسط بعنوان "قطرة السم فى كأس الماء" إنه في محاضرة بجامعة في واشنطن، قدم الأستاذ تفسيرات متعددة لموجة التطرف والإرهاب الصاعدة في العالم. ردد حزمة منها، مثل: ردة فعل على الحداثة ونمط الحياة الغربية التي تهجم على الثقافات المحافظة. تفسير آخر يتحدث عن حالة التهميش التي تعيشها جيوب في الأطراف يعيش فيها ملايين الشباب، فيلجأون إلى ثقافات متطرفة للخروج من الإحباط النفسي.
وأخيراً التفسير الكلاسيكي الذي يرى أن صعود موجة التطرف كان تحدياً للإمبريالية الغربية والأميركية تحديداً.
كل هذه التفسيرات المرتعشة هي أكثر ما يتمناه المتطرفون؛ لأنها تساعدهم وتقدم لهم خدمة مجانية في عمليات التجييش وإثارة المشاعر والتهيئة النفسية لملايين الشباب المسلمين، من خلال التأكيد على أنهم معزولون ومغتربون في عالم لا ينتمي لهم، ويتعرضون لحرب صليبية شعواء تستهدف دينهم وثقافتهم. تبريرات جاهزة قام حتى زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن بالاقتباس منها، من أجل إضفاء شرعية علمية أكاديمية على أفعال تنظيمه الإجرامية.
وتتجاهل هذه التبريرات الخطيرة التفسير الوحيد والحقيقي، وهو أن الإشكالية تكمن في ثقافة التطرف والكراهية التي تنتج شخصيات مريضة، مثل قاطع الرؤوس «الجهادي جونز» وأشباهه. والواقع أن الإرهابيين لابسي الأحزمة، وليس منظروهم، أكثر صراحة ووضوحاً في التنظير لأفعالهم، فهم يُفصحون قبل أن يقدموا على عملياتهم الانتحارية عن السبب الحقيقي لتصرفاتهم، وهو القضاء على الكفار والضالين وتطهير العالم من دنسهم. أي أن محركهم الرئيسي الفكر المتطرف الذي يؤمنون به، وليس زحف الحداثة والغطرسة الإمبريالية، كما يدعون في الجامعات الغربية.
والإشارة إلى أن التطرف هو السبب الحقيقي خلف الإرهاب وثقافة العنف لا تعني حل المشكلة، ولكنها مجرد الخطوة الأولى لحل الإشكالية المعقدة التي يلعب فيها التاريخ دوراً أساسياً. للمسلمين ككل الأمم تاريخان مختلفان؛ أحدهما ناصع مؤلَّف من الفكر المستنير والمتسامح، ومراحل مضيئة من التعايش والاستقرار، وشخصيات عظيمة بكل معنى الكلمة من قادة ومفكرين وأطباء وفقهاء وشعراء، وتاريخ آخر مظلم، شكَّله دعاة متطرفون وقادة وصوليون ومؤرخون مؤدلجون، ومراحل طُمست فيها أي من مظاهر العلم والإبداع. وللأسف التاريخ الثاني تغلب على التاريخ الأول، وشكَّل الثقافة التي امتدت للوقت الحاضر؛ حيث نشأت الأجيال الجديدة بذاكرة تاريخية معدلة، لا تذكر إلا الجانب المظلم من ماضيها.
محسن مفتى
وتحدث الكاتب السعودي محسن مفتى فى مقال له بموقع عكاظ السعودية عن المقاطعة التى دعا إليها الشعب السعودى للبضائع التركية وجاء فى مقاله "المقاطعة الاقتصادية في مواجهة المأزوم التركي" أن الاقتصاد هو العمود والأساس الذي ترتكز عليه سياسات الدول، ومن المستحيل تقريباً فصل السياسة عن الاقتصاد حيث تتميز هذه العلاقة بقدر كبير من التشابك والتداخل والاختلاط، ولطالما أثرت المواقف الاقتصادية على تشكل العلاقات السياسية في كل دولة مع جيرانها أو حتى مع المجتمع الدولي، ويزخر التاريخ بقائمة طويلة من الأمثلة -لا تتسع السطور لسردها- التي توضح طبيعة التداخل بين كل من السياسة والاقتصاد، ولعل العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران لمنعها من الاستمرار في برامج التسليح النووي أحد الأمثلة الجلية على ذلك الترابط الوثيق.
ما يهمنا في هذا السياق هو إلقاء الضوء على الموقف التركي المأزوم حالياً، الذي بات يواجه حملات مقاطعة تجارية واقتصادية شعبية -بل ورسمية من قبل بعض الدول- خلال الآونة الأخيرة وعلى نحو متصاعد، وذلك بالتزامن مع التدخلات السياسية التركية المتزايدة في شؤون الدول الأخرى، في مؤشر على تورط الدولة التركية في أكثر من نزاع وعلى أكثر من جبهة، دون أن تأخذ دوائر صنع القرار في تركيا في الاعتبار التداعيات الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع التركي لتلك السياسات، والذي يعتبر الضحية الأولى والمباشرة لنزوات الرئيس التركي السياسية.
لقد دفعت السياسة الخارجية التركية العديد من دول العالم لأن تأخذ موقفاً صارماً وموحداً ضد البضائع التركية أدى إلى مقاطعتها أو فرض رسوم جمركية مرتفعة عليها كنوع من معاقبة صانع القرار التركي لحثه على التراجع عن سياساته الاستفزازية، وهو ما فعله الاتحاد الأوروبي وعدد من دول شمال أفريقيا وبعض دول الخليج العربي، وما نشهده حالياً من وعي شعبي ولاسيما من التجار السعوديين بأهمية مقاطعة المنتجات التركية يدل على إدراك عميق من كثير من الفئات بضرورة الوقوف مع الدولة جنباً إلى جنب ضد المارد التركي وأزلامه في المنطقة.
لا شك لدينا في أن تشجيع الدولة لحملات مقاطعة المنتجات التركية لا يعني إطلاقاً التدخل في شؤون التجار والمستوردين، وإنما يهدف لتحقيق هدف أسمى وأشمل يمثل حماية كيان الدولة نفسه والحفاظ عليه، كما أنه من المؤكد أن حملات المقاطعة لا تهدف إلى الإضرار بمصالح الشعب التركي على الإطلاق، فالشعب التركي لا ذنب له في سياسات رئيسه الاستفزازية، ولكن الهدف منها هو تضييق الخناق على الرئيس التركي ليتخلى عن أطماعه التوسعية ويعيد النظر مرة أخرى في سياساته التي أضرت به وبشعبيته وبمكانة دولته، ومن أجل أن يضع مصالح شعبه كأحد أهم أولوياته كما تفعل الدول المعتدلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة