يواصل اليوم السابع تقديم خدماته فتوى اليوم حيث ورد سؤال للجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وهو : طلقنى زوجى طلقة بائنة على الإبراء، وفى أثناء العدة ادعى بأنه قام بمراجعتى باعتبار أنه يملك هذا الحق شرعًا، والسؤال : هل يملك زوجى مراجعتى فى الطلاق البائن ؟، وجار رد اللجنة كالآتى:
الطلاق على الإبراء طلاق بائن، فإن كانت الطلقة الأولى أو الثانية، فلا تحل لمطلقها إلا بعقد ومهر جديدين وإذنها ورضاها، سواء أكانت فى العدة أو بعد انتهائها .
أما مراجعتها بدون عقد ومهر جديدين ورضاها فلا يملكه مطلقها ؛ لأن بطلاقها طلاقًا بائنًا أصبحت أجنبية عنه .
يقول الشيخ خلاف ( وأما الطلاق البائن بينونة صغرى: فهو طلاق الزوج لزوجته قبل الدخول الحقيقى بها، أو طلاقه إياها فى مقابل مال تفتدى به نفسها، ولم يكن مسبوقا بطلقة أصلا أو كان مسبوقا بطلقة واحدة، وحكمه سواء أكان أول الطلقات أم ثانيها أنه يترتب عليه نقص عدد الطلقات، وإزالة قيد الزوجية فى الحال بمعنى أنه بمجرد صدوره يزيل ملك الاستمتاع الذى كان ثابتا بالزواج, ولا يعود هذا الملك إلا بعقد ومهر جديدين بتراضى الزوجين فى العدة وبعدها, ولكنه لا يزيل الحل بمعنى أن المطلق بائنا بينونة صغرى يحل له أن يعقد على مبانته فى العدة وبعدها بدون حاجة إلى زوج آخر يحلها؛ لأنها بالبينونة الصغرى لم يقم بها سبب من أسباب التحريم المؤبدة أو المؤقتة وإذا كان البائن بينونة صغرى يرفع قيد الزواج بمجرد صدوره فلا يحل لأحد الزوجين الاستمتاع بالآخر ولا الخلوة به وتكون منه بمنزلة الأجنبية، وإن مات أحدهما فى العدة أو بعدها فلا يرثه الآخر إلا فى حالة الفرار كما سيجيء، ويحل به مؤخر الصداق المؤجل إلى أحد الأجلين الموت أو الطلاق ).
أما إذا كانت الطلقة على الإبراء هى الطلقة الثالثة، فقد بانت منه بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، نكاحا شرعيا يحصل به وطء كامل، وليس بنية التأقيت ؛ لقوله تعالى:{ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أن يَتَرَاجَعَا أن ظَنَّا أن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ }( البقرة : 230) ففى الصحيحين عن عائشة - رضى الله عنها- قالت:« جاءت امرأة رفاعة القرظى إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- فقالت: كنت عند رفاعة، فطلقنى فبت طلاقى، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هدبة الثوب، فقال:" أتريدين أن ترجعى إلى رفاعة ؟ لا، حتى تذوقى عسيلته ويذوق عسيلتك » . وذوق العسيلة كناية عن الجماع...
قال الكسانى الحنفى فى البدائع ( فَالْحُكْمُ الْأَصْلِى لِمَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ، وَالثِّنْتَيْنِ الْبَائِنَتَيْنِ هُوَ نُقْصَانُ عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَزَوَالُ الْمِلْكِ أَيْضًا حَتَّى لَا يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَلَا يَصِحُّ ظِهَارُهُ، وَإِيلَاؤُهُ وَلَا يَجْرِى اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَجْرِى التَّوَارُثُ وَلَا يُحَرَّمُ حُرْمَةً غَلِيظَةً حَتَّى يَجُوزَ لَهُ نِكَاحُهَا مِنْ غَيْرِ أن تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثَةِ - وَإِنْ كَانَ بَائِنًا - فَإِنَّهُ يُوجِبُ زَوَالَ الْمِلْكِ لَا زَوَالَ حِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ).
قال القرطبى: من ادعى بعد انقضاء العدة أنه راجع امرأته فى العدة فإن صدقته جاز وإن أنكرت حلفت فإن أقام بينة أنه ارتجعها فى العدة ولم تعلم بذلك لم يضره جهلها بذلك وكانت زوجته وإن كانت قد تزوجت ولم يدخل بها ثم أقام الأول البينة على رجعتها فعن مالك فى ذلك روايتان : إحداهما - أن الأول أحق بها والأخرى - أن الثانى أحق بها فإن كان الثانى قد دخل بها فلا سبيل للأول إليها.
قال ابن قدامة ( وَجُمْلَتُهُ أن الرَّجْعَةَ لا تَفْتَقِرُ إلى وَلِى , وَلا صَدَاقٍ , وَلا رِضَى الْمَرْأَةِ , وَلا عِلْمِهَا . بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ ).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة