حاولت قطر خلال الشهور الماضية التسويق لمزاعم حول تقربها من المملكة العربية السعودية على حساب حلفاء المملكة، لضرب تحالفاتها ما من شأنه التأثير أيضًا على استقرار المنطقة بشكل سلبي، فيما جاءت المؤشرات فيما بعد نافية كل الادعاءات القطرية جملة وتفصيلًا؛ مؤكدة على تمسُك القيادة السعودية بسياساتها الرافضة لكل من يعمل على دعم وتمويل الإرهاب أو انتهاج سياسات مناوئة لأمن المنطقة والحلفاء.
وأعلن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان أن العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز سيدعو إلى قمة لقادة الدول المشاطئة للبحر الأحمر، لافتًا خلال اجتماع لوزراء خارجية الدول المشاطئة والذي عُقد في الرياض أمس الأثنين أن السعودية حريصة على التعاون والتنسيق مع أشقاءها من الدول الأعضاء بهدف التصدي للمخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة.
وللوقوف على الأمر بشكل أوضح تحدث أستاذ الإعلام السياسي السعودي البارز، الدكتورعبدالله العساف حول سياسات المملكة تجاه الملفات الشائكة التي تعاني منها المنطقة على مدار سنوات. وقال في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": "في كل مناسبة ومحفل سياسي تُجدد السعودية تأكيدها على موقفها الثابت في دعم أمن واستقرار المنطقة، والدعوة إلى اللجوء إلى سلاح الحوار، والتأكيد المستمر على إيمانها بمبدأ الحوار وحل النزاعات بالطرق السلمية، وليس أخرها ما دعت إليه من التهدئة عقب هلاك جنرال الإرهاب قاسم سليماني، فالمنطقة العربية ليست بحاجة إلى المزيد من الصراع والحروب التي تزيد جراحها ألمًا".
وأكد الخبير السعودي على أن الموقف السعودي راسخ وداعم تجاه جميع الأزمات، وأنه متوافق إلى حد كبير مع الموقف المصري؛ لما بين قيادتي القاهرة والرياض من علاقات راسخة وقوية على مدار التاريخ.
وأشار إلى أن الأهمية القصوى من قبل السياسات السعودية تأتي تجاه القضية الفلسطينية باعتبارها منطلقًا نحو استقرار المنطقة، وأن أي حل للأزمة يجب أن يكون على أساس حل الدولتين وفقًا للمرجعيات الدولية، ومبادرة السلام العربية لعام 2002، التي تضمن قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين، وإنهاء احتلال إسرائيل للجولان العربي السوري المحتل وللأراضي اللبنانية المحتلة.
وفي الشأن السوري، أوضح "العساف" أن المملكة دائمًا ما تدعو وتؤكد على وحدة وعروبة سوريا وضرورة التوصل إلى حل سياسي ينهي معاناة شعبها، ويضمن العودة الآمنة والطوعية للاجئين من أبنائه وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، مع تأكيدها المستمر على خروج جميع المليشيات المسلحة من سوريا، والتي تتبنى أجندات خارجية تسعى إلى تدمير سوريا وجعلها مسرحًا لزعزعة أمن المنطقة وسلامتها، مضيفًا حول الموقف السعودي تجاه العراق بأنه "لا يختلف عن مثيله في سوريا، حيث تتبنى المملكة مقاربة سياسية قائمة على أولوية تحقيق الاستقرار في العراق خصوصًا بعد الغارة الأمريكية التي أدت إلى مقتل قاسم سليماني وزمرته".
وعن الملف اليمني أكد الخبير السياسي السعودي على أن بلاده قدمت الدعم الكامل للحكومة اليمنية والشعب اليمني في ظل الأزمة التي يمر بها، وفي شتى المجالات من أجل الوصول إلى حل سياسي شامل وإعادة الاستقرار لليمن. وقد تجلى ذلك مؤخرًا بالتوصل إلى اتفاق الرياض بين الأشقاء في اليمن. وفي السودان فقد أعلنت المملكة دعمها الكامل لاتفاق تقاسم السلطة الذي تم توقيعه في السودان، باعتباره اللبنة الأولى لبناء دولة متمكنة اقتصاديًا وأمنيًا، وقد تجلّى الدور السعودي في إعراب المبعوث الأفريقي إلى السودان "محمد الحسن ولد لبات" عن تقديره لدور السعودية في تسهيل التوصل إلى الاتفاق بين المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية والتغيير.
وكذلك لم تتوان المملكة عن محاولة انتشال ليبيا من أزماتها المتفاقمة، بدءًا من أزمة لوكربي الشهيرة، إلى رفضها وتنديدها بالتدخل التركي في الشأن الليبي مؤخرًا، وخطورة ذلك على الأمن القومي العربي فضلًا عن كونه انتهاكًا صريحًا لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمعاهدات الدولية.
وأضاف أن "بالنظر إلى منطلقات الدور السعودي ومرتكزات التحرك لحماية الوطن العربي نجده يأتي من الدور السعودي الفاعل في منطقة الشرق الأوسط انطلاقًا من ضرورات تحقيق الأمن والاستقرار بها، وهو ما تجلّى بشكلٍ واضح في رؤية المملكة 2030، والذي تضمن في جزءٍ منه تعزيز مكانة المملكة إقليميًا وعالميًا، والدفع بمسيرة التعاون المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بإطلاق مجموعة من الشراكات الاستراتيجية، وتحقيق المصالح السعودية على الصعيدين الإقليمي والدولي".
وتابع "العساف" بأن "في المجمل، فإن الدور السعودي في منطقة الشرق الأوسط هو دور محوري، في إطار دبلوماسية نشطة لا تتوانى عن خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، ويمكن النظر إلى ذلك الدور باعتباره ضرورة مُلّحة من أجل مواجهة التدخلات الخارجية التي تعصف ببعض دول الإقليم، حيث تدرك القيادة السعودية أن أي تأزُّم في الأوضاع الداخلية أو أي تراجع في سيادة بعض الدول العربية، هو مرض في الجسد العربي بأكمله، يجب التعامل معه عبر أدوات متنوعة، تستلزم توظيف القوة جنبًا إلى جنب مع استغلال الدبلوماسية، وبالتوافق مع الشركاء الإقليميين في المنطقة لمواجهة التحديات المختلفة واستثمار الفرص المتاحة بأفضل شكل ممكن".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة