يرتبط ظهور مصطلح الملاذات الآمنة بأوقات الحروب والأزمات الجيوسياسية والاقتصادية، وهو مصطلح يتعلق بالأصول التى يلجأ إليها المستثمرون خلال فترة عدم الاستقرار وارتفاع المخاوف فى الأسواق، إذ يقلق المستثمرون من قدرتهم على الوصول على الأموال واستخدامها أكثر من قلقهم إزاء العائد الذى من الممكن أن يربحوه من الأسواق.
وتتخذ الملاذات الآمنة أشكالاً مختلفة بما فيها العملات والمعادن الثمينة والسندات وغيرها، منها أسواق العملات ذات السيولة العالية مثل الين والفرنك السويسرى، ويرجع ذلك لعدة أسباب، فبالنسبة للين يعود لدولة اليابان وهى ثالث أكبر اقتصاد فى العالم، كما أن الين ثالث أكبر العملات تداول عالمياً، ومعدل الفائدة هناك منخفض جداً، فضلا عن أنه لدى اليابان صافى إيجابى من الأصول الأجنبية فى الداخل والخارج، والأهم من ذلك أن أسواقها المالية ذات سيولة عالية جداً.
أما بالنسبة لسويسرا، فإن نظامها المالى من الأكثر استقراراً فى العالم على مدار التاريخ، ولم يتأثر بالأزمات الاقتصادية، بالإضافة إلى سياسة البنك المركزى السويسرى الذى يحافظ على مستوى سيولة مرتفعة فى السوق المحلى، ويجذب المزيد من الأموال الأجنبية، ولهذا استطاع الفرنك السويسرى التحول إلى ملاذ آمن للاستثمارات العالمية الباحثة عن الاستقرار.
وينافس الذهب، العملات الورقية كأكثر الملاذات الآمنة، إذ تتزايد أسعاره تدريجياً مع ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع حيازات صناديق الاستثمار والتحوط، وتشير البيانات الرسمية أو الدراسات إلى هروب مليارات ضخمة من أسواق الأسهم إلى الذهب كأحد أهم الملاذات الآمنة، فعلى سبيل المثال ارتفع سعر الذهب خلال الفترة من عام 2008 حتى عام 2011 بنسبة 165%.
وهناك أيضاً نوع آخر من الملاذات الآمنة، وهى سندات الخزانة، والتى تكتسب ثقة المستثمرين فى الأسواق العالمية لأنها مضمونة من الحكومات، التى تصدرها، ولا تستطيع التخلف عن سدادها، مثل السندات الأمريكية، والتى تقدم عائد ثابت وتستمد قيمتها من قوة المركز المالى الأمريكى، وخلال الفترة بين عامى 2008 و2011 ارتفعت قيمة السندات الأمريكية بنسبة 50%.
ويواجه الشرق الأوسط، توترات جيوساسية بعد مقتل قاسم سليمانى قائد فيلق القدس بالحرس الثورى الإيرانى فى ضربة أمريكية، اليوم الجمعة، كما قتل فى الضربة الأمريكية أبو مهدى المهندس القيادى بالحشد العراقى، مما يصعد التوترات فى الشرق الأوسط.
وأدت هذه التوترات، إلى قفزة فى عملات الملاذ الآمن والتى حققت أعلى مستوياتها فى شهور، إذ سجل الين اليابانى ذروته فى شهرين عند 107.92 مقابل الدولار الأمريكى وزاد 0.5 % فى أحدث سعر له، وصعد الفرنك السويسرى، إلى أعلى مستوياته فى 4 أشهر عند 1.0824 مقابل اليورو، وبلغ الدولار الأمريكى أعلى مستوياته فى أسبوع أمام العملة الأوروبية الموحدة.
الأمر نفسه بالنسبة لأسعار الذهب التى ارتفعت بنسبة 1% لتصل إلى أعلى مستوياتها فى أربعة أشهر، فيما قفزت العقود الآجلة لخام برنت حوالى 3 دولارات لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ سبتمبر، مما يثير المخاوف من تصاعد للتوترات فى الشرق الأوسط قد يعطل إمدادات الخام
وتُعرف الملاذات الآمنة بأنها الاستثمار الذى من المتوقع أن يحتفظ بقيمته أو حتى زيادة قيمته فى أوقات اضطراب الأسواق، ويلجا المستثمرون إلى الملاذات الآمنة للحدّ من تعرضهم للخسائر فى حال تراجعات الأسواق، ومع ذلك، فإن ما يُعتبر ملاذا آمنا اليوم يتغير بمرور الوقت مع تغير ظروف السوق، وما يبدو أنه استثمار آمن فى سوق معينة بظروف معينة قد يُصبح استثماراً كارثيا فى سوق أخرى بنفس الظروف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة