مما لا شك فيه أن المحاكم المصرية تكتظ بملايين الدعاوى القضائية المتعلقة بالمؤجر والمستأجر، وذلك لأسباب عدة تنشأ عنها النزاعات بين الطرفين نتيجة عدم الدراية الكاملة لحقوق كلا الطرفين وواجباتهما تجاه بعضهما البعض، فتكون المحكمة هي الطريق الأمثل لحل النزاع القائم.
كما أن هناك العديد من الأسئلة الخاصة بالعقارات المتعلقة بالمؤجر والمستأجر تشغل الرأي العام حرصاَ من الطرفين على معرفة كل منهما ما له وما عليه من حقوق وواجبات تجاه الأخر، لعدم الوقوع في خطأ قد يؤدى إلى رفع دعاوى قضائية، حيث أن الإيجار هو الجانب المهم من جوانب الحياة في المعاملات المادية، وعقد الإيجار من العقود التي يحتاجها الناس، ويكثر التساؤل حول أحكامها، نظراً لكثرة التعامل بها بين الناس.
إشكالية تشغل بال ملايين المستأجرين
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تشغل ملايين المستأجرين وتعمل على تحديد العلاقة بينه وبين المالك أو المؤجر تتضمن في السؤال التالي.. هل يجوز للمستأجر أن يمتنع عن تسليم العين المؤجرة رغم انتهاء مدته في عقد الايجار فيحبسها حتى يستوفى من المؤجر التزامه برد ما أنفقه من تحسينات أو ما زاد في قيمة العقار؟ – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض عماد الوزير.
كيف حافظ المشرع على حق المالك؟
في البداية – يجب أن نعلم أن المادة 592 من القانون المدني نصت على أن: "إذ أوجد المستأجر فى العين المؤجرة بناء أو غراساَ أو غير ذلك من التحسينات مما يزيد من قيمة العقار، التزم المؤجر أن يرد للمستأجر عند انقضاء الإيجار ما أنفقه في هذه التحسينات أو ما زاد فى قيمة العقار ما لم يكن هناك اتفاق يقضى بغير ذلك، فإذا كانت تلك التحسينات قد استحدثت دون علم المؤجر أو رغم معارضته كان له أيضاَ أن يطلب من المستأجر إزالتها وله أن يطلب فوق ذلك تعويضاَ عن الضرر الذى يعيب العقار من هذه الإزالة إن كان للتعويض مقتضى" – وفقا لـ"الوزير".
كيف حافظ المشرع على حق المستأجر؟
إلا أن القانون المدني كما صان وحافظ على حقوق المؤجر أو المالك في هذا الشأن، فقد حافظ حقوق المستأجر أيضاَ من خلال نص المادة 246 من ذات القانون على أن: "لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به، ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفى ما هو مستحق له".
ومفاد ذلك أن لحائز الشيء الذى أنفق مصروفات ضرورية أو نافعة حق حبسه حتى يستوفى ما هو له يستوى في ذلك أن يكون الحائز حسن النية أو سيئها إذ أعطى القانون بهذا النص حق الحبس للحائز مطلقاَ ما لم يكن هناك اتفاق يقضى بغير ذلك ومن ثم يجوز للمستأجر أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه برد العين، فيحبسها حتى يستوفى من المؤجر التزامه برد ما انفقه من تحسينات أو ما زاد في قيمة العقار، وأنه إذا كان التحقيق بواسطة أرباب الخبرة جائزاَ قانوناَ وكان هذا التحقيق هو الوسيلة الوحيدة للخصم في إثبات مدعاه فلا يجوز للمحكمة رفضه بلا سبب مقبول.
تصدى محكمة النقض للأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة فى الطعن المقيد برقم 5945 لسنة 81 قضائية تاريخ الجلسة 2-5-2012، برئاسة المستشار خالد يحيى دراز حينما قضت بحق المستأجر في حبس العين والامتناع عن تسليمها لوجود حق له فى استيفاء ما أنفقه من تحسينات نافعة رغم انقضاء مدة العقد وأن الحكم محل الطعن أخطأ حينما قضى بالطرد للغصب رغم تمسك الطاعنين بحق الحبس.
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعنين الدعوى رقم 588 لسنة 2010 أمام محكمة دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بإثبات انتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/8/96 وطردهما من العين محل التداعي والتسليم لانتهاء مدة العقد وعدم رغبتهم في تجديده، فحكمت المحكمة بالطلبات.
استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 6163 لسنة 66 ق لدى محكمة استئناف إسكندرية "مأمورية دمنهور" وبتاريخ 26/1/2010 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها، وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وبياناً لذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأنهما أجريا تحسينات بالعين المؤجرة وأن من حقهما حبسها تحت يدهما حتى يستوفيا ما أنفقاه من المطعون ضدهم وطلبا ندب خبير أو إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع وقضى بطردهما من عين التداعي والتسليم مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة