تمر السنوات وتبقى بطولات الشهداء فى ذاكرة الأذهان لا تمحى منها مهما مرت السنين ومضت الأيام، لأن أصحاب هذه البطولات لم يصنعوا قصصاً من الخيال، ولكنهم ضحوا بأرواحهم فداء لتراب الوطن واستقرار أمنه، وراقت دمائهم فداءً وتضحية لأجل آخرين.
وفى الذكرى الـ68 لعيد الشرطة، تظل محافظة أسوان محتفظة بذاكرة من سجل بطولات شهداء من أبناء هذا الجهاز الذين استطاعوا أن يحفروا أسمائهم من نور فى ذاكرة تاريخ أسوان حتى بقت ذكراهم تفوح منها العطور، ومنهم: "الشهيد محمد مشالى" وغيره الكثير الذين لا تتسع السطور لسرد تفاصيل تضحياتهم.
ويعد الشهيد النقيب محمد مشالى إبن أسوان والذى استشهد فى نوفمبر 2012 ، وكان يترأس الخدمات الأمنية بقرية أبوالريش عقب اندلاع أعمال عنف فيها، راح ضحيتها شاب وأصيب نحو 10 أشخاص، إثر تجدد أعمال العنف أصيب الضابط برصاصة فى ساقه واستشهد على إثرها بعد نقله من أسوان للقاهرة، وينتمى الشهيد إلى عائلة مشالى أكبر عائلات أسوان، وابن اللواء أبوالنصر مشالي، الرئيس السابق للسجون الحربية، وشهدت المدينة آنذاك حالة من الحزن والغضب بعد وفاة الضحية متأثرا بإصابته فى مستشفى المعادى.
وقال أصدقاء وأقارب الضحية إنه كان محبوبا من الجميع فى الشارع وفى العمل، وتخرج فى كلية الشرطة عام 2006 وعمل فى أسوان حتى إصابته أثناء تأدية واجبه وتأمينه دفن جثمان شاب قُتل فى مشاجرة بين عائلتين فى المدينة.
وفى جنازته كان المشهد مهيباً فمنذ خروج جثمان الشهيد من مطار أسوان وإذ بالآلاف من المشيعين فى جنازة الشهيد محمد أبو النصر مشالى، الذى شهدت جنازته العسكرية على كورنيش النيل ترديد هتافات "الشهيد حبيب الله"، وبعد انتهاء مراسم الجنازة العسكرية تم نقل الجثمان إلى مدينة إدفو لدفنه فى مسقط رأسه بقرية الرمادى، حيث كان فى استقبال الجثمان عائلة الشهيد محمد مشالى وكبار عائلات مركز إدفو، وتم تشييع الجثمان مرة أخرى فى جنازة شعبية مهيبة حضرها الآلاف من أهالى مركز إدفو وتم دفن الشهيد فى مقابر العائلة.
كما قدمت محافظة أسوان شهيدى شرطة من المجندين أبناء مركز كوم أمبو بمحافظة أسوان، وهما الشهيدا مصطفى عدلى محمد توفيق، من قرية أقليت، ومصطفى رمضان محمد على، من قرية السلسلة بحرى وهما مجندان من قوات شرطة شمال سيناء واللذان اغتالتهما يد الإرهاب الأسود أثناء تعاملهم البطولى أمام شراذم الإرهابيين وتصديهما مع زملائهم الأبطال لمحاولة استهداف مرتكزات لقوات الشرطة فى مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء .
قال الحاج رمضان والد الشهيد مجند مصطفى رمضان محمد على، إن الشهيد كان ترتيبه الثالث بين أخواته ويكبره الأخ الأكبر عبد الكريم ٢٣ عاما حاصل على دبلوم تجارة وأخوه شعبان وبعده أخوين هما محمد وأحمد، لافتاً إلى أن الشهيد لم يحصل على الابتدائية لأنه ترك الدراسة فى الصف الرابع الابتدائى للعمل باليومية فى الزراعة لمساعدتى على ظروف المعيشة الصعبة "لأننى اشتغل" عامل بمديرية الرى.
وأضاف والد الشهيد، لـ"اليوم السابع"، أن الشهيد مصطفى استشهد مع صديقه الشهيد مصطفى عدلى محمد توفيق من قرية أقليت بنفس المركز، مشيرا إلى أن ابنه مصطفى تعرض لإطلاق النار أكثر من مرة من بينهم مرة تعرض لإطلاق النيران من الإرهابيين وأصيب فيها بطلقة فى الخوذة ومرة أخرى أصيب بطلقة فى يديه، وعلق قائلاً: "عندما أخذ الأجازة وعاد للمنزل حكى لى عن المخاطر التى يتعرضون لها هو وزملاءه فى سيناء من قبل الإرهابيين، وكنت أقول له لا تذهب مرة أخرى ولكنه أصر على الذهاب إلى سيناء وقالى لى "يا والدى الرب واحد والعمر واحد" وأتمنى استشهد فى سيناء ولم يتنازل عن الذهاب لخدمة وطنه حتى نال الشهادة فى المرة الثالثة.
وتابع والد الشهيد قائلاً: "اتصل ابنى فور وصوله لسيناء وقال لى يا حاج أنا وصلت سيناء وطلب منى الدعاء له، ثم اتصل بى قبل الحادث وقالى لى: يا حاج أنا لو استشهدت اقرأ لى الفاتحة، وعلق: "وكأن قلبه كان حاسس أنه خلاص أمنيته ستتحقق"، وختم الأب المكلوم حديثه بالدعاء لمصر قائلا: "ربنا ينصر مصر على الإرهابيين ويبارك فى جيشها وينصرهم"، وردد: "تحيا مصر تحيا مصر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة