رغم ابتعاد قطر عن الصورة فى الأزمة الليبية، وتسليط الأضواء على رجب طيب أردوغان الدكتاتور التركي ومحاولاته المستميتة التدخل العسكرى فى ليبيا، متحديًا العالم الرافض لدمويته، ظهرت قطر الحليف متسترة بعباءة الخير كعادتها، معلنة إرسال مساعدات خيرية وطبية إلى دولة ليبيا، عبر الأراضى السودانية، إلا أن السلطات كشفت خيوط المؤامرة، بعدما تبين أن بين المساعدات أسلحة نارية وقنابل مقدمة للمرتزقة وعناصر المليشيات المتواجدة فى الأراضى الليبية.
وكشفت تقارير إعلامية سودانية عن ضبط رجال قوات الدعم السريع فى السودان لشحنة أسلحة ضخمة في منطقة شمال دارفور، وتحتوى الشحنة على عدد كبير من الأسلحة الآلية والنصف آلية إضافة إلى كم كبير جدا من الذخيرة، وبالتحرى تم الكشف عن مسار الشحنة، حيث تبين أنها في طريقها إلى دعم مجموعات المليشيات الإخوانية فى طرابلس الليبية، لتنفيذ الأوامر التركية بدعم حكومة فايز السراج فى مواجهة قوات الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر.
ولم تكن هذه هى الواقعة الوحيدة التى أظهرت قطر على حقيقتها، وارتباطها بدعم وتمويل الإرهاب فى القارة السمراء، حتى وإن حاولت تزييف أسباب توغلها، وبحثها عن موطئ قدم تنشر من خلاله قواتها وتدعم أذرعها الإرهابية المتمثلة فى الحركات المتطرفة المتشددة التى تقتل باسم كل ما يخدم مصالحها، وتخصب تربتها بدعم مالى منقطع النظير، لتفاقم معاناة الأفارقة وتزيدهم تمزقًا وفقرًا.
بدوره، كشفت تقارير غربية على مدار الأشهر القليلة الماضية أن قطر حاولت ولا تزال استعادة نفوذها فى القارة السمراء، حيث أجرى أميرها تميم بن حمد جولة فى دول غرب افريقيا، وبالتحديد فى 6 بلدان هم مالي وبوركينا فاسو وكوت ديفوار وغانا وغينيا والسنغال، بعد انتكاستها التى يعانى فيها جهدها التخريبى فى دول شمال إفريقيا العربية مثل مصر وليبيا، وتراجع دور الجماعات الإرهابية هناك، والتى تلقت ضربات موجعة وقاتلة فى مصر والعراق وسوريا.
وتحت ستار الدعم والمساعدة فى مجالات مكافحة الفقر، وبحقائب مليئة بالريالات، استطاعت قطر التسلل إلى دول القارة السمراء، إلا أن حقيقة الأهداف تكشفت يوماً تلو الآخر، ليظهر وجه "الحمدين" الحقيقى، وحقيقة أهدافه المتمثلة فى إيصال الدعم بالمال والسلاح واللوجستيات للجماعات المتطرفة، وتوجيه ضرباتهم الإرهابية لزعزعة استقرار الدول بما يصب فى صالح الدوحة، لاستغلال مواردها، فتقارير الخزانة الأمريكية أثبتت إنشاء الدوحة مؤسسات خيرية فى 14 بلدًا إفريقيًا تزدهر فيهم الحركات الإرهابية.
وكان آخر تدخلات قطر فى ليبيا التى كشفت حقيقتها هو مقتل السفير الأمريكى، جون ستيفينز، عندما تمت مداهمة مبنى السفارة الأمريكية في بني غازى، من قبل جماعة إرهابية، حيث تبين أن مرتكبى الجريمة مليشيات أنصار الشريعة، التي تم إنشاءها من قبل عدد من المتطرفين المنتمين في السابق لكتائب راف الله الصحاتى، والتى شاركت أيضًا في تحالف فجر ليبيا، والذي تم دعمه من قطر، عبر تهريب أسلحة ثقيلة له من خلال الأراضى السودانية.
وارتبط اسم قطر بحركة الشباب الصومالية المنفذة للكثير من الهجمات الإرهابية، والتى كان أبرزها تفجير نيروبى عاصمة كينيا، الذى راح ضحيته عشرات القتلى والمصابين، والذى وقع بعد أيام من زيارة وفد عسكرى قطرى إلى العاصمة الصومالية مقديشو ولقائه قيادات عسكرية من الجيش الصومالى لبحث تعزيز دعم قطر للجيش الصومالى.
وبدأت قطر تتدخل فى الصومال عسكريا على غرار التدخل التركي الهادف لزيادة نفوذ تركيا فى القارة الافريقية بشكل عام، وقد لحق بهذه الزيارة تسلم الحكومة الصومالية 68 سيارة مدرّعة كمنحة من وزارة الدفاع القطرية للجيش الصومالى.
وفى تقرير أصدرته وزارة الخزانة الأمريكية أشارت إلى أن قطر هى أحد أخطر الدول الممولة للجماعات المتطرفة والإرهابية في القرن الأفريقي، وعلى رأسها الصومال وحركة الشباب الإرهابية، حيث وضعت رجل الأعمال القطرى عبد الرحمن النعيمى والذى يحظى بحصانة قطرية ورفضت تجميد حساباته، على رأس القائمة السوداء لممولى الإرهاب، وأعلنت قيامه بدعم حركة الشباب الصومالية بمبلغ 250 ألف دولار مؤخرًا، ويتم تحويل الأموال إلى الصومال عبر طريق أريتريا.
كما كشفت صحيفة "لوكانار أنشينيه" الفرنسية، قيام قطر مؤخرًا بدعم حركات "التوحيد والجهاد" في غرب أفريقيا و"الانفصاليين الطوارق" فى مالى ، دعما ماليا من قطر بحجة المساعدات والغذاء.
وفيما نشرت صحف فرنسية، تقارير قدمتها الاستخبارات العسكرية إلى رئيس أركان الجيوش الفرنسية أكدت أن أكثر من حركة فى مالى تستفيد من الدعم المالى القطرى، سواء بالحصول على مساعدات لوجستية أو مساهمات مالية مباشرة تحت غطاء جمعيات خيرية وإنسانية تنشط هناك.
وأظهرت وثائق نشرها موقع التسريبات الشهير "ويكليكس" استقطاب الدوحة لـ"خلية عبدالقادر مؤمن" التابعة لحركة الشباب الإرهابية في الصومال، والتي أعلنت انفصالها مؤخراً عن الحركة وبايعت تنظيم داعش واستقرت في شمال الصومال، وأصبحت تتلقى التدريبات والتمويلات بشكل مباشر من المخابرات القطرية تحت ستار مساعدات التنمية والإغاثة الإنسانية، حيث مولت الخلية بـ"100 مليون دولار"، وهناك عملية نقل سلاح داخل الصومال من خلال "جماعة بوكو حرام" الإرهابية والناشطة في أفريقيا، والتى بايعت داعش عبر الشريط الساحلي التى تسيطر عليه عناصر تابعة لداعش.
ولا يخفى على أحد ما نشرته التقارير الإعلامية التى توضح أن قطر تقدم دعمها للحركات الإسلامية المتطرفة فى منطقة الساحل الصحراوى حيث أرسلت السفارة القطرية فى العاصمة المالية باماكو من خلال جمعية الهلال الأحمر فى مالى مواد بترولية وتموينية للحركات المتطرفة المنتشرة فى شمال البلاد، وأيضا دعمت منظمة الهلال الأحمر القطرية المتواجدة فى النيجر حركة " التوحيد والجهاد" بغرب أفريقيا التابعة لتنظيم القاعدة ، ورصدت الأجهزة الأمنية هناك توجه الارهابى إياد غالى زعيم جبهة "نصرة الإسلام والمسلمين" التى تنشط بمنطقة الساحل الصحراوى الى قطر فى أغسطس 2018.
ويتسع الدعم القطرى للإرهاب فى أفريقيا إلى اريتريا ليشمل حركات المعارضة الاسلامية المتشددة وهى حركة الجهاد الاريترية والحزب الإسلامى الاريترى وجبهة التحرير وجبهة الانقاذ بغرض إثارة المشاكل فى أسمرة ومحاولة اسقاط نظام الرئيس أسياسى أفورقى.
وحتى لا تخرق قطر عاداتها المقدسة فى كشف سوءاتها، قررت تصعيد النزاع بين أريتريا وجيبوتى ، حيث قامت بشكل مفاجئ سحب قواتها لحفظ السلام المنتشرة فى المنطقة المتنازع عليها بين البلدين بعد دعم اريتريا وجيبوتى لدول المقاطعة العربية ضد قطر.
ولم تسلم السنغال من التدخل القطرى فى الشأن الداخلى، فقد انتقد سياسيون سينغاليون تدخل قطر لدى السلطات السنغالية لإطلاق سراح الوزير السابق كريم واد نجل الرئيس السنغالي السابق عبدالله واد، معتبرين أن الأمر شأن داخلي، لا يحق لأى دولة أجنبية التدخل فيه، وانزعج السنغاليون أكثر عندما غادر كريم واد الأراضي السنغالية متوجهاً للدوحة ساعات قليلة بعيد إطلاق سراحه، عقب أن أعلن ترشحه للرئاسيات المقبلة.
وكان القضاء السنغالي قد حكم على كريم ست سنوات نافذة على ذمة التحقيق بتهمة الإثراء غير المشروع، واختلاس قرابة 200 مليون دولار خلال حكم والده حيث شغل مناصب حكومية سامية، لكن قطر ضغطت على السنغال حتى أطلقت سراحه، وبدأ تحضير حملته الانتخابية لرئاسة السنغال من الدوحة.
فيما أطلقت قطر سلاحها الإعلامى المتمثل فى قناة الجزيرة، كفيروس انتشر فى المنطقة الأفريقية، حيث لم تكتف فقط بالبث العربى، بل أطلقت قناة باللغة السواحلية تستهدف قرابة 100 مليون نسمة في جنوب وشرق أفريقيا، وتعمل منذ سنوات على إطلاق قناة ناطقة باللغة الفرنسية تبث من العاصمة السنغالية داكار، لاستهداف سكان غرب القارة السمراء.
وتشير بعض الإحصائيات إلى أن جهاز "قطر" للاستثمار ضخ في السنوات الأخيرة ما يربو على 30 مليار دولار في المنطقة، خاصة في السودان وإثيوبيا ومالي وكينيا وجنوب أفريقيا وموريتانيا، حيث تساهم قطر بنسبة (25%) فى رخص استغلال النفط والغاز في منطقة "تاودني" الموريتانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة