مش كل السياحة بحر وطبيعة و"شيزلونج"، أو حتى معابد تحكى تاريخ وحضارة القدماء، فالسياحة هى فن استغلال المتاح من مقومات لخلق منتج يجذب جمهوره، فكل فكرة لها مريدين ومحبين يمكن مغازلتهم، ومن هذا المنطلق وجدت بعض الدول فى تفردها بمزارع "الكروم" وامتلاكها أفخم أنواع النبيذ مقوما يمكن استغلاله فى نوع غير مألوف من السياحة، أطلقت عليه الشركات التى تروج له "سياحة النبيذ".
سياحة النبيذ.. آخر تقاليع شركات السياحة العالمية، أصبحت نمط متعارف عليه دوليا وله أماكن تشتهر به، وأحدث رواجا فى السنوات الآخيرة التفتت له منظمة السياحة العالمية، التى نظمت ثلاث مؤتمرات دولية بداية من العام 2016 لتقديم الخبرة والمشورة للدول التى ترغب فى تطويره وتسويقه، وكذلك أصبحت مواقع السفر العالمية تقدم نصائحها للزوار حول أفضل الأماكن وكيفية زيارتها.
"طيب السياح بيعملوا إيه فى النمط ده من السياحة؟".. شركات السياحة بدأت تٌنظم برامج متنوعة للسياح، تشمل "كامبينج" وسط مزارع الكروم التى تتواجد أغلبها تحت سفوح الجبال ويتم ممارسة العديد من أنواع الرياضة مثل المشى لمسافات طويلة، وركوب الدراجات الهوائية في مزارع الكروم، أو ركوب منطاد الهواء الساخن أو القفز بالمظلات والإستمتاع بالمناظر الطبيعية.
وتتم زيارات للوفود إلى مصانع النبيذ في الموقع للتعرف على تاريخ الخمرة، ثم تذوق النبيذ، وتنتشر فى المناطق المحيطة مطاعم لتقديم أنواع مختلفة من الأكلات الشعبية المرتبطة بالمنطقة، كما تقام حفلات الشواء بين المزارع يتم فيها استخدام النبيذ.
ولأن هناك بعض المزارع تتواجد فى أماكن تاريخية يتخللها معابد تراثية وكنائس قديمة، ومتاحف وقلاع، فدائما يتخلل البرامج السياحية زيارات لمواقع تاريخية فى المناطق المحيطة.
هذا العام منظمة السياحة العالمية تبحث عن تجارب مبتكرة فى سياحة النبيذ، وقالت المنظمة فى بوست لها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الإجتماعى "فيسبوك"، "في أعقاب نجاح الإصدارات الثلاثة الماضية من المؤتمر العالمي لمنظمة السياحة العالمية بشأن سياحة النبيذ ، ينعقد المؤتمر العالمي الرابع للمنظمة في 4-6 ديسمبر في وادى دي كولتشاجوا، بالتعاون مع حكومة شيلي".
ويسعى المؤتمر لاستكشاف المشكلات المتعلقة بتجربة سياحة النبيذ، وإنشاء تجربة مشتركة، وخلال المؤتمر سيتم عقد ورش عمل حول أربعة محاور مختلفة تتيح للمشاركين الفرصة لتبادل الأفكار بشكل تفاعلي حول كيفية تطوير وجهات سياحة النبيذ التنافسية والمستدامة.
وفى كل دورة تقوم المنظمة باختيار مكان مشهور عالميا بزراعة الكروم "العنب"، ولديها أفخم أنواع النبيذ، فوادى كولتشاجوا في تشيلي هو مكان زراعي تاريخي يقع على بعد حوالي 100 ميل جنوب العاصمة سانتياغو، ويبدأ من سفوح جبال الأنديز ويصل غربًا إلى المحيط الهادئ، وهو يضم مجموعة كبيرة من أنواع نباتات العنب عالية الجودة، وموطن لأعداد من النبيذ الأكثر شهرة في تشيلي.
واختارت المنظمة جورجيا، لعقد مؤتمرها عام 2016 جورجيا والتى يٌزرع بها عنب النبيذ منذ 8000 عام، وأعلنت من قبل علماء الآثار لتكون "مهد النبيذ"، وتعتبر منطقة كاخيتي Kakheti ، واحدة من أقدم المناطق في العالم لهذه الصناعة وهى تحيط بها الأديرة والقلاع القديمة والكنائس.
وفى العام التالى اختارت المنظمة منطقة مندوزا فى الأرجنتين والتى تقع على واحد من أعلى سلاسل الجبال في العالم التي تزرع كروم يُنتج منه أفخم أنواع النبيذ، أما العام الماضى فتم عقد المؤتمر فى جمهورية مولدوفا التى تقع فى شرق أوروبا، والتى لديها أكبر شركة في العالم للنبيذ وتفتخر بامتلاكها صفوف لا نهاية لها من مزارع الكروم.
ورغم أن ثقافة النبيذ ليست منتشرة فى المنطقة العربية إلا أن تونس تعتبر من أشهر دول المنطقة التى سعت لطرق باب هذا النمط السياحى، والتى تشتهر بإنتاج الخمور في نهاية القرن التاسع عشر مع الوجود الإيطالي والفرنسي بالبلاد، وفى 2016 شرع أحد رجال الأعمال فى تونس الذي يملك كروما شاسعة في ولاية نابل، فى إقامة "طريق النبيذ" لربط العاصمة تونس بالمزارع في ولاية نابل، والذى يشق طريق غابات زيتون عمرها مئات السنين ومواقع تاريخية.
ومن أفضل الأماكن عالميًا وادي لوار فى فرنسا، توسكانا فى إيطاليا، وادي موسيل فى ألمانيا، كاليفورنيا فى الولايات المتحدة، ومنطقة دورو فى البرتغال، ميندوزا فى الأرجنتين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة