شهدت مصر فى الآونة الاخيرة إهتماما كبيرا بحقوق الملكية الفكرية و تسجيل براءات الاختراع ، لمواكبة التطور العالمى الهائل فى هذا المجال ، وهو الامر الذى أدى الى تقدمها 12 مركزا فى تسجيل براءات الإختراع لتتقدم من المرتبة 89 الى 77 خلال السنوات الاربعة السابقة، و ذلك بفضل العديد من التشريعات والاجراءات التى إتخذتها مصر و المعنية بتطوير قطاع العلامات التجارية
الا أن هذا التقدم ليس كافيا ، وسط التطورات العالمية السريعة الذى يشهدها هذا المجال ، و مع إعلان الاتحاد الاوروربى عن رفض أى منتج يدخل الى الاسواق بعلامة تجارية غير مسجلة و من المتوقع أن تحذو الاسواق الاخرى حذوها ، مما يتطلب على مصر ثورة تشريعية عاجلة لتعديل القانون الحالى
يقول أحمد على عضو لجنة الملكية الفكرية بإتحاد الناشرين العرب ، فى تصريحات خاصة ل"اليوم السابع" أن الاتحاد قد تقدم بطلب الى مجلس النواب بتعديل المادة رقم (181) مكرر فى قانون الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 ، لتتضمن العقوبات على المستهلك أيضا ، بمصادرة المصنف و بغرامة تقدر بقيمة 500 جنية إذا كان يعلم بأنة يستخدم بضائع مقلدة العلامة التجارية و فى حالة إنكار علمة يتم مصادرة المصنف فقط ، مشيرا الى أن هذا التعديل التشريعى المقترح من المقرر أن يتم مناقشتة بالبرلمان فى الشهر بعد القادم ، مؤكدا على أن هذا التعديل من شأنة أن يقضى على تلك الظاهرة بنسبة 80% خاصة مع توقيع العقوبة على المستهلك أيضا.
من جانبه قال مجدى الانصارى ، رئيس قطاع النظم والإجراءات بمصلحة الجمارك المصرية ، ل"اليوم السابع " أن هناك إهتمام كبير بحماية الملكية الفكرية و العلامات التجارية المسجلة ، سواء للبضائع الواردة والصادرة ، موضحا أن التعديلات التشريعية التى سوف يتم مناقشتها البرلمان ، تتضمن أن يقوم مدير ادارة الجمارك باتخاذ الاجراءات المتبعة فى حالة الشك فى الرسالة ، و هو أمر لم يكن فى سلطتة من قبل، أما حاليا يتم تطبيق ما ينص علية الائحة الاسترادية بوزارة التجارة من وقف الشحنة 3 أيام فى حالة الشك فيها و إتباع الاجراءات القانونية الاخرى وفق الشكوى المقدمة من صاحب الاعلامة التجارية المسجلة فى حق الجهه المقلدة ، مشيرا الى أن التعديلات المقترحة تشمل قانون الجمارك الحالى رقم 66 لسنة 1963 ، حيث تم إضافة مادة لحماية الملكية الفكرية.
من جانبة قال أحمد الوكيل ، رئيس الغرفة التجارية بالاسكندرية ، هناك طفرة على مستوى العالم بدأت منذ نهاية الخمسينات فى حماية الملكية الفكرية ، وتنامت طوال نصف قرن لتتضمن 24 اتفاقية دولية انضمت لها مصر لحماية براءات الاختراع، والعلامات التجارية، والرسوم والنمازج الصناعية، وعلامات المنشأ والمؤشر الجغرافى، والنباتات، وحق المؤلف، والحقوق المجاورة، واخيرا البرمجيات وبنوك المعلومات.
وأوضح أن مصر كانت من اوائل الدول التى انضمت الى اتفاقيات باريس عام 1883 ثم برن فى 1886 ثم مدريد فى 1891 لحماية الملكية الصناعية والعلامات التجارية ، وتم ترجمة كل ذلك فى التشريعات المصرية اخرها كان القانون رقم 38 لسنة 1994 ثم تحديثه بالقانون رقم 82 لسنة 2002 والذى للاسف تجاهل المؤشرات والدلالات الجغرافية.
و أكد أحمد الوكيل أن ضعف تطبيق القانون يعد أحد المشاكل الرئيسية ، حيث لا يوجد جهة واحدة لتسجيل حقوق الملكية الفكرية حيث تتولى اكاديمية البحث العلمى براءات الاختراع، ووزارة التموين والتجارة الداخلية العلامات التجارية، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قواعد البيانات و البرمجيات، ووزارة الزراعة الاصناف النباتية، ووزارة الثقافة حقوق التاليف والنشر ، مما أدى الى ضعف الحماية المقدمة، والتى تفاقمت لضعف العقوبات المقررة والتى وضع لها حدا اقصى 10 الاف جنيه فقط تزداد الى 50 الف فقط فى حالة العودة وهو لا يتناسب مع الحجم الاقتصادى للجرم.
وحول حجم تلك التجارة عالمية قال أن تجارة العالم فى السلع والخدمات المعتمدة على الملكية الفكرية تتجاوز 4 تريليونات دولار منها 1,6 تريليون خدمات و 2,4 ترليون سلع، ونصيب مصر هو 122 مليون دولار فقط ، فالعالم سجل أكثر من 3,17 مليون برائة اختراع منهم 85 برائة اختراع فقط سجلت فى مصر، وبالمثل 12,39 مليون علامة تجارية منهم 115 علامة فقط فى مصر، و1,24 مليون تصميم صناعى منهم 30 تصميم فقط فى مصر.
ولفت إلى أن كل ذلك أدى الى تدنى ترتيب مصر الى رقم 77 فى المؤشر العالمى للملكية الفكرية الذى يقيم 125 دولة اعتمادا على تقييم للبيئة التشريعية وحماية الملكية الفكرية، وذلك بعد ثمانية دول عربية وهى الامارات، وعمان، والاردن، والسعودية، والبحرين، والمغرب، والكويت، وتونس ، و ذلك بالرغم من ان ترتيب مصر قد تقدم من 89 الى 77 خلال السنوات الاربعة السابقة، بسبب العديد من التشريعات والاجراءات المعنية باداء الاعمال وتطوير قطاع العلامات التجارية.
و قال أحمد الوكيل إن الدستور المصرى أولى اهتماما كبيرا بالملكية الفكرية و الاختراعات ، حيث أن المادة 32 على من الدستور المصرى ﺗﻜﻔﻞ اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻰ وﺗﺸﺠﻴﻊ ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻪ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻩ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺴﻴﺎدﺓ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، وﺑﻨﺎﺀ اﻗﺘﺼﺎﺩ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، وﺗﺮﻋﻰ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ واﻟﻤﺨﺘﺮﻋﻴﻦ، وﺗﺨﺼﺺ ﻟﻪ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻦ اﻹﻧﻔﺎﻕ اﻟﺤﻜﻮﻣﻰ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ 1% ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﻘﻮﻣﻰ اﻹﺟﻤﺎﻟﻰ ﺗﺘﺼﺎﻋﺪ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻔﻖ ﻣﻊ اﻟﻤﻌﺪﻻﺕ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ، ﻛﻤﺎ ﺗﻜﻔﻞ اﻟﺪوﻟﺔ ﺳﺒﻞ اﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ ﻟﻠﻘﻄﺎﻋﻴﻦ اﻟﺨﺎﺹ واﻷﻫﻠﻲ وإﺳﻬﺎﻡ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﻓﻰ اﻟﺨﺎرﺝ ﻓﻰ ﻧﻬﻀﺔ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻰ ، كما اكدت اﻟﻤﺎدﺓ 66 على ان "ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻰ ﻣﻜﻔﻮﻟﺔ، وﺗﻠﺘﺰﻡ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ واﻟﻤﺨﺘﺮﻋﻴﻦ وﺣﻤﺎﻳﺔ اﺑﺘﻜﺎراﺗﻬﻢ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ
مطالبا بترجمة تلك المحددات بالمادة الدستورية فى تشريع جديد يجمع الملكية الفكرية فى هيئة واحدة، مع تغليظ العقوبات لتتناسب مع حجم الضرر الاقتصادى، وادراج المؤشرات والدلالات الجغرافية فى القانون، و توفير اليه لدعم البحث والتطوير والاختراع فى كافة القطاعات وربط البحث العلمى بالقطاعات الاقتصادية ، مؤكدا على أن تحديث هذا القانون الهام ، سيدعم جذب الاستثمارات وتحويل مصر لقاعدة للتصنيع من اجل التصدير، خاصة بعد تعرض مصر لخسارة سنويا تقدر بمئات الملايين بسبب قرصنة المنتجات الاعلامية المصرية، مشددا على أهمية إستعداد مصر لعام 2022 حيث لن يسمح الاتحاد الاوروبى بدخول منتجات غير مسجلة ملكيتها الفكرية خاصة و أن الاسواق العالمية الاخرى سوف تحذو حذو الاتحاد الاوروبى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة