"إسماعيل" تحدى الإعاقة وحقق حلمه بالتعيين معيدا بآداب المنصورة.. وينصح ذوى الاحتياجات الخاصة بالعزيمة والتوكل على الله ومواجهة نظرة المجتمع بشجاعة.. ويؤكد: تسهيلات جامعة المنصورة ودعمها المستمر ساعدنى

الإثنين، 23 سبتمبر 2019 01:00 ص
"إسماعيل" تحدى الإعاقة وحقق حلمه بالتعيين معيدا بآداب المنصورة.. وينصح ذوى الاحتياجات الخاصة بالعزيمة والتوكل على الله ومواجهة نظرة المجتمع بشجاعة.. ويؤكد: تسهيلات جامعة المنصورة ودعمها المستمر ساعدنى "إسماعيل" تحدى الإعاقة وحقق حلمه بالتعيين معيدا بآداب المنصورة
الدقهلية – سارة الباز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ولدت كفيفا وكان السبب هو تناول والدتى لحبوب منع الحمل 3 شهور دون إن تدرى أنها حامل فأصبت بانسداد معوى قبل امتحانات الثانوية العامة فأجريت عملية وأجلت امتحاناتى للدور الثانى وانخفضت نسبتى لـ 89%فى السنة الثالثة تراجع ترتيبى للمركز الثالث بسبب دكتور كان يرى إن الكفيف لا يحتاج التقدير ويكفيه النجاح.

 

قصص وتجارب إنسانية مشرفة لطلاب الدمج بجامعة المنصورة، تدفعك للتعلم والاستفادة من أبطال تحدوا إعاقاتهم، وحققوا نجاحات كبيرة، يفخر بها الجميع مثل إسماعيل محمد سعد أبوالعطا ذو الـ 25 عاما، ابن قرية الطويل التابعة لمركز المنزلة بمحافظة الدقهلية، الذى تمكن من تحقيق حلمه ليصبح معيدا بكلية الآداب بقسم اللغة العربية، والأول على دفعة 2016 بتقدير عام تراكمى جيد جدا مع مرتبة الشرف بنسبة 80.4%، نموذج مميز من الطلاب ذوى الاحتياجات الخاصة، تحدى إعاقة كف البصر، وتفوق على أقرانه، ليصبح قدوة، ويؤكد أن الإرادة تصنع المعجزات، وتكسر المستحيل.

إسماعيل محمد سعد أبو العطا (3)
إسماعيل محمد سعد أبو العطا 

 

الأب يلحق طفله بمدرسة النور للمكفوفين بالمنصورة

إسماعيل هو الأخ الرابع من بين 3 إخوة وأختين، ويعمل والده فلاحا، ووالدته ربة منزل، لكن الأب والأم كانا واعيين كفاية لمنح ولدهما الاهتمام والرعاية فعملا على إرساله للدراسة فى مدرسة النور للمكفوفين بالمنصورة بتشجيع من عمه، فقضى جميع مراحله الدراسية "الإبتدائية، الإعدادية، الثانوية"، بنظام المدرسة الداخلية للمغتربين خارج نطاق المنصورة، وكانت هى المدرسة الوحيدة على مستوى محافظة الدقهلية التى يتوافر التعليم بها بطريقة برايل، وكانت توفر الطعام والشراب والمبيت وتسليم الكتب الدراسية للطلاب مجانا.

ولدت كفيفا بسبب حبوب منع الحمل

يقول إسماعيل: "ولدت كفيفا، وكان السبب هو تناول والدتى لحبوب منع الحمل 3 شهور دون أن تدرى أنها حامل؛ الأمر الذى أدى إلى حدوث ضمور تام فى العصب البصرى.. ومازلت أتذكر اليوم الأول لى فى المدرسة، كنت أعرف مسبقا إن عمى سيوصلنى ويتركنى لكننى لم أستوعب فكرة الترك لأبقى هناك طوال الأسبوع وحدى فى سن صغيرة لا تتجاوز 6 سنوات، بكيت ولكى يتمكن عمى من المغادرة، ذهب ليحضر لى بعض الحلويات وناولنى إياها من نافذة الفصل، وتعلمت هناك القراءة والكتابة بطريقة برايل، واعتمدت على نفسى فى المذاكرة، وأقضى الأسبوع كاملا وأعود للمنزلة يوم الخميس بعد انتهاء اليوم الدراسى، وأعود مساء الجمعة".

 

وأضاف الشاب: "بدأت الاعتماد على نفسى فى السفر والحركة فى المرحلة الإعدادية فى سن الثانية عشرة تحديدا، فكنت استقل التاكسى من المنصورة لتوصيلى للموقف وركوب مواصلة المنزلة حيث تنتظرنى أسرتى، وإذا كانت الرحلة إلى القاهرة كنت أذهب مع فريق المدرسة، وفى العودة أركب مواصلة المنزلة من الموقف، ومع الوقت عرفنى سائقى الموقف فكانوا حينما يروننى يوجهوننى للسيارة المناسبة، فالمسألة تعتمد أولا وأخيرا على جرأة اتخاذ الخطوة مع الحكمة والتركيز، ففى أحد الأيام توقف التاكسى قبل بوابة المدرسة بمسافة، فوقفت قليلا وتذكرت الوصف بأن بوابة المدرسة على اليسار وبجوارها شجرة، فتوجهت ناحية اليسار وسرت قليلا حتى شعرت بالشجرة أمامى واستدللت على البوابة ووصلت".

 

أجلت امتحانات الثانوية العامة للدور الثانى بسبب مرضى

ويضيف إسماعيل بأنه كان موهوبا فى إلقاء الشعر واشترك فى العديد من المسابقات وتمكن من الحصول على المركز الأول على مستوى الجمهورية، واشترك فى مسابقة فرسان القراءة وتمكن من الحصول على المركز الثانى على مستوى الجمهورية، وتميز فى تقديم الإذاعة المدرسية؛ وتمنى دخول كلية الإعلام فى المرحلة الثانوية، لكن قبل الامتحان بيومين أصيب بانسداد معوى، وأجرى عملية تسببت فى تعطيله عن دخول الدور الأول، واضطر لتأجيل الامتحانات للدور الثانى دون مراجعة، وكان مخصصا لمادة التاريخ يوم واحد فقط قبلها فى الجدول، ولأن منهج التاريخ طويل يصل إلى 13 فصلا، اعتمدت على الذاكرة فى الإجابة، وحصل على 35 درجة من 50، وكانت سببا فى انخفاض نسبته فى الثانوية العامة، لـ 89%، ولم يستطع دخول كلية الإعلام، التى وصل تنسيقها إلى 92%، ودخل كلية الآداب، وظل حائرا لفترة بين دخول قسم الإعلام، أو اللغة العربية، وصلى استخارة وتوجه للغة العربية، ولم يضع فى اعتباره شيئا محددا، فقط كان يجتهد ويحرص على حضور المحاضرات كما ينبغى إن يكون الطالب الملتزم.

إسماعيل محمد سعد أبو العطا (1)
إسماعيل محمد سعد أبو العطا 

لم أعرف أننى الأول إلا فى لجنة إمتحان الفرقة الثانية

ويضيف إسماعيل قائلا: "خلال الترم الأول لاحظت لنفسى تفاعلا جيدا مع الدكاترة فى النحو والأدب والبلاغة أثناء المحاضرات، وتحدثت مع زملائى فى المدينة الجامعية، فقالوا لى لماذا لا تكون أنت الأول على دفعتك، وكانت الفكرة بالنسبة لى حلما، ولكنها صارت تحدى بالنسبة لى، فأنا أرى إن الفرق بين الكفيف والمبصر هو الإرادة، قد توجد مشكلة فى الإمكانيات، أو عامل الوقت لصالح المبصر، لكن تبقى الإرادة هى الفيصل دوما مع التوكل على الله سبحانه وتعالى؛ لأن من يتوكل على الله فهو حسبه، وبالفعل تمكنت من تحقيق المركز الأول فى السنة الأولى بنسبة 81% بتقدير جيد جدا، ولم أعرف أننى الأول إلا حينما جاءنى أحد الزملاء قبل لجنة الإمتحان فى السنة الثانية يسألنى عن بياناتى وأخبرنى بأنه سيتم تكريمى ضمن الأوائل ومنحى التابلت المصرى، فتوجهت لشئون الطلبة وتأكدت أننى الأول، لكن فى السنة الثالثة تراجع ترتيبى للمركز الثالث، بسبب دكتور كان يرى إن الكفيف لا يحتاج التقدير ويكفيه النجاح، لكن نصحنى أستاذى الدكتور محمود الجعيدى حينها وقال لى إن الترتيب على الدفعة تراكمى يحتاج لنفس طويل، ولو استمررت بنفس الإرادة والإجتهاد الذى كان على مدار العامين الماضيين فسأتمكن من التعويض، فتأثرت جدا بنصيحته، وحدث موقف آخر وأنا فى السنة الثالثة، حينما طرد الدكتور الطالبة الأولى على الدفعة، فاعترضت وقالت: "أنا يا دكتور..حضرتك بتطردني.. ده أنا الأولى"، وخرجت فعلا من المدرج وعادت بعد مكالمة تليفونية أجريت من الدكتور، فكان هذا الموقف سببا آخر لتحفيزى على التمسك بحلمى واستعادة المركز الأول مرة أخرى رغم وجود فارق 12 درجة بينى وبينها، وقررت ألا أنزل إجازتى لقريتى حينها، وبقيت فى المدينة الجامعية بالمنصورة 45 يوما متصلة دون نزول إجازات لحين انتهاء امتحانات الترم الثاني، وتمكنت بعد السنة الثالثة من تجاوز الطالبة الأولى بعشر درجات، فتقلص فرق الدرجات بينى وبينها من 12 درجة إلى 2 فقط، فدخلت السنة الرابعة ولدى أمل كبير فى تحقيق حلمى، لأن المنافسة على درجتين أمر بسيط، وأكرمنى الله بنسبة 81% بعد الترم الأول، وتراجعت هى إلى 70%، وأصبح الفرق بينى وبينها بعد الترم الأول فى السنة الرابعة 12 درجة لصالحى الحمد لله، وتأكدت حينها من نصيحة أستاذى بأن الترتيب يحتاج لنفس طويل فى التراكمى وإرادة واجتهاد حقيقى).

وأشار إلى إن امتحاناته كانت تجرى فى لجنة خاصة يكون له فيها مرافق يتولى أمر كتابة ما يمليه عليه، ومعظم المرافقين كانوا إيجابيين معه، وإن صادف البعض منهم يتململ من كثرة ما يمليه عليه من إجابات خلال الامتحان.

صعوبات التعلم

الصعوبات التى واجهتها هى فى تأخير طباعة الكتب بطريقة برايل، مما يؤدى إلى استلام الكتب بعد زملائى بشهر؛ لذا كنت ألجأ لأخذ نسخة word على CD من الدكاترة واتوجه بها لمكتبة الجامعة المركزية أو إحدى الجمعيات الخيرية لطباعتها بطريقة برايل لاختصار الوقت، واعتمد على حضور المحاضرات وتسجيلها وتفريغها بطريقة برايل ومذاكرتها، وكنت حريصا على الإطلاع على امتحانات السنوات السابقة لمعرفة شكل الامتحان وطبيعة الأسئلة، والاسترشاد بها فى المذاكرة، والتركيز على الأجزاء الأهم فى المنهج، بالإضافة إلى مشكلة الإضطرار لإملاء الإجابات على المرافق فى الإمتحان داخل اللجنة الخاصة، وهو أصعب من الاسترسال فى الكتابة، فهو أحد الصعوبات التى تواجه ذوى الاحتياجات الخاصة سواء على مستوى التذكر أو الوقت المطلوب للإجابة.

بشرى التعيين معيد بالجامعة

يستكمل إسماعيل حديثه قائلا: “لم أضيع وقتا وسجلت فى تمهيدى ماجستير، وأثناء وجودى فى إحدى محاضرات رئيس القسم قال لى: "ألف مبروك يا إسماعيل"، فسألته: "على إيه يا دكتور؟!"، فرد على: "لقد جاء أمر تكليف دفعة 2016 بالأمس ورشحك القسم لاختيارك معيدا، وسيتم تسكينك فى الأدب العربى الحديث"، وكانت فرحتى حينها لا توصف، وصدر قرار بتعيينى معيدا مع باقى زملائى بتاريخ 15/8/2017، واستلمت عملى فى 4/12/2017، لأن أوراقى تأخرت لعرضها على المستشار القانونى لدى إدارة الجامعة، الذى أرسل لرئيس القسم لسؤاله هل نوع الإعاقة يتعارض مع طبيعة متطلبات العمل، فجاءه الرد بلا لأن طبيعة العمل تعتمد على البحث النظرى، ورغم أننى لا أحب الملابس الرسمية ارتديت البدلة فى أول يوم عمل، وجاء معى أخى وابن عمى وأصدقائى للاحتفال بى وتوزيع المشروبات الغازية).

تسهيلات قدمتها جامعة المنصورة

وأشار إلى إن الدكتور محمد القناوى، رئيس جامعة المنصورة السابق قدم له تسهيلا يشكر عليه حينما قام بتوظيف أحد أصدقائه بعقد يومية بالجامعة فى وظيفة مستقلة خاصة به ليكون مرافقا له مراعاة لظروفه الخاصة، وذلك لامتياز صديقه بالأمانة والإخلاص والتعاون؛ لذا فهو يتمنى مكافأته بتثبيته لضمان دخل ثابت ومستقر له.

وأوضح بأن مكتبة الجامعة المركزية تقدم العديد من التسهيلات لذوى الاحتياجات الخاصة، وذلك من خلال توفير متطوعين يقرأون الكتب للمكفوفين وتسجيلها، ويكتبون الكتب على نسخة ورد لتحويلها لنسخ برايل فى قسم مكتبة النور للمكفوفين، لافتا إلى إنشاء مركز لذوى الاحتياجات الخاصة داخل الجامعة حاليا لدمج وتقديم العديد من الخدمات المختلفة لهم.

كيف يتعامل مع التكنولوجيا؟

وأضاف إسماعيل سعد بأنه يتعامل مع وسائل التكنولوجيا من خلال البرنامج الناطق ويكتب رسالة الماجستير حاليا فى تخصصه "الأدب العربى الحديث" على اللاب توب باستخدام هذا البرنامج، علاوة على حفظه لأماكن الحروف على لوحة المفاتيح، لافتا إلى إن أمنيته هى التحضير فى البلاغة على حسابه الخاص بعد الإنتهاء من رسالته فى الأدب العربى الحديث.

نصيحة لذوى الاحتياجات الخاصة

يقول إسماعيل: “النصيحة التى أقدمها لذوى الاحتياجات الخاصة هى التوكل على الله بيقين، ثم التمسك بالعزيمة والإرادة، ومواجهة نظرة المجتمع بشجاعة، وعدم الاستسلام لتثبيط المحبطين).










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة