فى الوقت الذى تسعى فيه العديد من الدول حول العالم إلى إنشاء جيوش قوية تتحمل رجالها الصعاب، وتقف مدافعة عن بلادها، قررت دولة الإمارات العربية المتحدة، عمل برنامج تدريب عسكري، وتدريب المرأة على حفظ السلام، الأمر الذى آثار دهشة الكثيرين، خاصة وأن إنشاء تدريب عسكرى يحمل برنامجاً للنساء أمر جديد.
وفي الوقت الذي تحتفل فيه دولة الإمارات العربية المتحدة باستكمال برنامجها التدريبي العسكري والتدريب على حفظ السلام للمرأة، أجرت مجلة Vogue Arabia حواراً مع مجموعة من خريجات أول دورة تدريبية فى المنطقة فى مجال التدريب العسكري وحفظ السلام للنساء، والتي عقدت في أكاديمية خولة بنت الأزور العسكرية فى أبوظبي، فى وقت سابق من هذا العام.
النساء داخل التدريب
لم يغير الغبار والركام، وانتشار رمال الصحراء سلوك الضابطات، فهن يبقين نساءً يرتدن ملابس عسكرية، ويحملن أسلحة نارية يتدربن على تدريبات قتالية دقيقة، واقفات بكل قوة وشموخ، ومع ذلك لم يتغير سلوكهن الهادئ ولا طبيعتهن الناعمة كسيدات.
قالت إلهام العريني منسق موارد بشرية بالتدريب والتى تبلغ من العمر 26 عامًا: "كان الأمر مختلفًا تمامًا عن واجباتي ومسئولياتي التى عشت أقضيها طيلة حياتى، في البداية كنت قلقة من أنني لن أتمكن من تحمل التدريبات في الصحراء، لكن بفضل الدعم الذي قدمته لى النساء فى فريقى، أديت معهن جميع التدريبات بحماس كبير جداً"، ومن ثم تم ضمت "العريني" للدورة المختارة، بعد طلب من الإمارات العربية المتحدة، وواصلت العرينى حديثها: "إن تجربة الأسلحة التي شملت التفكيك والتركيب وإطلاق النار كانت واحدة من الأشياء الصعبة، لكنني أحببتها، وكنت ارتدى زياً عسكرياً جديداً بالنسبة لي، ولكنه جلب شعور بالفخر والانتماء والقوة".
وأضافت: "شعرت بالحرج فى البداية لأننا مختلفات من حيث الشخصيات والثقافات، ولكن فى النهاية شعرت أننا جميعاً نكمل بعض، وما زلت أتحدث مع بعض الطلاب بشكل يومي.
إلهام العريني
كانت العريني واحدة من 134 امرأة من دول عربية مختلفة، اللائي أكملن التدريب الذى نظمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، ووزارة الدفاع الإماراتية والاتحاد العام النسائي، المنظمة النسائية الرئيسية فى الإمارات العربية المتحدة، المكرسة لجهود الإمارات لتمكين المرأة، تحت رعاية صاحبة السمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، بمشاركة رئيس المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، والرئيسة العليا لمؤسسة تنمية الأسرة.
استغرقت الدورة 3 أشهر من التدريب العسكري الأساسي متبوعة بأسبوعين من التدريب على حفظ السلام، وهي جزء من جهود الأمم المتحدة للمرأة لتنفيذ جدول أعمال السلام والأمن، والذي يهدف جزء منه إلى زيادة أعداد النساء فى عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، ويوجد حاليًا 5234 امرأة يشغلن مناصب عسكرية وشرطية فى مهام الأمم المتحدة لحفظ السلام والبعثات السياسية الخاصة، ويشكلن 6٪ فقط من جميع الأفراد النظاميين.
برنامج التدريب العسكري
وأوضحت الدكتورة "موزا الشحي"، مديرة مكتب الاتصال النسائي في الإمارات العربية المتحدة لدول مجلس التعاون الخليجي، أن "أجندة المرأة والسلام والأمن تدرك أن المرأة لها أهمية حاسمة فى منع نشوب النزاعات، وتخفيف حدتها وحلها بنجاح، من خلال تدريب هؤلاء النساء على العمل فى كل من قطاعات الأمن القومى، وفى عمليات حفظ السلام، فإننا نساهم بشكل مباشر فى الجهود العالمية لضمان صون السلام والأمن الدولي".
وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة للنهوض بالمساواة بين الجنسين فى المنطقة، كونها أول دولة فى دول مجلس التعاون الخليجي تنشئ أكاديمية للتدريب العسكري للمرأة عام 1991.
وأنهت الدكتورة موزا: "كانت المبادرة ناجحة، على الرغم من التحفظات الأولية من بعض الطالبات، ففى البداية لاحظت تردد من بعض النساء فى التفاعل مع نساء من بلدان أخرى، لكن فى غضون أسابيع قليلة أظهرت المتدربات نضجهن".
زيارة وكيل وزارة الدفاع بالإمارات لمعرض الشيخة فاطمة بنت مبارك في الاتحاد النسائي
"لدينا تسعة وزراء في الحكومة الحالية وتشغل النساء 66٪ من القوى العاملة الحكومية"، هكذا شرحت نورا السويدي المديرة العامة للاتحاد النسائي العام الوضع الحالى فى دولة الإمارات، مشيرة إلى أنه تم تنفيذ هذا البرنامج التدريبي الذي يبني ويطور قدرات المرأة في القطاع العسكري وقطاع حفظ السلام، بالتنسيق الوثيق مع مكتب الاتصال لدعم تمثيل المرأة العربية والإماراتية فى القطاع العسكرى وبعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام."
على الرغم من أن الدورة التدريبية لا تؤهل الطالبات للعمل في جيوشهن أو المشاركة في عمليات حفظ السلام، إلا أن الكثيرات منهن أبدين اهتمامًا بدخول القطاع، مما دفع المسئولين للعمل على إتاحة هذه الفرص للمشاركات في النسخة الثانية من الدورة التدريبية، والتى ستعقد في يناير 2020 وستكون مفتوحة أيضًا لمقدمى الطالبات من إفريقيا وآسيا.
وشاركت بالحديث "ورود إرشيد"، 24 عاماً، الموظفة في مكتب الخدمة العامة من الأردن: "لقد منحتني هذه التجربة الثقة بالنفس، والشعور بأن لديّ دورا مهما في المجتمع، لقد أثبتت النساء دورهن فى جميع المجالات، وأثبتن أن قدراتهن لا تقل عن الرجال"، وتضيف ورود: "لقد غيرتني هذه التجربة تمامًا ومنظوري حول ما أريد القيام به، أدركت أنني امرأة قوية، فكان والدي قلقًا للغاية بشأن مشاركتي في الدورة التدريبية، حاول أن يمنعني من المشاركة في البداية، ولكن بعد الانتهاء، شعر بالفخر الشديد إتجاهى".
ورود إرشيد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة