لم يتخط عمره السابعة عشر، إلا أن أحلامه كانت دوماً تفوق سنه بمراحل، ففى الوقت الذى كان رفاقه يتسللون للشارع للعب والمرح، كان الطفل يستقل توك توك برفقة صديق له لتوصيل المواطنين وجمع المال.
«حمدى» الذى ينتمى لأسرة متوسطة الحال تقطن بمنطقة السلام بالقاهرة، اكتسب صفات «الرجولة» من والده، الذى علمه منذ الصغر الاعتماد على النفس، ليعيش الطفل فى جلباب الكبار، باحثاً عن الرزق من عمل يديه.
تلقى «حمدى» اتصالاً من صديقه «عبد الرحمن» للخروج معاً على توك توك، يبحثان فى شوارع القليوبية عن زبائن لنقلهم من مكان لآخر، مقابل بضع جنيهات يحصلان عليها، لكنهما لم يدريا أنها «التوصيلة الأخيرة».
ام القتيل
«وشوشه بشوش وبيضحك عمال على بطال وكأنه بيودعنا».. هكذا وصفت والدة «حمدى» اللقاء الأخير الذى جمعها بابنها قبل خروجه من المنزل والتوجه لصديقه «عبد الرحمن» للعمل سوياً.
انتظرنا «حمدى» حتى يعود للمنزل مرة أخرى، دون فائدة، فقد مر وقت طويل على موعد عودته، لكنه مازال خارج المنزل. الأم تكمل حديثها لـ«اليوم السابع»: اتصلنا به عدة مرات تليفونه بات مغلقاً، بحثنا عنه لدى الأهل والجيران والأصدقاء دون جدوى.
قلق وخوف وترقب انتابت الجميع لغياب «حمدى»، الأم تصف الساعات الصعبة التى مرت عليها دون ابنها وتقول: سمعنا أحد الجيران يقول إنه يوجد طفلان مقتولان فى أحد الأماكن بالقليوبية، فتوجهنا مسرعين إلى هناك، وللآسف وجدت ابنى وصديقه مقتولين.
المجني عليه
«مشهد قاسى وصادم وصعب أن ترى الأم فلذة كبدها غارقاً فى دمائه».. هكذا وصفت والدة «حمدى» اللحظات الأولى للعثور على جثة ابنها، مضيفة: شعرت وقتها أن الحزن فالق كبدى، لم أصدق أننى لن أرى «حمدى» مرة أخرى، «معقولة مش هاخده فى حضنى تانى مش ههزر معاه!!»، تساؤلات عديدة دارت فى عقلها، بينما دموعها لم ولن تتوقف.
وعن سبب الحادث، تقول الأم: لم أدر لماذا قتل المتهم «ضنايا»، قال إنه تدخل لفض مشاجرة فأصاب ابنى، وأنا متأكدة أن ابنى لم يتشاجر، ومع ذلك لا أدرى لماذا قتله، وحرمنى منه، وأدخل الحزن على قلوبنا، فلا شىء يشفى غليلى سوى القصاص من هذا القاتل، لن يهدأ قلبى حتى أراه على حبل المشنقة.
ومن ناحيته، قال المتهم:«كنت موجودا فى منزلى وسمعت صوت شجار حاد بين المجنى عليهما وأحد الأشخاص، وفى أثناء فض المشاجرة ومحاولتى الفصل بينهم تعدى المجنى عليهما على بالضرب، وحاولا إصابتى بـ«كتر» ما أثار حفيظتى، فأحضرت سلاحا ناريا «بندقية آلية» من منزلى، وأطلقت أعيرة نارية تجاههما، فأحدثت إصابتهما التى أودت بحياتهما، وبعد ضبطى فور ارتكابى الجريمة أرشدت عن السلاح «بندقية آلية وبخزينتها 8 طلقات».
المتهم
وتلقت أجهزة الأمن بالقليوبية بلاغا بالعثور على جثتين فى مركبة توك توك، وبالفحص تبين أن الجثة لطالب 17 سنة، وبه إصابة بعيار نارى بالصدر، وسائق «توك توك» 19 سنة، وبه إصابة بجرح غائر بالرقبة يقيمان فى منطقة السلام بالقاهرة، داخل مركبة التوك توك، كما عثرت القوات على آثار دماء ونصل معدنى «كتر».
وعلى الفور تم تشكيل فريق بحث جنائى بمشاركة قطاع الأمن العام ومديرية أمن القليوبية، أسفرت جهوده عن التوصل لمرتكب الجريمة عاطل 18 سنة، مقيم بعزبة أبوعليان، وعقب تقنين الإجراءات، تم استهداف المتهم وضبطه، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة