-
وزيرة التضامن الاجتماعي تؤكد أن دعم الرعاية يبدأ عبر منحهم القدر الكافي من التعليم
-
البرلمان يناقش تعديلات تشريعية لضمان الرعايا اللاحقة لخريجى دور الأيتام
-
عدد الأطفال الأيتام فى مصر يتراوح ما بين 2.5% إلى 3% من عدد السكان
-
إيمان:"بنتجوز عن طريق ألبوم صور وكأننا فى سوق عبيد"
يتجول عمرو بين شوارع مدينة 6 أكتوبر، بجنوب محافظة الجيزة، عيناه أسفل قدميه؛ ليرى ما لا يمكن أن يراه ورأسه مرفوعة، يفتش فى صناديق القمامة عن مخلفات بلاستيكية، يمكن أن تكون مادة صالحة للبيع، يسترزق منها ويوفر احتياجاته الأساسية من طعام وشراب، فهو لم يحصل على مؤهل كافٍ يوفر له الوظيفة، ولا يملك القدرات البدنية التى تساعده على الأعمال الشاقة، فهو يعانى من إعاقة حركية لم تجد الرعاية المناسبة.
بعد يوم عمل طويل بدأ مع شروق الشمس وانتهى بغروبها، يعود عمرو شريف صاحب الـ25 عامًا إلى مسكنه بدار "أيتام الرواد"، بالحي السابع _ أحد أحياء مدينة 6 أكتوبر الاثنى عشر_ والتى يقيم فيها برفقة إخوته من الأيتام، تتراوح أعمارهم ما بين 20 والـ34 عامًا، بعدما تركتها لهم الإدارة عقب ثورة 25 يناير 2011، بعد سجال طويل من الخلافات بين الطرفين.
"أنا ما عنديش حد غير ربنا.. ماحدش بيساعدنى"، هكذا خرجت الكلمات من لسان "عمرو" مكسورة يكسوها الحزن، يقول لـ"اليوم السابع" حينما التقيناه أمام مسكنه بدار "الرواد": "كان نفسي أكون لاعب كرة قدم، وكان عندي الموهبة، لكن مدير الدار من 10 سنين قالي:"بلاش كورة يا عمرو لأنها هتضيع مستقبلك"، هو فين المستقبل ده، أهى إعاقتي خلتني أشتغل فى جمع القمامة، كان نفسي أكون زى محمد صلاح".
عمرو شريف يعمل نباش قمامة
على غرار عمرو يوجد الآلاف من الأيتام الذين بلغوا السن القانونى واضطروا لمغادرة دور الرعاية_ يغادر الأيتام دور الرعايا فى عمر 18 عامًا وفقًا للقوانين المنظمة لعملها_ واصطدموا بالواقع ووجدوا أنفسهم غير مقبولين فى المجتمع، حيث يعجز الشباب عن الحصول على فرصة عمل، بينما الفتيات تتبدد أحلامهن شيئًا فشيئًا فى ارتداء فستان الزفاف، لتُكون بيت وأسرة، تكون عوضًا لها عن تلك الأيام التى عاشت فيها وحيدة.
وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية لعدد خريجي دور الأيتام من مستحقي الرعاية اللاحقة، فإنه وفقًا لتصريحات سابقة لـ"حسام قباني"، رئيس مجلس إدارة جمعية الأورمان الخيرية، يتراوح عدد الأطفال الأيتام فى مصر ما بين 2.5% إلى 3% من إجمالي عدد السكان، موزعين على 472 دار أيتام فى مختلف محافظات الجمهورية.
عمرو شريف خلال حديثه لمحرر اليوم السابع
منبوذون من المجتمع ..
على بعد طابق من الغرفة التى يقطن فيها "عمرو شريف"، داخل دار "الرواد"، يجلس "نادر صفوت" 29 عامًا، داخل غرفته وبجواره مجموعة من الكلاب التى تؤنس وحشته، وتهون عليه ظلام الليل الدامس، وتكسر وحدته التى يشعر بها، فهو يرى أنها تفهمه ويفهمها حتى ولو كانوا يتحدثون بلغات مختلفة، يقول لـ"اليوم السابع": "بعد عام 2012 غادر الإداريين والمشرفين الدار، وأصبحت أنا وإخوتي مستقلين، الدنيا اتعقدت لأننا ما كانش عندنا شغل، ولا كنا نعرف نشيل مسئولية".
كان المبدأ الذى سار عليه الجميع بعد ذلك بسيطًا، وموجعا رغم بساطته، فمن لم يستطع منهم إطعام نفسه سيموت من الجوع، ومن لم يعمل سيبيت ليلته على الرصيف، يقول "نادر": "بقينا فى وش المدفع وإلى زاد الطين بِلَّة إن ماحدش كان راضى يشغلنا، لأننا متخرجين من دار أيتام، وهما شايفين إننا "تربية شوارع"، وما ينفعش يأتمنونا على فلوس ولا شغل، وكأنهم بيعاقبونا على شيء مالناش دخل فيه، وده خلى بعضنا يشتغل فى حاجات غير مشروعة، زى تجارة المخدرات".
خلال عام 2014 تلقى خط نجدة الطفل التابع للمجلس القومي للأمومة والطفولة 4 بلاغات، بحدوث انتهاكات بالضرب والتعذيب والتحرش الجنسي، وتجارة المخدرات داخل دور رعاية الأطفال، وتقدم المجلس حينها ببلاغ للنائب العام من خلال البلاغ رقم 104308 الوارد على الخط، ومفاده قيام مجموعة من الأطفال البالغين من العمر 10 أعوام ببيع المخدرات لبعضهم البعض، وممارسة العنف والبلطجة داخل دار أم القرى لرعاية الأيتام بمدينة 6 أكتوبر.
رغم المصاعب التى واجهها "نادر" أثناء سعيه للحصول على فرصة عمل، نجح أخيرًا فى الحصول على فرصته داخل أحد المطاعم الشهيرة بمدينة 6 أكتوبر، بعدما أثبت قدرته وأمانته لصاحب المكان، الذى وضعه تحت الاختبار لمدة 3 أشهر كان يتقاضى خلالها نصف راتب تحت مسمى "التدريب"، بعدها أصبح واحد من "الأصطف" الرئيسي للمطعم، ولا يمكن لصاحب العمل الاستغناء عنه_على حد قوله.
حياة فى الشارع وصعوبة فى المعيشة
حديقة الحصرى والتى تضم مجموعة من ملاعب كرة القدم الخماسية، وتقع على بعد شارع من دار أيتام "الرواد"، واحدة من الأماكن التى تشهد تجمع عدد من الأيتام من خريجي دور رعاية "أم القرى" و"ليلة القدر" و"ابنتى" و"الرواد"، وفى مقدمتهم طارق أمير صاحب الـ29 عامًا، الذى اتخذ لنفسه غرفة خشبية لا تتجاوز مساحتها المترين مربع داخل الحديقة، للإقامة فيها عقب انفصاله عن زوجته.
قبل سنوات طوال كان طارق طفلًا صغيرًا يجلس مسندا ظهره على حائط أحد العقارات السكنية، بمنطقة شادر السمك بحي الشرابية_أحد أحياء شمال محافظة القاهرة_عينيه مليئتين بالحزن والحيرة، وقلبه ينبض من شدة الخوف، قدميه ملتصقتين بصدره، ويديه ملتفتين حولها، ورأسه مخبأة فى الظلام ما بين قدميه ويديه، لفت ذلك المشهد البائس للطفل، نظر رجل فى الأربعينيات من عمره، تصادف مروره بجواره، فاصطحبه معه إلى قسم الشرطة، لتبدأ حياته بعدها داخل دار "الفسطاط" لرعايا الأيتام فى منطقة العمرانية.
دار ايتام الرواد
اعتدل طارق أمير صاحب الـ29 ربيعًا_وهو الاسم الذى اختارته له اللجنة الثلاثية التى تشكلت من وزارة التضامن الاجتماعي للبت فى أمره، قبل توزيعه على إحدى دور رعايا الأيتام_فى جلسته داخل غرفته قائلًا لـ"اليوم السابع": "اتوزعنا على دار أيتام "الرواد" فى أكتوبر سنة 2001، وكانت المدينة وقتها لسه صحراء، ودخلت مدرسة مبارك كول، رغم إنى كان نفسي أدخل ثانوية عامة، علشان كنت عايز أبقى مخرج، لكنى طلعت طباخ".
ويتابع "طارق"، بعد أن عاد بذهنه من الذكريات التى حفرت بذاكرته وحفظها عن ظهر قلب، من خلال اطلاعه على "الملف" الخاص به داخل الدار: "لما كان حد فينا يتأخر عن ميعاد عودته للدار، كان يتعاقب بأنه يتمنع من الدخول، أنا أتعرضت للموقف ده كتير، وكنت بنام فى "حديقة الحصري"، وقبل ثورة يناير وبعد ما أتممنا السن القانونى لمغادرة الدار، كان المفروض الإدارة توفر لنا شقق نقعد فيها، لكن ده ما حصلش؛ ولقينا نفسنا فى الشارع، خلال الفترة دى أخواتي أتفرقوا، منهم إلى كان بينام فوق سطح العقارات، أو فى الحدائق العامة، ومنهم إلى اختفى وما نعرفش عنه حاجة".
طارق أمير داخل غرفته الخشبية
طارق واحد من الشباب الأيتام الذى أسعفه الحظ فى تكوين بيت وأسرة، ولكن الرياح تأتى بما لا تشتهى السفن، فقد عصفت الظروف المعيشية بحياته، وانتهى الأمر بالانفصال عن زوجته، بعدما أسفر زواجهما عن طفل، يقول "طارق": "أنا أتعرفت على زوجتي عن طريق واحد صاحبي، وهى من دار أيتام "ليلة القدر"، حصل بينا قبول وقررنا نتجوز، وكنت وقتها شغال ومرتبي كان يخليني افتح بيت، أجرت شقة وتجوزنا وأنجبت طفل، لكن حصلت بينا مشاكل كتير، بسبب الظروف المعيشية الصعبة، ولأن مراتي ما كانتش فاهمة يعنى إيه بيت وزوج وأسرة وانفصلنا، لكنى لسه بتواصل معها؛ علشان اطمن على ابني، وأصرف عليه، وعشان مش عايزه يعيش زى ما أنا عشت".
مؤتمر سند يبحث عن حل
خلال فعاليات مؤتمر (سند للرعاية البديلة) المؤتمر العربي الأول للرعاية اللاحقة لخريجي دور الأيتام، والذي عقد فى القاهرة خلال العام الجارى، ونظمته جمعية وطنية لتنمية وتطوير دور الأيتام، شددت غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعي فى مصر، على أهمية قضية "الرعاية اللاحقة"، وقالت، إن الوزارة تؤمن بأن دعم الرعاية اللاحقة لا يجب أن يبدأ عقب خروج الشاب من الدار، ولكن من اليوم الأول لتربيته عبر منحه القدر الكافي من التعليم، وفقا لقدراته، ودعمه بحزمة من المهارات الاجتماعية والمهنية، التى تمكنه من بدء حياة مستقلة، مبنية على أسس اكتسبها خلال فترة تواجده بالدار.
غرف المعيشة داخل الدور
أماني تفقد فرصتها فى الزواج
رغم أن الظروف المعيشية تكاد تكون واحدة، تجد الفتيات من خريجات دور الأيتام معاناة أكثر شدة من معاناة الشباب، فطبيعتهن الأنثوية وعدم قدرتهن على التكيف السريع مع المجتمع، جعلت العديد منهن يواجهن أزمة بعد تخرجهن من الدور، والبعض منهن قررن الهرب قبل بلوغ السن؛ لعدم قدرتهن على تحمل التعليمات الصارمة التى فرضتها الإدارة، واعتبرها البعض منهن سوء معاملة، ليواجهن مصير أكثر قتامه عن غيرهن من الفتيات.
تجد أماني محمد البالغة من العمر 21 ربيعًا وهى أحدى فتيات دار "أبنتى" بمدينة 6 أكتوبر صعوبة فى استخراج شهادة ميلاد، وبالتالي صعوبة أخرى فى إتمام الزواج من أحد زملائها الذي تعرفت عليه فى المصنع الذى تعمل بها، نتيجة لأنها قررت مغادرة الدار فى سن الـ16 من عمرها بمحض إرادتها، هربًا مما اعتبرته سوء تعامل من جانب الإدارة وتفرقة فى المعاملة بينها وبين باقي زميلاتها من الأيتام، ومنذ ذلك الوقت لم تعد مسئولة منها، وبالتالي لا وجود لضامن لها؛ لاستخراج شهادة ميلاد وبطاقة "رقم قومي".
خلال الـ5 سنوات التى مرت على قرارها بمغادرة الدار، تنقلت "أماني" بين عدة أماكن للإقامة والعمل، فأقمت فترة فى دار أيتام "أم القرى"_وهى دار يقيم فيها شباب من خريجي الدار_، وفترة أخرى فى دار أيتام "الرواد"، تقول أماني: "تركت الدار لأنهم كانوا بيعاملوني وحش، وكانوا بيميزوا الكبار عن الصغيرين، وكانوا بيخصموا من مصروفي، وقعدت عند "طارق" و"كرم" فى دار "الرواد"، بعد ما أدوني "أوضة" فى الدار قعدت فيها أنا وواحدة صاحبتي بردوه هربت من الدار".
مدخل دار الايتام
وتقول "أماني" لـ"اليوم السابع": "اشتغلت فى مصنع "تكت" فى المنطقة الصناعية بمدينة 6 أكتوبر، وبقبض 1500 جنيه، وجت عليا فترة قعدت من الشغل لانى مش متأمن عليا، علشان مش معايا ورق ولا حاجة تثبت هويتي، وخلال الفترة دى أتعرفت على واحد معايا فى الشغل، وطلب منى الجواز، لكن الدار رفضت أنها تساعدني فى أنى أطلع بطاقة؛ لانى سيبت الدار ومشيت، وقالولي هاتى العريس نقعد معاه".
بطاقة هوية ..
المحامى والخبير القانونى محمد ماهر حمادي، وأحد المحامين الذين تولوا الدفاع عن عدد من خريجي دور الأيتام فى عدد من القضايا المختلفة بمدينة 6 أكتوبر، يقول إن إجراءات استخراج بطاقة الرقم القومي لخريجي دور الأيتام، تكون بعد بلوغهم سن الـ16، من خلال اصطحابهم إلى مكاتب السجل المدني، واستخراج بطاقة الهوية بناء على الاسم الذى اُختير لهم وقت انضمامهم للدار.
ويتابع "حمادي" فى حديثه لـ"اليوم السابع"، أنه يتم وضع عنوان الدار فى خانة السكن ببطاقة الأيتام، وفى بعض الأحيان تتوجه لجان من السجل المدني لاستخراج تلك البطاقات للأيتام داخل الدور، وفى حالة تخلف أحد الشباب عن إصدار بطاقة رقم قومي، فإن إجراءات استخراج بطاقة جديدة له، تكون عن طريق توجهه بصحبة ضامن من الدار، ومعتمد من وزارة التضامن الاجتماعي، إلى السجل المدني؛ لاستخراج البطاقة له.
محمد ماهر حمادى المحامى
سوق العبيد
"أماني".. واحدة من آلاف الفتيات من دور الأيتام اللاتى تبددت أحلامهن فى ارتداء فستان الزفاف، ومن ارتدته منهن لم يحصلن على أبسط حقوقهن فى اختيار شريك حياتهن، وكانوا مثل السلعة التى تعرض فى "قوائم" للاختيار بينهن، تقول "إيمان سيف" 22 عامًا: "معظم الزوجات إلى بتتم فى دار الأيتام مش بتكمل، لان الدار ما بتصدق تخلص من البنت، فبييجي شاب بيدور على عروسة، ويقابل الإدارة ويعرضوا عليه ألبوم صور للبنات يتفرج عليها، ويختار اللى على مزاجه، وكاننا فى سوق عبيد، ولو البنت رفضت بيشوف غيرها".
وتتابع "إيمان" التى هربت من دار أيتام "ابنتى" قبل 4 سنوات، ورافقت "أمانى" فى رحلتها لـ"اليوم السابع": "البنت لما بتطلق المفروض ترجع لبيت أهلها، ولكن الجمعية بترفض ترجع بنات مطلقين".
وعن أسباب فشل تلك الزيجات سألنا "إيمان" فقالت: "هتنجح إزاى، العريس فى الغالب بيكون عنده مشاكل، لأما متجوز ومخبى على البنت، لأما بيكون عنده مشاكل ذهنية، أو كبير فى السن، وعلشان كده بيلجأ للدار، لأنه عارف إنهم مش هيرفضوه، وحتى الإدارة مش بتكلف نفسها تسأل عن العريس، وتتأكد إنه كويس ولا لا، دول بيتخانقوا على أوضة البنت لما تمشى، مين اللى هيقعد فيها، وبالتالي الجوازة مش بتكمل شهر أو اثنين أو سنة بالكتير وبتفشل".
الكلاب تسكن إحدى دور الايتام
على الجانب الأخر ترى عزة النصيرى عضو مجلس إدارة دار "النصيرى" لرعايا الأيتام أن الأمور ليست بذلك السوء الذى يصوره خريجو دور الأيتام وتقول، إنهم يوفرون كافة ما يحتاجه النزلاء من مأكل وملبس مشرب، فضلًا عن تنمية قدراتهم الفكرية والذهنية والبدنية، من خلال إقامة ورش عمل لتعليمهم الرسم والنحت، وغيرها من الأنشطة التى يرغبون فى تعلمها.
وتؤكد "النصيرى" فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أنهم يثقلون مواهب الأطفال الأيتام الرياضية من خلال تشجعيهم على ممارسة كرة القدم أو الكاراتيه وغيرها من الألعاب الرياضية كلًا حسب ميوله، ويشغلون وقتهم دائمًا؛ حتى لا يتركون لهم مساحة من الوقت، تدفعهم لأمور غير سوية، وأن المتابعة تستمر مع الفتيات حتى تتزوج، ومع الشاب حتى يصبح قادرًا على كسب عيشه بيده.
وعن كيفية التعامل مع الفتيات والفتيان من خريجي الدار، تقول "النصيرى" إن ليست كل الدور تتعامل بنفس الطريقة مع الأيتام، ولكن فى الغالب فأن الفتاة تكون ملزمة من الدر منذ دخولها إليها وعمرها يومًا واحدً، وحتى يوم زفافها، وأنه فى حالة انفصالها عن زوجها، تعود إلى الدار مرة أخرى، لأنها تعتبرها بيتها وليس لها مكان غيره، أما الشباب فيتخرجون من الدار حينما يكونوا قادرين على كسب عيشهم، ليستقلوا بأنفسهم، ويبدأون حياة جديدة.
النيران التهمت إحدى الغرف
الاندماج يبدأ من الدار
الاندماج فى المجتمع هو المشكلة الأساسية التى تواجه العديد من خريجي دور الأيتام، فلا المجتمع يقبلهم، ولا هم قادرين على قبوله، وتلك الأزمة كانت النواة الرئيسية لمشاكل أخرى تفرعت منها، وباتت قنبلة موقوتة قد تنفجر فى أى وقت.
أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة الأزهر طه أبو حسين يرى ضرورة أن تبدأ عملية اندماج الأيتام فى المجتمع مع اليوم الأول لدخولهم الدار، عن طريق برنامج تربوي شامل، يضمن تلقيهم الرعاية المناسبة التى تؤهلهم نفسيًا وذهنيًا وعقليًا للتعامل مع المجتمع، وتزرع فيهم القيم الأخلاقية والدينية والعاطفية، التى تكون بوصلة الفرد التى تحدد له الصواب والخطأ، وتقوده نحو الطريق القويم، الذى بدوره يجعل اندماجهم فى المجتمع سهلًا.
البرنامج التربوي الذى طالب "أبو حسين" خلال تصريحات لـ"اليوم السابع"، بوضعه لنزلاء دور رعايا الأيتام، أكد على ضرورة دعمه بعدة قوانين وتشريعات، تضمن استمرار الرعايا لخريجي الدور، حتى بعد مغادرتهم الدار، وحتى يبلغوا سن الثبات وهو سن الأربعين_وفقًا له_وأن يكون هناك متابعة دورية من قبل مسئولى وزارة التضامن الاجتماعي مع خريجي دور الأيتام.
وعن الحديث عن وضع قوانين تضمن حصول خريجي دور الأيتام على نسب معينة فى الوظائف وغيرها من الحقوق الاجتماعية، رفض "أبو طالب" ذلك المقترح، واستنكره بشدة، مؤكدًا أن ذلك التنصيف محذور وبدلًا من أن يؤدى دور فى اندماج خريجي دور الأيتام فى المجتمع سيودئ إلى انعزالهم، ولكنه فى الوقت ذاته طالب بضرورة إيجاد وظائف لهم دون نسب أو تفرقة بينهم وبين باقي أفراد المجتمع.
دورة مياه متهالكة
تحرك برلماني ..
التحرك النيابي لم يكن بعيدًا عن قضية الرعايا اللاحقة، فالنائب البرلماني محمد الكومى، تقدم خلال عام 2017 بمشروع قانون حول الرعاية اللاحقة لخريجي دور رعاية الأيتام، يضمن توفير الدولة رعايا إضافية لخريجي دور الأيتام، بما يكفل لهم حياة كريمة، وهو القانون الذى لم يخرج إلى النور حتى الآن.
يرى "الكومى" عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أن سبب تأخير القانون حتى اللحظة الراهنة يرجع إلى انشغال لجنة التضامن الاجتماعي بالعديد من القوانين الأخرى، وأنه من المتوقع أن يصدر القانون خلال دور الانعقاد الأخير من عمر المجلس فى الفترة ما بين شهر أكتوبر 2019 وحتى يوليو 2020.
ويقول "الكومى" لـ"اليوم السابع" إن ذلك القانون يعالج الكثير من العوار فى القوانين المنظمة لدور الرعاية، ورعايا الأطفال الذين ليس لهم أهلية، خاصة وأن المجتمع يبذل جهدًا كبيرًا فى سبيل رعاية الأطفال الأيتام، ويضيع ذلك الجهد، بعد تخرجهم من الدور دون أن يجدوا الرعاية المناسبة، أو من يمد لهم يد العون.
وعن ما إذا كان ذلك القانون سيشمل من تخرجوا بالفعل من دور الرعاية، يقول "الكومى"، إن الأمر سيناقش داخل اللجنة من أجل تطبيق القانون بأثر رجعى؛ لحماية الشباب الذين تخرجوا من دور الرعاية، وتوفير مسكن وعمل ورعايتهم بشكل مستمر؛ لتكون الحكومة بالنسبة إليهم أسر بديلة، حتى وصولهم إلى سن الـ40، وإنه من غير المنطق أن يتخرج الشاب فى عمر المراهقة، دون أن يجد أب أو أم أو عم أو خال يوجهه نحو الصواب، فهو لا محالة فى ذلك الموقف سيكون كالقشة فى مهب الريح.
تعديلات تشريعية ..
كما قدمت كارولين ماهر، عضو لجنة التضامن الاجتماعي فى البرلمان، مشروع تعديل قانون التضامن الاجتماعي رقم 137 لسنة 2010، والذى يهدف إلى ضم بعض الفئات التى تحتاج إلى الرعاية والدعم، مثل خريجي دور الرعاية، لرئيس مجلس النواب، الدكتور على عبد العال، والذى أحاله إلى لجنتي التضامن الاجتماعي والقوى العاملة، فى منتصف شهر مايو الماضي.
مشروع تعديل القانون المقدم من النائبة كارولين ماهر
تابع مشروع القانون
نزلاء دار أيتام الرواد
نزلاء دار أيتام الرواد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة