تسببت نتيجة الانتخابات التمهيدية فى الأرجنتين خلال الفترة الماضية فى زلزال سياسى قوى لواشنطن وأمريكا اللاتينية ، وذلك بعد فوز اليسار الأرجنتينى مع فوز مرشح المعارضة ألبيرتو فيرنانديز على الرئيس الحالى ماوريسيو ماكرى، وهو ما ينذر بعودة اليسار إلى أمريكا الجنوبية.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية فإن الشعب الأرجنتينى عانى من معسكر اليمين، الذى أصبح يسيطر على العالم فى الفترات الأخيرة، موضحا أنه حال صوتت الارجنتين بنفس الطريقة فى أكتوبر القادم ، سيعود اليسار مجددا الى البلاد.
وأكد التقرير أن الأمور تتجه إلى الأسوأ بالنسبة لمصالح واشنطن فى بوينس آيرس، بعدما تلقى حزب الرئيس الموالى لها ماكرى هزيمة قاسية.
وأضاف أن "ملكة الدراما" وهو اللقب الذى يطلق على الرئيسة السابقة "كريستينا فيرنانديز دى كيرشنر" عادت مجددا ،وان لم يكن فى الصف الأمامى، إلا أن هذه العودة اعتبرتها الصحيفة "خدعة رائعة"، ومن الواضح ان تلك الخطة تنجح، إلا أن هذا التقدم فى السباق الانتخابى يمهد لرؤية سلبية تجاه اتفاقية التجارة الحرة التى أبرمتها الأرجنتين وثلاث دول فى أمريكا الجنوبية مع الاتحاد الأوروبى.
ويعنى فوز اليسار الارجنتينى أن النفوذ اليسارى قد يستمر إلى عقود قادمة، فالتيار اليسارى فى بوليفيا عاد مع إعلان ايبو موراليس رئيساً، وفى الأوروجواى، وانتخاب نيكولاس مادورو فى فنزويلا وانتخابات الإكوادور التى فاز فيها الرئيس اليسارى رافائيل كوريا بولاية جديدة، وهذا يعنى أن الملامح اليسارية لأمريكا الجنوبية بدت واضحة وبقوة مع تراجع اليمين المدافع عن السوق الحرة والليبرالية وسياسة الانفتاح والمنفتح على تطبيق سياسات صندوق النقد الدولى.
وأشار التقرير إلى أن نتيجة الانتخابات الأرجنتينية أيضا تظهر أن الرئيس الحالى ماوريسيو ماكرى بسياسته الاقتصادية الإلزامية ، لا يقبله إلا ثلث الناخبيين ، ولإعادة الثقة ، يلزم اتخاذ تدابير صارمة من خفض الإعانات والديون وتخفيض الجهاز الحكومى المتضخم، وذلك قبل انتخابات اكتوبر القادم.
ولكن الاستثمارات الأجنبية المتوقعه كانت قليلة للغاية، وتم سحبها نتيجة للسياسة الجدية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب ، فبدون الدعم أصبحت المياه والكهرباء والغاز اغلى ثمنا ، وفى الوقت نفسه فشل ماكرى فى السيطرة على التضخم ، وارتفعت جميع الاسعار ،فضلا عن نمو البطالة وكذلك الفقر ، وأخيرا ، اضطر ماكرى إلى طلب قرض جديد من صندوق النقد الدولى ، المكروه فى الأرجنتين.
وبذلك فإن عودة اليسار فى الأرجنتين قد يعيد دراسة بعض الملفات كاتفاقية التجارة الحرة وتعديل بعض القوانين بما يخص الاستيراد و عمل الشركات والضرائب ويراهن على أن المكتسبات التى عمل لأجلها فى المساواة والتوزيع العادل للثروات والضمان الاجتماعى والصحى والتعليم ستكون رافعة له مع بقاء معضلات جاثمة تبحث عن حلول كالتضخم والبطالة.
وأضاف التقرير أن السبب الأكثر أهمية لتحول المنطقة نحو اليسار هو العجز فى النمو الاقتصادي، خاصة مع السياسات المالية القاسية والاستقلالية الكبيرة المعطاة للبنوك والانفتاح على التجارة والاستثمارات العالمية وتخصيص المشاريع والمؤسسات العامة وتجاهل استراتيجيات التطوير الاقتصادى والسياسات الصناعية، ورغم أنها كان لها الأثر الناجح في ازدياد النمو، الا أن هذه الإصلاحات خلفت وراءها الكثير من الفقراء وانعدام المساواة.
واشار التقرير إلى أن الدرس الثالث لنتائج الانتخابات هو علامة تبعث على القلق للمستقبل ، فمعظم الناخبين لم يعد لديهم صبر، حيث يتوقعون التغيير المطلوب على الفور، ومن البريكست الى سياسة ترامب ووجود جايير بولسونارو فى البرازيل ، وأندريس مانويل لوبيز أوبرادور فى المكسيك يؤثر الى حد كبير على الناخبين لتغيير السياسات.
هل تدخل الأرجنتين دوامة هبوط أخرى؟
وأشار التقرير إل أنه إذا فاز الثنائى فرنانديز - فرنانديز فى انتخابات أكتوبر ، فقد يصبح نضال الأرجنتين المؤلم من أجل التقدم الاقتصادى بمثابة جسر نحو دوامة هبوط بالنسبة للبلد بأسره، ما لم يتمكن ألبرتو فرنانديز من احتواء كريستينا فرنانديز، لكن هذا سيعنى استمرار سياسة ماكرى وليس الحل السريع والسهل الذى يتوقعه الناخبون.
ووصف المرشح اليسارى ألبرتو فرنانديز الرئيس البرازيلى جايير بولسونارو بأنه "كاره للنساء وعنصرى وعنيف"، فى أحدث تراشق كلامي فى الخلاف الدبلوماسى بين الدولتين الجارتين فى أمريكا الجنوبية، وجاء التصعيد الكلامى لفرنانديز بعد أن أعرب بولسونارو عن مخاوفه من أن يجر فوز اليسار الأرجنتينى فى انتخابات أكتوبر الرئاسية فى الأرجنتين البلاد إلى الخراب الاقتصادى ويطلق شرارة هجرة جماعية.
ودعا فرنانديز الرئيس البرازيلى إلى إطلاق سراح الرئيس اليسارى السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من السجن ومواجهته فى انتخابات حرة.
والأرجنتين والبرازيل شريكتان مع أوروجواى وباراجواى فى تحالف "ميركوسور" الاقتصادى الأمريكى الجنوبى الذى وقع فى يونيو الماضى اتفاقية تجارية ضخمة مع الاتحاد الأوروبى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة