الواقع والحقيقة يؤكدان أن الفترة الماضية طفت على السطح بشكل واضح أزمة استخدام طائرة التجسس وعلى رأسها واقعة القبض على محامي، الجمعة الماضية، يتجسس على جيرانه السيدات داخل منازلهن، مستخدمًا طائرة مسيرة مزودة بكاميرا، تلك الواقعة التى أثارت الرأى العام بكل طوائفه وشرائحه.
تلك الواقعة جعلتنا نتطرق لحزمة من الأسئلة والإجابة عنها لمسألة حيازة تلك النوعية من الطائرات، كيف بدأت وكيف تطورت؟ ومن له الحق فى حيازتها وشروط تلك الحيازة؟ وهل القانون المصرى حدد عقوبات لمخالفة هذا الأمر سواء فى استخدامها كاللعبة أو بغرض الجريمة أو حتى لغرض إرهابى.
من المتعارف عليه أن علوم تكنولوجيا الطائرات التى يتم توجيهها عن بُعد لم يكن فى حقيقة الأمر يمتلكها أو يعمل على تطويرها سوى دول العالم المتقدمة غير أنه بمرور السنوات، أصبح الأمر أشبه بـ"الموضة"، وذلك مع مدى كارثية امتلاك الأشخاص العاديين فى الأسواق وغيرها لهذه النوعية من طائرات التجسس.
مسألة امتلاك الطائرات دون طيار انتقلت خلال السنوات الماضية من دول العالم الأول لدول العالم الثالث، ما أدى معه إلى انتشار متابعة ضبطيات هذه النوعية من الطائرات أثناء محاولة دخولها دول العالم الثالث، وذلك لأغراض مختلفة، بعدما أصبحت فى متناول الجميع وبأسعار رمزية، ليس هذا فحسب، بينما العقلية الإجرامية للجماعات والتنظيمات الإرهابية على مستوى العالم فى الوقت الراهن، وجدت ضالتها فى التكنولوجيا المتطورة.
امتلاك طائرات التجسس من قبل الحركات والتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها جماعة الإخوان وتنظيم داعش الإرهابى – بحسب عدد من أوراق ووثائق قضايا الإرهاب - كانت لهما الأسبقية فى استخدام أسلوب الطائرات بدون طيار حيث بدأت تستخدمها بشكل ملحوظ –بجانب "الأحزمة الناسفة"، وذلك بعد تورط أعضاء تلك التنظيمات وعناصرها فى العديد من العمليات الإرهابية وحال إحباطها يكون مصيرهم الإعدام شنقًا، بعد توجيه اتهام "الخيانة العظمى" لهم.
الطائرات المعروفة بـ"طائرات بدون طيار" فى الفترة الأخيرة أصبحت بضاعة رائجة ومنتشرة لكن هذه المرة ليست للجماعات والتنظيمات الإرهابية فقط لكنها دخلت فى عدد من المجالات، لعل أبرزها فى المجالات الرياضية والسينمائية، وفى الآونة الأخيرة وصلت إلى صالات الأفراح، بدون أن يكون هناك قانون أو ضابط أو رابط يحكم طريقة استخدامها، أو جهة معنية تعطى الإذن لمن يريد اقتناءها أو متابعة من يحاول استغلالها بطريقة غير التى وجدت من أجلها.
كاميرات الأفراح الشعبية
فى الفترة الماضية، ازدادت بشكل ملحوظ مسألة استخدام الكاميرات من خلال الطائرة اللاسلكية فى عمليات تصوير الأفراح فى المناطق التى يطلق عليها بالشعبية والعشوائيات، مقابل أسعار زهيدة فى متناول الجميع، كما يتم استخدامها أيضاَ فى العديد من الحفلات، من خلال ظهور الطائرة اللاسلكية فى الأفراح الشعبية بطريقة مدهشة واستعراضية فى عملية رصد الفرح.
أنواع الطائرات
تتعدد أنواع الطائرات اللاسلكية منها على سبيل المثال لا الحصر الطائرة العادية، والطائرات صغيرة الحجم، والطائرة الهليكوبتر، والطائرة التى تسير بسرعة الصوت، والكاميرا الطائرة أو ما تعرف بـ DRONE CAMERA وهى عبارة عن طائرة لاسلكية تحمل كاميرا، وتطير لمسافات تصل إلى 300 متر، وتستخدم عادة فى تصوير مباريات كرة القدم والأعمال الدرامية والأفلام السينمائية.
مصر تمنع الطائرات اللاسلكية
وعن مسألة مدى قانونية استخدام "الطائرات بدون طيار"، يقول ياسر سيد أحمد، الخبير القانونى والمحامى بالنقض، أن مجلس النواب فى غضون 19 ديسمبر 2017 وافق على مشروع قانون جديد بشأن تنظيم استخدام الطائرات المحركة آليًّا أو لاسلكيًّا وتداولها والاتجار فيها.
وتنص المادة الثانية – بحسب "أحمد" فى تصريح لـ"اليوم السابع" - من القانون على: "حظر على وحدات الجهاز الإدارى للدولة من وزارات ومصالح وأجهزة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والشركات وغيرها من جهات ذات الشخصية الاعتبارية العامة أو الخاصة أو الأشخاص الطبيعيين، استيراد أو تصنيع أو تداول أو حيازة أو الاتجار أو استخدام الطائرات المٌحركة آليًّا أو لاسلكيًّا، إلا بعد الحصول على تصريح بذلك من الجهة المختصة، وذلك وفقًا للأحوال والشروط والإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون مع مراعاة أحكام قانون الطيران المدنى الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981".
كما نصت المادة الثالثة على: «معاقبة بالحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز الـ7 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تتجاوز الـ50 ألف جنيه لمن يخالف إجراءات التصريح، وقد تصل العقوبة لتكون بالسجن المؤبد إذا ارتكبت أيا من الأفعال المُحرمة فى الفقرة السابقة لغرض إرهابى، وتكون العقوبة الإعدام إذا نشأ عن الفعل وفاة شخص، وفى جميع الأحوال تحكم المحكمة بمصادرة الآلات والأدوات المستخدمة فى الجريمة لصالح القوات المسلحة» - وفقا لـ"أحمد".
وتعتبر الدولة المصرية ليست هى الدولة الأولى فى العالم لمنع استخدام هذه النوعية من الطائرات اللاسلكية، حيث أن دولة السويد هى الأخرى منعت استخدام هذه النوعية، فضلاَ عن منع العراق والسعودية والأردن استخدام هذه الطائرات المصحوبة بالكاميرات دون الحصول على موافقات أمنية من الجهات المسئولة هناك.
وحول الموقف القانونى من هذه الطائرات اللاسلكية - أكد الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض، أن عملية استخراج تصريح التصوير يكون بمعرفة وإذن الجهات الأمنية والإعلامية، وهى التى تحدد من يستحق الحصول على تصريح للتصوير، حيث أن التصوير فى الشارع يحتاج إلى موافقة من الشخص الذى يتم تصويره وأخذ إذنه.
مصلحة الجمارك – بحسب "الجنزورى" فى تصريح خاص - لعبت دورًا كبيرًا فى إحباط عدد كبير من عمليات تهريب الطائرات الممنوعة تلك إلى الداخل المصرى، حيث أن المصلحة تعاقدت على 100 جهاز أشعة سينية أو أشعة X-Ray للكشف عن هذه الطائرات المحظورة، كما أن 40% من المطارات المصرية بها أجهزة متقدمة لكشف التهريب، وذلك فى الوقت الذى كانت فيه أحد أسباب وجود هذه الطائرات هو حالة الانفلات الأمنى بعد ثورة 25 يناير، وكانت عمليات التهريب تحدث فى وضح النهار.
مكتب النائب العام –وفقا لـ"الجنزورى" - أصدر بخصوص الطائرات المحركة آلياَ ولاسلكياَ القانون رقم 215 لسنة 2017 بتنظيم استخدام الطائرات المحركة آلياَ أو لاسلكياَ وتداولها والاتجار فيها، بتجريم استيراد أو تصنيع أو تجميع أو تداول أو حيازة أو الاتجار أو استخدام الطائرات المحركة آلياَ أو لاسلكياَ دون الحصول على تصريح بذلك من الجهة المختصة.
العقوبة
تكون العقوبة فى هذه الجريمة، الحبس من سنة إلى سبع سنوات وغرامة لا تقل عن 5 الأف جنية ولا تتجاوز 50 ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين، والسجن إذا ارتكب لغرض إرهابى، والإعدام إذا نشأ عنه الفعل وفاة شخص، ومصادرة الآلات والأدوات المستخدمة – الكلام لـ"الجنزورى".
الأجهزة الأمنية
وعن التعامل الأمنى مع الطائرات اللاسلكية غير المشروعة، يرى اللواء مجدى البسيونى مساعد أول وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني، أن القانون المصرى تصدى لهذا الأمر نظرا لخطورتها الشديدة على المواطنين والمجتمعات إلا أن أهل الشر من ضعاف النفوس يبيعونها ضمن لعب الأطفال، مع الأخذ فى الاعتبار أنه يصعب بشكل كبير مواجهة هذه الطائرات، خاصة أن بعضها حجمه صغير جدا ويسهل تهريبه.
جماعة الإخوان الإرهابية – وفق "البسيونى" في تصريح لـ"اليوم السابع" - استخدمت الكاميرات الطائرة اللاسلكية خلال فترة اعتصام رابعة العدوية والنهضة المسلحين، وذلك بغرض التأكد من عدم دخول أي شخص غريب إلى اعتصامهم، وكانت تعمل على إرسال مقاطع الفيديو والصور إلى القنوات المعادية لمصر فى تركيا وقطر لنشر صورة مغلوطة وكاذبة عن مصر وقت الاعتصام.
القانون يعاقب كل شخص يستخدم هذه النوعية من الطائرات اللاسلكية أو يبيعها أو يمتلكها بدون تصريح أمنى من الجهات المختصة بالحبس والغرامة، وهذه الطائرات تدخل إلى الدولة بريا عن طريق الحدود المصرية سواء الليبية أو السودانية، والتى تمتد مسافة أكثر 1800 كيلو متر، وتدخل إلى مصر وسط لعب الأطفال – هكذا يقول "البسيونى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة