أكد الدكتور عبد الله النجار عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، خلال ترأسه قافلة الأزهر والأوقاف الثالثة، بمنطقة الزمالك بالقاهرة، أن الأمم لا تُبنى بالكلام ولا بالشعارات ، إنما تبنى بالعلم والعطاء والتضحية ، ومن أهم سبل بناء الأمم وتقدمها العمل الجاد المتقن.
وأكد الدكتور محمد عبد الحميد خطاب الباحث بالإرشاد الديني بوزارة الأوقاف، أنه إذا كان الفرد هو العنصر الأساس في بناء المجتمع فإن دوره الحقيقي في هذا البناء لا يكتمل ولا يتم إلا من خلال العمل مع بقية أفراد المجتمع ، حيث إن الإنسان بمفرده قد ينجز بعض الأعمال لكن إذا أُضيف فِكره إلى فِكر غيره ، وجهده إلى جهد غيره ؛ لا شك أن الإنجاز سيكون أكبر وأعظم وأنفع ، لذا فقد أعلى الإسلام من شأن العمل الجماعي وجعله من أهم عوامل وأسس بناء الدول والحضارات ؛ لما فيه من استثمار للطاقات ، وتوحيد للهمم ، وتعاون من أجل تحقيق الأهداف المشتركة التي تحمل الخير للناس جميعًا ، يقول سبحانه: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”.
و أكد الشيخ أحمد عبد القادر محمد مدير عام منطقة وعظ الأسكندرية، أن المتدبر في الخطاب القرآني يرى أن الآيات التي تحث على بث روح العمل الجماعي ، والقيام بالمهام كفريق واحد كثيرة ومتعددة ، ومن ذلك قول الحق سبحانه في الأمر بعبادته: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”.
وأكد الشيخ عصام الدين شوقي عبد العاطي مدير عام منطقة وعظ الجيزة أن القيام بالأعمال وأداء المهام بهذه الروح الجماعية يقوي أواصر المودة والمحبة و الأخوَّة والتآلف بين أبناء المجتمع الواحد ، فيتحقق فيهم وصف الله تعالى : “وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً” ، ويصدق فيهم قول النبي (صلى الله عليه وسلم) : “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”.
وأكد الشيخ محمد ابراهيم عبد الله عضو القافلة، أن القرآن الكريم ضرب لنا الكثير من الأمثلة الرائعة التي تُرغب في العمل الجماعي ، وتحثُّ عليه ، وتُوضح كيف كان أثره في تحقيق الأهداف العظيمة ، فهذا سيدنا إبراهيم عليه السلام حين أمره الله تعالى ببناء الكعبة المشرفة ؛ ذَهَبَ إِلَى ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَقَالَ لَهُ: “إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ.
وأكد الشيخ محمد عبد العال الدومي، أن القرآن ضرب أروع الأمثلة على أمية العمل الجماعي في سورة الكهف حيث يحدثنا ربنا سبحانه عن أُنموذج رَاقٍ مِنَ التَّعَاوُنِ وَالتَّكَامُلِ والعمل بروحٍ جماعيةٍ فِي قِصَّةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ ، وذلك عندما وصل هذا الملك العادل إِلَى قَوْمٍ لَا يَعْرِفُهُمْ وَلَا يَعْرِفُونَهُ، فَطَلَبُوا مُسَاعَدَتَهُ ، فَأَجَابَهُمْ لما طلبوا ، ولكنه ألزمهم أن يتعاونوا معه ، وأشركهم في العمل واسْتَثْمَرَ طَاقَاتِهِمْ ، فكانوا جميعًا يدًا واحدةً حتى تم هذا البناء الضخم ، الذي كان سببا في حمايتهم من أذى يأجوج ومأجوج.
وأشار الشيخ عرفة محمد أحمد، إلى قصة كليم الله موسى (عليه السلام) حين سأل الله (عز وجل) أن يشد من أزره بأخيه هارون (عليه السلام) ليكون له سندا وعونا في المهمة التي كلفه الله (عز وجل) بها، وفي ذلك يقول الحق سبحانه على لسان سيدنا موسى (عليه السلام) : “قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا*إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا” مؤكدًا ضرورة طلب المساعدة حال احتياجها , فمع كون موسى (عليه السلام) نبيًا , لم يمنعه هذا عن سؤال الله المساعدة في تبليغ الرسالة وذلك بأن يرسل معه أخاه هارون.
و أكد فضيلة الدكتور محمد أحمد حامد، أن المتدبر في السِّيرة النبوية العطرة يرى فيها صفحات مشرقة منَ التعاون والمشاركة والعمل الجماعي في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أصحابه الكرام ، يقول سَيِّدُنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) : “إِنَّا وَاللَّهِ قَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ ، وَكَانَ يُوَاسِينَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ” .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة