يعتبر الزواج العرفى من أكبر الكوارث التى تواجه المجتمعات العربية والإسلامية وعلى رأسها المجتمع المصرى، حيث إن كثيراَ من النساء ضاعت حقوقهن وأصبحن فى مهب الريح وشردت بسببه كثير من الأطفال على الرغم من التحذيرات والتنبيهات المتتالية لخطورته من الدراما والإعلام وتجريمه من القانون الحالى، إلا أنه واقع مرير يعانى منه المجتمع.
والأكثر خطورة أن الزواج العرفى يُعد أحد أهم أبواب زواج الأطفال الذى ينتشر بشكل مخيف فى القرى والصعيد بشكل كبير، وذلك لأن السن تكون صغيرة ثم يقوم الأهل بتزويج أطفالهم عرفيًا، الأمر الذى أدى معه إلى وضع المجلس القومى للمرأة مادة لمواجهة ظاهرة الزواج العرفى بما يمثله من إهدار لحقوق المرأة، ونص مشروع القانون على منح مهلة اختيارية لتوثيق عقود الزواج العرفى والتصادق عليه خلال 5 سنوات من تاريخ نفاذ القانون.
الأمر لم يقتصر على مواجهة المجلس القومى للمرأة للأزمة والتصدى لها من خلال مشروع القانون بل حاول الأزهر الشريف هو الآخر التدخل عن طريق عدة مقترحات وتعديلات على قانون الأحوال الشخصية واقتراح تجريم الزواج العرفى تماما واعتباره زنى، حيث اتفقت هيئة كبار العلماء بالإجماع على «تجريم كل زواج يتم بدون توثيق، أو تحت السن القانونية والمحدد بـ18 عاما واعتباره زنى وباطلا».
وبين تأييد البعض لتشريع الأزهر الجديد وفرض العقوبات، ورفض البعض الآخر، أثيرت إشكالية أن هذا التشريع منافٍ للشريعة والدستور والقانون، وطالب فريق آخر بوجود عقوبات بديلة لمواجهة هذه الظاهرة باعتبار أن هناك عدم مساواة فى قانون العقوبات المصرى، فالقانون يميز بين الرجل والمرأة فى عقوبة الزنى.
تنص مادة 274 من قانون العقوبات على: «المرأة المتزوجة التى ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها أن يوقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت»، وتنص المادة 277 على: «كل زوج زنى فى منزل الزوجية وثبت عليه هذا الأمر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور».
وقف «اليوم السابع» على إشكالية الزواج من الناحية القانونية والعملية عن طريق رصد كيفية إثبات الزواج العرفى وتقنين وضعه من الناحية القانونية والعرفية وبيان الاختلاف فى مدى صحة الزواج العرفى، فى الوقت الذى يحرمونه يستدلون بقول النبى: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولى من لا ولى له» - بحسب الخبير القانونى والمحامى المتخصص فى الشأن الأسرى عبد المجيد جابر.
الزواج العرفى فى الواقع هو زواج يشهده الولى والشهود، إلا أنه من الناحية العملية لا يكتب فى الوثيقة الرسمية التى يقوم بها المأذون، وهو فى حقيقته اتفاق مكتوب بين طرفين «رجل وامرأة» على الزواج دون عقد شرعى، مسجل بشهود أو بدون شهود، لا يترتب عليه نفقة شرعية، أو متعة وليس للزوجة أى حقوق شرعية لدى الزوج، كما أن الزواج العرفى أيضاَ يطلق على العلاقة بين رجل وامرأة، تقوم فيه المرأة بتزويج نفسها بدون موافقة «أو علم» وليها وأهلها، ويتسم عادة بالسرية التامة، ويكون بإحضار أى شخصين «كشاهدين» وثالث يكتب العقد.
وفى الغالب يلجأ البعض نتيجة الأهواء أو الظروف المجتمعية لعقد الزواج بالطريقة المسماه «العرفى» وقد يكون لهم ظروفهم الخاصة التى لم تسمح لهم بالذهاب للمأذون الشرعى لعقد الزواج الرسمى، ويجب التفريق من الناحية العملية بين شقين: الأول الشق الشرعى، والثانى الشق القانونى كالتالى:
الشق الشرعى:
يجب لصحة العقد أن تتوافر به كل الشروط اللازمة لعقد الزواج الرسمى، حيث إن الشروط العامة التى وضعها الفقهاء لانعقاد صحة ونفاذ الزواج هى ذاتها الشروط اللازمة لصحة وانعقاد الزواج العرفى، وذلك لأن الفقهاء لا يفرقون بين الزواج العرفى والموثق طالما الشروط متوافرة فى وهى الإيجاب والقبول الصحيحين، وأن يكون كل من المتعاقدين مميزاً غير ناقص الأهلية، والولى لغير الثيب أما الثيب التى سبق لها الزواج من قبل فلا تحتاج إلى ولى طبقا لمذهب الإمام أبى حنيفة، والذى أخذ عنه القانون المصرى وكذلك الإشهاد.
ومسألة الشهادة على الزواج هو الفيصل بين صحة الزواج أو بطلانه، وبالتالى فإن العقد إذا خلا من الشهود والإشهاد عليه يكون باطلا ويكون الزواج السرى فى هذه الحالة ليس زواجا على الإطلاق، بل إنه ينحدر ويصبح زنا، ومن ثم اشترط القانون أن يكون لعقد الزواج والشهود الذين يعلمون به، وترغيبا فى الإعلان على الزواج للكافة، كذلك لابد من تلقى الزوجة المهر ومن غيره يبطل هذا العقد، وكذلك صيغة الإيجاب والقبول فبدونها أيضا يبطل العقد.
الشق القانوني:
وعن الشق القانونى يؤكد «جابر»، يجب أن يكون العقد عليه ختم محامى استئناف عال، وكذلك ختم مكتب محامى معتمد بالنقابة الفرعية للمحامين، وكذلك رقم قيد المحامى بنقابة المحامين، ويجب توثيق عقد الزواج العرفى وإثباته حفاظاً على الحقوق الأسرية وحقوق النسب والأطفال والمواريث والحفاظ على المجتمع.
كيفية أن تجعل عقد زواجك العرفى رسمياً:
عن طريق دعوى إثبات الزواج عن طريق محامى متخصص، وترفع الدعوى أمام محكمة الأسرة التابع لها محل إقامتك أو بعمل قسيمة تصادق على هذا العقد عند مأذون شرعى وهى الحالة الأكثر انتشارا وخصوصا عند وجود حمل فيتم التصادق عليه بنفس تاريخ العقد الأول، وهناك حالتين عند توثيق العقد فى المحكمة:
فى حالة إقرار الطرفين أو فى حالة إنكار الزوج
الحالة الأولى: عدم وجود نزاع بين الزوجين
1-تتقدم الزوجة بطلب لمكتب تسوية المنازعات القانونية بمحكمة الأسرة بإثبات علاقة الزوجية بينها الذى تمت بطريقة شرعية من حيث الإيجاب والقبول والأشهاد والإشهار.
2-تنص المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 على أن: «لا تقبل الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج إذا كان سن الزوجة يقل عن 16 عامًا أو كان سن الزوج يقل عن 18 عامًا وقت رفع الدعوى» .
3-استدعاء الزوج لإقرار الزيجة من عدمها، والاعتراف بصحة التوقيع على العقد العرفى.
4-لا يستدعى تقديم وثيقة رسمية لإثبات العلاقة الزوجية ما دام الزوج قد أقر بالعلاقة الزوجية.
5-تقديم «أصل العقد العرفى».
الحالة الثانية: وجود نزاع وإنكار الزوج للزواج
1-تتقدم الزوجة بطلب لمكتب تسوية المنازعات القانونية بمحكمة الأسرة بإثبات علاقة الزوجية بينها الذى تمت بطريقة شرعية من حيث الإيجاب والقبول والأشهاد والإشهار.
2-تثبت الزوجة الزواج بعقد عرفى مع حضور الزوج ليقر بالزيجة.
3-استدعاء الزوج لإقرار الزيجة من عدمها، والاعتراف بصحة التوقيع على العقد العرفى.
4-تقديم «أصل العقد العرفى».
5-إذا رفض الزوج الاعتراف بالزواج وأنكر صحة توقيعه، يتم تحويل توقيعه إلى مصلحة الطب الشرعى، لبيان صدق كلامه من عدمه وإذا ثبت كذب إدعاء الزوجة تشطب الدعوى.
6-إذا ثبت كذب الزوج يتم قبول الدعوى، وتحصل الزوجة على صورة نهائية من الحكم القضائى، ويتم إثبات زواجها العرفى رسميًا.
الزوج العرفى فى المذهب الحنفى
ووفقا لأرجح الأقوال فى المذهب الحنفــى بالنسبة للزواج العرفى ركن أساسى و هو الإيجاب و القبول، وعن شروط «الزواج العرفى» تتمثل فى أن يكون طرفى العقد عاقليـن، وألا يرجع الموجب عن إيجابه قبل القبول، و أن يكون الإيجاب و القبول بمجلس واحد دون فصل بينهما، متلازمين متوافقين .
شروط صحة الزواج العرفى
وعن شروط صحة الزواج العرفى، تتمثل فى أن تكون المرأة محلا للنكاح أى غير محرمة على الزوج، وألا يكون النكاح مؤقتــا، وأن يكون الزوج كفؤا للمرأة التى يتزوجها، و حضور شهود لهذا العقد.
شروط النفاذ
وبالنسبة لشروط النفاذ، يقول «جابر» - أن لهذا العقد شروط نفـاذ بأن يكون المتعاقد أهلا لإبرامه بأن يكون بالغا عاقلا حرا، و أن يكون العاقد ذا ولاية على إنشاء عقد الزواج و شروط لزوم من كفاءة الزوج و خلو عقد النكاح من التغرير و كمال مهر المثل و خلو الزوج من العيوب التى تحول بينه و بين معاشرة زوجته معاشرة، فإذا ما توافرت كافة الشروط المذكورة سلفا فى عقد الزواج صار العقد صحيحا .
كيفية إثبات عقد الزواج العرفى
أما عن كيفية إثبات عقد الزواج، أجاب «جابر»: فيجوز للزوجة اللجوء للمحكمة وإقامة دعوى إثبات عقد زواجها العرفى وهنا إما أن يحضر الزوج ويقر بالزواج، وذلك وفقا لنص المادة 17 فقرة 2 من القانون 1 لسنة 2000 من أنه «لا تقبــل عنـد الإنكــار الدعاوى الناشئة عن عقد الــزواج ما لم يكــن ثابتــا بوثيقـة رسميــة»، وتابع: «فإذا ما انتفــى الإنكــار للزوجيــة بين طرفيــه انتفــى بالتبعيــة معــه شــرط وجوب ثبوت الزواج بوثيقة رسميــة و يجــوز من ثم إثبـــات هذا الزواج بإقرار الطرفين بالزواج، أما إذا أنكر الزوج الزواج فيمكن الإثبات بأى طريقـة من طرق الإثبات الشرعية ومنها شهادة الشهود».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة