كشفت أسرة الحاج محمود سنبل ابن قرية دمرو التابعة لمركز المحلة بمحافظة الغربية، عن مفاجئات عديدة وأسرار لم يعرفها الكثير حتى الأن عن حياة والدهم مع الرئيس الراحل محمد انور السادات، عندما استضافه فى منزله المبنى بالطوب اللبن بقريته فى صدفه بحته وغريبة لم يكن مقدر لها ولم يكن يعرف من هو الضيف الذى حل بمنزله.
ففى عام 1944وبعد هروب الرئيس السادات من المستشفى والتى تم نقله لها من محبسه بعد إدعائه إصابته بالزائدة عقب اتهامه بقتل أمين عثمان، حيث هرب السادات من المستشفى وبحث عن عمل يآويه حتى يتمكن من الاختفاء عن أعين جنود الإنجليز، وتوجه إلى الأزهر حيث مواقف سيارات النقل وهناك تعرف على سائق سيارة نقل كان في طريقه لنقل حموله أسمنت لقرية بشبيش مركز المحلة، واثناء قدومه إلى مركز المحلة، أمطرت السماء بغزارة مما آدى إلى صعوبة السير على الطريق، وتحول الطريق إلى برك طينية يصعب المرور عليها، وأثناء تواجدهما بالمحلة تناول وجبه كرشة ولحمه رأس بمسمط، وكانت هذه الليلة شتاء شديد وبرد قارص.
وأرشدهما الأهالى على قرية بشبيش عن طريق دمرو، وفى هذه الاثناء خرج الحاج محمود سنبل على الطريق للسؤال عن حالة الطريق لبيان مدى إمكانيه سفره بسيارته النقل على الطريق، وتصادف مرور السيارة التي يستقلها الرئيس السادات فأوقفهم وسألهم عن حالة الطريق وسألوه عن طريق بشبيش، فقال لهما أنهما لم يتمكنا من الوصول نظرا لصعوبة حالة الطقس ووعره الطريق، وطلب منهما المبيت معه بالمنزل حتى شروق الشمس، ورفض "سنبل" سفر السادات إلى قرية بشبيش حتى الظهر وكانت هذه العناية الإلهية التى انقذته من قبضه الإنجليز الذين حاصروا قرية بشبيش بحثا عنه للقبض عليه أو قتله.
وروى أحمد محمود سنبل استشارى التخدير بمستشفى المحلة العام، تفاصيل قصة لقاء والدهما بالرئيس السادات فقال إن القصة تعود حين كتب الرئيس الراحل محمد انور السادات فى جريدة مايو عن واقعة هروبه من المستشفى، بعد أن تم نقله إليها تحت حراسة مشددة، فى القضية المتهم فيها بقتل أمين عثمان، مدعيا إصابته بالزائدة الدودية، وطلب من الحراسة الدخول لدورة المياه وتمكن من الهروب من المستشفى، وقام بتغيير اسمه إلى محمد نور الدين واطلق لحيته، وتوجه إلى موقف الأزهر الخاص بسيارات النقل وعمل"عتال" على سيارة نقل محملة بالأسمنت كانت فى طريقها إلى قرية بشبيش مركز المحلة، لإنشاء الجمعية الزراعية، وعمل تباع على السيارة مع سائق يدعى "حسن شاه" ، وتوقفوا فى الطريق عدة مرات بسبب سوء حالة الطقس، منها مرة توقفوا أسفل كوبرى طنطا، وتأخر وصولهم إلى مدينة المحلة، وتناولوا وجبه كرشة فى مسمط بجوار إجزخانة سرور بالمحلة، وسألوا على الطريق المؤدى إلى قرية بشبيش وأرشدهم الأهالى بالسير عبر طريق دمرو ووصلوا إلى قرية دمرو.بعد رحلة مليئة بالمتاعب نتيجة سوء الأحوال الجوية والشتاء المتواصل وصعوبة الطريق
وأضاف أن والده يعمل سائق على سيارة نقل، وخرج إلى الطريق للسؤال عن حالة الطريق وهل يسمح له بالسفر إلى القاهرة من عدمه، وتزامن وقتها وصول السيارة النقل التي يستقلها الرئيس السادات، وسأل سائق السيارة التى يعمل الرئيس السادات تباعا عليها، والده عن اسم قرية بشبيش، وكيفية الذهاب اليها، فما كان من والده إلا أن حذرهما من السفر ليلا عن الطريق لأنه غير آمن خشية تعرضهما لخطر الانقلاب بالمصرف، وأصر والده على أن يبيتوا معه بمنزله، وقام بنقل السيارة إلى دوار العمدة وتم تخصيص حراسة عليها، وتوجهوا إلى منزلهم وتناولوا وجبه العشاء مع والده، بينما توجهت والدته إلى منزل جدة بعد أن قامت باعداد الطعام للضيوف.
وأوضح أن الرئيس السادات أصيب بنزلة معوية حادة وعرض والده عليه اصطحابه للطبيب ولكن "السادات" رفض بشدة، قام والده باحضار كوب "قهوة"، وفى الصباح قررا السفر لمواصلة التوجه لقرية بشبيش ورفض والده السماح لهما بالسفر لحين استقرار حالة الطريق، واصر على تناول الإفطار وبعد صلاة الظهر وافق على رحيلهما وارشدهما على الطريق المؤدى لقرية بشبيش.
وكشف"سنبل" أن اصرار والده على بقاء السادات بمنزله هذه الفترة انقذه من خطر الموت على يد جنود الإنجليز، الذين قد حاصروا قرية بشبيش بحثا عنه وكان مصيره الموت إذا سقط فى قبضة الإنجليز.
وأضاف أن الرئيس انور السادات ذكر فى المقال الذي نشر فى جريدة "مايو"تحت عنوان سائق من دمرو أن هناك شخصا كان سببا فى بقاء السادات على قيد الحياة حتى وصلت إلى منصب رئيس الجمهورية، وأن الله الهمه ذلك وأصر على عدم رحيلي من منزله حتى لا أقع فى قبضة جنود الإنجليز، مشيرا أن الرئيس السادات كان يعتبر والده شريكه فى كل فى الوصول للرئاسة
وأشار أن الرئيس السادات بعد وصوله للحكم ونزول المقال فى الجرائد عام 1981 حضر كل من صلاح منتصر وعبد العاطي حامد فى سيارة للقرية، ونزلوا على منزل العمدة وطلبا منه الوصول إلى السائق الذي تحدث عنه الرئيس السادات فى المقال، مشيرا أن هناك الكثير الذين ادعوا انهم من تحدث عنهم الرئيس السادات وارشدهما العمدة عن والدي، وطلب العمدة من عمي محمد سنبل الحضور لمدينة المحلة لاحضار والدي، ووقتها كان والدي يقرأ المقال المنشور فى جريدة مايو وطلب منه الذهاب معه للقرية.
وأضاف فور وصول والدي لمنزل العمدة حاول عدة مرات انكار انه من قام بإيواء الرئيس السادات، وقال للصحفيين" انا راجل عندي 67سنة دوروا على سائق صغير فى السن تعملوا عليه التمثليه دي".
وأشار أنه بعد عدة محاولات رفض الذهاب معهما إلى جريدة الاهرام، وقال لهما انه سيحضر للجريدة فى الصباح الباكر، وتوجه مع والده بجريده الإهرام بعد انتهى من النوبتجية بمستشفى بنها، وفور دخوله على والده كانت هناك مجموعة من الصحفيين يطلبون منه الإفصاح عن امنياته حتى يلبيها له الرئيس، فما كان من والده إلا أن قال: "أنا راجل عندى 67 سنة وربنا كرمنى فى ولادى منهم 3 مهندسين وابني الصغير دكتور.. و3 بنات كلهن انهين تعليمهن ولما الرئيس السادات كان فى بيتي كان عندي عربية نقل ولو عاوز يخدم يرصف الطريق اللي مشي عليه من 37 سنة والذى أصبح ضيقا وتنعزل القرية عن المنطقة المحيطة فى فصل الشتاء، وكان الطريق يُمهد لعبور الأميرة ناظلى لقرية منشأة الأمراء".
وأشار أن الصحفيين حاولا إثنائه عن طلبه عده مرات خشية أن يرفض طلبه، وعرضا عليه طلب الحصول سيارة تريلا لانه أصبح أشهر سائق فى مصر ويقوم الرئيس السادات بتسليمك مفتاحها فرد عليهم "الله الغني"، فعرضا عليه سيارة ليموزين فرد عليهما "الله الغني" ولو الرئيس عايز يخدم يسفل الطريق الذي يقع عليه 14 قرية، وعرضا الأمر على الرئيس أنور السادات، وكلف الوزير سليمان متولى وزير النقل انذاك بتسفيل ورصف الطريق فى 48 ساعة، وقام الوزير بالاتصال بمحافظ الغربية أحمد القصبي آنذاك وطلب منه الخرائط والحضور للوزارة مع مسئولي الطرق والكباري بالمحافظة، وتم ترسية تسفيل الطريق على شركة حسن علام، وأقيم حفل وضع حجر أساس رصف طريق المحلة دمرو وإبشان بكفر الشيخ بطول 24 كيلو، وحضرها وزير النقل ومحافظ الغربية ووالده والقيادات السياسية بالمحلة، وخدم الطريق محافظات كفر الشيخ والغربية والدقهلية بطول 70 كيلو.
وأشار أن والده قضى 17 يوما حتى قابل الرئيس السادات فى القناطر الخيرية بمفرده، وكان اللقاء لقاء حار ودخل عليه السادات فاتحا ذراعيه واستقبل والده بالاحضان، وعرض عليه الرئيس السادات قائلا:"اللي انت عاوزه تحت أمرك فيه"، فرد عليه والده أنا مش عايز غير الطريق بس.. فقال له الرئيس السادات" طب أطلب لأولادك.. فأجابه والده أنا عندى 3 مهندسين "مسعد" وكان يعمل فى أمريكا وقتها، و"علي"، "ومحمد" وأصغرهم الدكتور"أحمد"، ووقف الرئيس السادات قائلا:"شوفوا انجازات الثورة سائق بسيط عنده 3 مهندسين ودكتور فى بنها و3 بنات انهين تعليمهن شوفوا انجازات ثورة يوليو".
واستطرد "سنبل" أن والده قال للرئيس السادات أن لديه 3 بنات خريجات كلية التجاره منهن 2 تزوجن والثالثة مقبلة على الزواج، فقال له الرئيس يبقي لازم تعزمنى على الفرح فى بيتكم فى دمرو.
وأضاف أن الرئيس السادات سأل والدي هل أدى فريضه الحج أم لا، فأجابه والده "الحمد لله ربنا كرمني وحجيت"، فرد عليه الرئيس السادات" لازم تطلع تحج أنت والست بتعتك لان ليها فضل عليا كفايا انها حضرت لنا العشا فى بيتك وذهبت لمنزل والدها للمبيت به ومش ناسي جمايلها وكرامها عليا.
وأشار ان زيارة الرئيس السادات لمنزلهم استمرت ساعتين قدم فيها التهئنة لوالدي بزفاف شقيقتي، واقيم حفل الزفاف بعد مغادرة الرئيس للقرية بالطائرة الهليوكوبتر، كاشفا أن القدر افشل مخطط طارق الزمر قاتل الرئيس السادات، من تنفيذ مخططه بالقرية، بعد ان حضر متخفيا للقرية قبل حفل الزفاف بـ3ايام وقضى هذه الفترة فى سوق القرية على انه بائع اطقم صيني، واستطاع أن يعرف مكان نزول طائرة الرئيس، ويوم الزفاف توجه إلى الزقازيق لاحضار السلاح ولكن فشل فى الدخول للقرية مرة اخرى اغلقها رجال الامن من جميع الاتجاهات.
وأشار أن والده كان فى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج وعلم باغتيال الرئيس السادات، ونُشر وقتها عمود فى جريدة الإهرام تضمن أن الحاج محمود صديق السادات سقط مغشيا عليه فى ميدان فيصل وتم نقله للمستشفى وأصر على العودة لمصر لحضور جنازه صديقه السادات، وفور علمه بالخبر المنشور عن والده، توجه مسرعا إلى جريدة الأهرام للاستفسار عن حقيقة الخبر المنشور عن والده، وعلم بعد ذلك أن الصحفى عبد المنعم ابو شامية من المحلة قام بكتابه الخبر كنوع من الخدمة لوالده ولقرية دمرو، مشيرا أن والده شعر بحزن شديد على اغتيال الرئيس السادات وقضي وقتا طويلا فى الدعاء له.
من جانبه قال المهندس السيد بسيوني زوج نجلة الحاج محمود سنبل، أنة كان يعمل بالسعودية واثناء تواجد الحاج محمود مع الرئيس السادات طلب منه الرئيس تنفيذ اي طلب يطلبه الحاج محمود ولكن رفض ذلك، مؤكدا أن لديه 4اولاد 3مهندسين وطبيب و3بنات حاصلات على مؤهل عالي، فسأله الرئيس السادات هل يوجد منهن من لم تتزوج بعد فأجابه الحاج محمود: "نعم بنتي بشرى مكتوب كتابها وهنجوزها قريب"، فقال السادات جتلي الفرصة إنى أحضر الفرح فى المكان اللي تم ايواءي فيه، وأثناء ذلك تم تحديد الموعد 3مرات وكنت اقوم بطبع الكروت وفى المرة الثالثة، أخطرنا مؤسسة الرئاسة بأننا سنقيم الفرح نظرا لارتباطات الرئيس العديدة، ولكونى حصلت على إجازة من عملي كمهندس فى أمانة العاصمة بمكة المكرمة، والإجازة قد انتهت واصبح مستقبلي مهدد.
وأضاف أنه قبل الحضور الي مصر رفض القائمين على العمل منحي إجازة لكوني لسة راجع من من مصر فطلبت مقابلة أمير مكة وتوجهت إلى أمير مكة وطلبت منه ان أحصل على إجازة والنزول لمصر لزواجي نظرا لحضور الرئيس السادات حفل الزفاف، فتعجب أمير مكة من الموقف، وحضر الرئيس للقرية وجلس معنا ساعتين كاملتين وكان فى غاية السرور وكان يضحك من قلبه وقال بالحرف الواحد "والله ياحاج محمود ما ضحكت ولا انبسطت قد النهاردة فى حياتى"، وقدم عبد الله عبد البارى، رئيس مجلس إدارة الأهرام، أسورة ذهبية لزوجتى، وحضر الرئيس السادات بطائرة هليوكوبتر بينما توجهت من المحلة إلى قرية دمرو وسط حراسة أمنية مشددة على جانبى الطريق، وبعد أن حضر الرئيس حفل الزفاف، حلقت طائرة الرئيس اعلى المنزل وطلب الحاج محمود إعلان الاحتفالات بالقرية.
بينما قالت بشرى محمود سنبل ابنة الرجل الذى أوى "السادات" أنها كانت فى اشد الفرحة وتتباهى بذلك حتى الأن لانها الوحيدة التى حضر زفافها الرئيس السادات، وأنها كل فترة تتذكر هذه اللحظات مع زوجها وأبنائها واحفادها، وعندما تحكي لزملائها يقولون لها: "يابختك لان الرئيس حضر فرحك"، موضحة ان الرئيس كان رجل بسيط ويقدر معنى الشهامة المصرية فى الريف المصري والدليل أنه بعد 37 عاما لم ينسي الجميل الذى قام به مواطن مصرى بسيط من قرية دمرو.
وأشارت أن الرئيس السادات ذكر ذلك فى مقال فى جريدة مايو بعنوان سائق من دمرو وذكر فيه شهامة ابن قرية دمرو، الذى أنقذ حياته وقال الرئيس فيه إن والدي أصبح شريكه فى الوصول إلى رئاسة الجمهورية، وكان كلما يستقبله الرئيس فى القناطر الخيرية أو الإسماعيلية أو المعمورة كان يستقبله استقبالا حارا ويقول له: "اهلا بشريكي فى الرئاسة"، بعد تدخلت العناية الالهية لانقاذ الرئيس السادات من القبض عليه بقرية بشبيش بعد أن اصر والدي على عدم السماح له بالذهاب إلى هناك إلا بعد ظهر اليوم الذى حضر فيه لمنزلنا نظرا لسوء حالة الطريق والأحوال الجوية، ولا يعلم والدى أنه أنور السادات فى ذلك الوقت، وفور وصول السادات إلى بشبيش علم بأن الجيش الانجليزى حضروا إلى هناك للقبض عليه أو قتله.
وأضافت أن والدها رفضت العديد من الطلبات التى طلب الرئيس السادات تنفيذها له سوى رصف طريق المحلة دمرو والذى امتد بطول 72 كيلو والذى يربط 3 محافظات الغربية وكفر الشيخ والدقهلية، والسفر لأداء فريضة الحج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة