هل تعصف "أكاذيب الدرفلة" بصناعة الحديد؟.. حرب ممولة من 22 ورشة لإسقاط القرار 346.. تلاعب بقيمة الكهرباء والغاز ورسوم التشغيل.. مبيعات مُعلنة وأرباح فى الخفاء.. واستغلال مواقع وصحف لترويج رؤية حيتان الاستيراد

الإثنين، 17 يونيو 2019 11:53 ص
هل تعصف "أكاذيب الدرفلة" بصناعة الحديد؟.. حرب ممولة من 22 ورشة لإسقاط القرار 346.. تلاعب بقيمة الكهرباء والغاز ورسوم التشغيل.. مبيعات مُعلنة وأرباح فى الخفاء.. واستغلال مواقع وصحف لترويج رؤية حيتان الاستيراد الحديد والصلب
حازم حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- مصانع الدرفلة تدعى أن "البليت" مادة خام وتتجاهل حقيقة أنها تنفذ مرحلة إنتاجية واحدة عبارة عن "تشكيل للحديد"

- بدء حرب "لوى الدراع" عقب القرار بأيام من خلال وقف استقبال الغاز الطبيعى رغم توفر مخزون يسمح باستمرار العمل

- إنتاج "الدرفلة" المُعلن 330 ألف طن رسميا وتلاعبهم بالأرقام يكشف وصولها لـ400 ألف.. فهل تسدد ضرائب عن الفارق؟

- حيتان "الدرفلة" يخدعون رئيس لجنة الصناعة فى مجلس النواب بأرقام مضللة.. فلماذا لا يتدخل النواب لاستجلاء الحقيقة وحماية صناعة الحديد؟

 

عشر سنوات من الانفلات سيطرت على سوق الحديد فى مصر، منذ قرار حكومة أحمد نظيف فى 2008 بالوصول برسوم واردات الحديد إلى صفر. ومع تضرر صناعة الصلب الوطنية صدر قرار وزير الصناعة رقم 346 لسنة 2019، خلال أبريل الماضى، وبدأت الحرب التى لم تتوقف طوال أكثر من شهرين.

تضمن القرار فرض 15% رسوما على واردات البليت، و25% على حديد التسليح. ورغم انحصار آثار تلك الرسوم فى تقليص أرباح المستوردين وأصحاب مصانع الدرفلة، بعدما وصلت إلى 70% فى بعض الفترات، وحماية المصانع الوطنية المُتكاملة مع خسائر فادحة، وصلت إلى 120% سنويا مع تراكم للمخزون بنسبة 400%، رأى درافيل الدرفلة أن تلك المعادلة لا تُرضى طموحهم ولا تُحقق تطلعاتهم، فأعلنوا الحرب على القرار والوزير، وعلى المنطق والحقائق التى يعرفها كل مهتم بتلك الصناعة، وكل مُطّلع على تفاصيل سوق الحديد واقتصادياته وعوائده!

 

حرب الأكاذيب والشائعات و"لوى الدراع"

اعتمد أصحاب مصانع الدرفلة، وحلفاؤهم، فى تلك الحرب على منظومة من الممارسات والإجراءات، التى لم تكن كلها منطقية أو بيضاء. لم ينحصر الأمر فى الهجوم على القرار والوزير والحكومة، أو ادعاء المظلومية وتزييف الأرقام، أو حتى التحرك بشكل قانونى وقضائى، وإنما امتدّ إلى ممارسات تندرج تحت عنوان "لَوى الدراع".

رغم المنافسة وتكسير العظام بينها، اجتمعت 22 مصنعا تعمل فى مجال درفلة الحديد على مواجهة القرار ومحاولة إسقاطه، وبدأت تلك الممارسات بإصدارها قرارات بوقف تدفق الغاز إليها، بحسب مذكرة نشرها أحد المصانع بتاريخ 24 أبريل 2019، عقب أيام قليلة من صدور القرار.

ادّعى المصنع فى مذكرته أنه توقف عن العمل بسبب نفاد "البليت"، بينما كانت كل المؤشرات تُرجّح امتلاء مخازن تلك المصانع بملايين الأطنان من البليت المستورد، استغلالا للركود العالمى وتدنّى الأسعار، وتأسيسًا على تسرّب معلومات باتجاه وزارة الصناعة لإصدار قرار حمائى للصناعة الوطنية، فى ضوء الخسائر التى سببها نشاط الدرفلة للمصانع المُتكاملة، ما يعنى أن رجال "الدرفلة" قرروا التوقف عن العمل والإنتاج، ومنعوا تدفق الغاز لمصانعهم، فى خطوة مُبكّرة لتصعيد الحرب ولىّ ذراع الدولة!

 

تزييف الحقائق والأرقام والأرباح

لاحقا حرّكت المصانع الـ22 دعوى قضائية أمام القضاء الإدارى، ادّعت فيها خسارة الدولة قيمة فواتير الكهرباء والغاز والرسوم الأخرى خلال شهرين من صدور القرار، بما يوازى 48 مليون دولار (816 مليون جنيه). وفضلا عن أن المعلومة تبدو مُختلقة وهناك تعمّد لتضخيم القيمة، فإن النظر إليها فى ذاتها يحمل إدانة لتلك المصانع.

القدرات الإنتاجية المُعلنة لمصانع الدرفلة لا تتجاوز 4 ملايين طن سنويا، بواقع 650 ألف طن تقريبا خلال الشهرين. وبالنظر إلى أن فاتورة الطاقة ورسوم التشغيل لا تتجاوز 10% من تكلفة الإنتاج فى مصانع الدرفلة، فإن أرقام تلك المصانع (816 مليون جنيه خلال شهرين) تعنى أن إنتاجها الشهرى 4 مليارات و80 مليون جنيه، توازى 400 ألف طن شهريا على التقريب، بزيادة 21% تقريبًا عن أحجام إنتاجهم المُعلنة، التى يتعاملون مع الضرائب بناء عليها.

تضارب تلك الأرقام معناه أن المصانع إما أنها زيّفت الأرقام، أو أنها تُعلن مؤشرات إنتاج ومبيعات وأرباح ظاهرة، بينما تحقق أحجام إنتاج وعوائد أعلى فى الحقيقة، ويتأسّس على ذلك احتمال التهرب من سداد مستحقات أخرى للدولة، مُتمثّلة فى ضرائب الدخل وضرائب القيمة المضافة وغيرها!

تلك النقطة يؤيدها ما تواتر من تصريحات عن رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب، المهندس فرج عامر، بشأن انتظار ميزانيات شركات الدرفلة وحساباتها الختامية، للوقوف على حجم الضرر الذى سببته لها القرارات، ما يعنى أن أى تلاعب فى تلك الميزانيات قد يُظهر الشركات خاسرة على غير الحقيقة. وبالنظر إلى تضارب الأرقام والمؤشرات المُشار إليه، تظل فكرة التلاعب احتمالا قائمًا للأسف!

 

خداع الصحفيين والقانون والرأى العام

النقطة الأخطر فى حرب مصانع الدرفلة على قرار وزير الصناعة، ما تتضمنه تصريحات أصحاب تلك المصانع والعاملين فى خدمتهم من الإعلاميين والمستشارين الصحفيين، التى تهاجم الرسوم باعتبارها ضريبة على المواد الخام، وهى مغالطة لا علاقة لها بالحقيقة، إذ يفرض القرار 25% رسوما على حديد التسليح، وهو منتج نهائى تام الصنع، و15% على البليت، ومن الخداع والتزييف القول إنه مادة خام، إذ إنه مُنتج شبه تام، مرّ بثلاثة مراحل تصنيع كاملة، ولا يخضع فى مصر إلا لمرحلة واحدة، الدرفلة أو التشكيل، وهى مرحلة أقرب إلى تشغيل المعادن فى المسابك وورش الحِدادَة، والقول إن تلك المرحلة انتقال من الحالة الخام إلى المنتج التام، ينطوى على قدر ضخم من التضليل المُتعمَّد!

مسار التضليل الذى بدأ بادّعاء الخسارة، ثم تضخيم أرقام الطاقة والرسوم المهدرة خلال شهرين، وصولا إلى نقل معلومات مغلوطة إلى لجنة الصناعة بمجلس النواب، اتّصل وتطوّر إلى حرب إعلامية واسعة المدى، استند فيها أصحاب مصانع الدرفلة إلى قائمة طويلة من المستشارين الإعلاميين، والمحررين الصحفيين فى عدد من المنصّات والمواقع، انحازت بشكل سافر وصارخ إلى رؤية رجال "الدرفلة"، وردّدت أرقامهم ومؤشراتهم وأحاديثهم التى تنطوى على مصالح شخصية، على الأقل من منظور أنهم طرف مباشر فى الحرب الدائرة، ولا يُمكن الاستناد إلى ما يُعلنونه بمعزل عن رؤية الطرفين الآخرين، المُتمثّلين فى أصحاب المصانع المُتكاملة، أو فى الحكومة ووزير الصناعة صاحب القرار!

أمام تلك الممارسات العجيبة، وانصياع البعض لرؤية أصحاب مصانع الدرفلة، إمّا لمصلحة معهم أو لنقص فى المعلومات وتأثّر بحرب الشائعات وموجات العلاقات العامة وغسل السُمعة، يبدو موقف لجنة الصناعة بمجلس النواب مُثيرًا للتساؤل، سواء فى صمتها على الأمر، أو فى التصريحات الغريبة المنسوبة لرئيسها، أو فى تأخر فتح الملف تحت قبة البرلمان، تحجيمًا لسطوة مافيا الاستيراد وحماية للصناعة الوطنية، كما تبدو مواقف بعض زملاء المهنة المُنحازين إلى 22 ورشة درفلة تُحقق أرباحًا تتجاوز 40% من قيمة المبيعات، وتتقلّص دورة رأس المال فيها إلى 3 سنوات أو أقل فى بعض الأحيان. يحتاج الأمر إلى قدر من التوقف الجاد مع الجميع، وإلى فتح الملف على نطاق صحيح، شريطة أن تُعلن أرقامه الحقيقية، وألا يُراهن حيتان الدرفلة على نقص معرفة الرأى العام، أو على خداع القانون بالأرقام المُلوّنة أو الحسابات الختامية المُعدّلة. فالمهم أن نصل إلى مساحة عادلة من التوازن بين حقوق المستهلك ومصالح الصناعة الوطنية، وألا نستجيب لابتزاز حفنة من السماسرة الذين تتضخّم ثرواتهم على حساب الجميع!










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة