سنوات طويلة عاشها جيلا الثمانينيات والتسعينيات مع حلقات المسلسل الذى زينته أصوات يونس شلبى وهالة فاخر وسيد عزمى وطابور طويل من النجوم ذوى البصمة المميزة، وعلى مدار 18 موسما تحوّلت شخصيات العمل الدرامى الأشهر إلى شركاء طفولة حقيقيين، أكبر كثيرا من كونها مجرد وسيلة تسلية وتربية وتعليم، وأكثر أيضًا من كونها عرائس.
حلقات «بوجى وطمطم» الشهيرة التى بدأ بثها مطلع رمضان عام 1983، وامتدت حتى العام 2009، يتقدمها تتر بسيط كتبه الشاعر البارز صلاح جاهين، شكّلت جانبا كبيرا من وعى وذاكرة مواليد الفترة من أواخر السبعينيات حتى مطلع التسعينيات، ومن خلال حكايات رحمى وإخراجه تربى شباب وآباء الفترة الحالية عبر عشرات المواقف والقصص والأحداث الاجتماعية والإنسانية المصحوبة بالتشويق والمغامرة، واستقرت شخصيتا بوجى وطمطم فى الوعى بشكليهما المميزين، القرد والأرنب، وأُعيد إنتاجهما فى صورة عرائس صغيرة الحجم عرضتها محلات الهدايا ولعب الأطفال على امتداد مصر، ورغم توقف المسلسل قبل سنوات ما زال حاضرا بقوة فى ذاكرة الجميع، الذين خلقوا قصصا وحكايات باتت من قبيل الثوابت التى لا تقبل الشك، أبرزها أن القرد بوجى، والأرنبة طمطم، شقيقان.
فوقية خفاجى مع أبطال مسلسل بوجى وطمطم
مع دخول أجواء شهر رمضان التى تستدعى ذكريات الماضى، ومسلسل بوجى وطمطم بشخصياته وعرائسه وحكاياته، اقتربنا من تلك المساحة المهمة فى وعى جيلى الثمانينيات والتسعينيات، ومن الثوابت التى استقرت لديهم عن الحلقات وأبطالها، عبر لقائنا مع فوقية خفاجى، أرملة المخرج محمود رحمى، التى تستضيف بمنزلها العائلة الدرامية الأشهر فى مصر، بوجى وطمطم ومرمر وطنط شفيقة وزيزى وزيكا وعم شكشك ووالده، يجلسون متجاورين وكأنهم فى انتظار استعادة تألقهم القديم.. تفحصنا بوجى وطمطم ورفاقهما، واستعدنا حكايات المسلسل مع أرملة صانعه وبطله الحقيقى، من خلال هذا الحوار..
حدثينا عن البداية.. لماذا فكر رحمى فى بوجى وطمطم؟
طوال الوقت كان الطفل فى مقدمة اهتمامات محمود رحمى، وكان طموحه الدائم أن يصمم له شخصيات مصرية 100%، ويقدمها فى أحداث درامية تتناسب مع العادات والتقاليد والقيم المصرية، ليسهم فى تربية الأطفال بشكل سليم وعميق، وكان يرى أننا نملك قدرات تؤهلنا لمنافسة صناع أعمال الأطفال الكبار فى العالم، وعمل على تحقيق هذا الحلم بابتكار شخصيات بسيطة ومميزة لتكون قريبة من الأطفال، فاختار مثلا بوجى بشخصية قرد، ليشبه شقاوة الأولاد، والبنت «طمطم» أرنبة لاتصافها بالرقة والوداعة، وهو ما ساهم فى ارتباط الأطفال بالمسلسل وشخصياته سنوات طويلة بدون شعور أنهم أمام حيوانات، وإنما أمام نماذج بشرية تشبههم. وحتى تكتمل الرسالة كما يريدها كان يهتم بالعمل على كل التفاصيل، بداية من تصميم العرائس وكتابة الحكايات والحوار واختيار الأسماء وإخراج العمل، وكان يُركز فى تفاصيل الشخصية وملامحها وألوان شعرها ونوعية ملابسها وشكل حركتها، وحتى يكون الأمر متقنا استعان بفريق من معهد الباليه لتصميم الحركات، وهو ما ساعده على إنتاج عمل متكامل يتصف بالرقى والجمال والبهجة، ويعيش فى وجدان الأطفال والكبار لسنوات طويلة.
شكشك ووالده
هل كانت هناك معايير محددة لاختيار الممثلين الذين جسدوا شخصيات العمل؟
لا أحد يمكنه الإجابة عن هذا السؤال إلا رحمى نفسه، لكن ما أعرفه أنه عندما كان يُفكّر فى ملامح الشخصيات، كان يبدأ برسمها على ورقة بيضاء، ثم اختيار الاسم المناسب، ويتخيل الصوت، وبعدها يضع قائمة بالفنانين الذين يمكنهم أداء الدور وتحقيق ما يتطلع إليه، وبعد ذلك يكتب النص الدرامى والحوار ويبدأ إخراج المسلسل.
هل كان يونس شلبى وهالة فاخر الترشيح الأساسى لشخصيتى المسلسل الأبرز؟
منذ اللحظة الأولى كان رحمى مقتنعا بأداء يونس شلبى وهالة فاخر لشخصيتى بوجى وطمطم، لذلك لم تكن هناك أية ترشيحات أخرى ولو من باب تجارب الصوت، وحتى عندما اختار الفنان رضا الجمال لأداء شخصية عم شكشك، اختاره على خلفية أدائه لشخصية الدكتور جوهر فى مسلسل عالم البحار.
زيكا وزيزى
زيكا وزيزى
يتندر مستخدمو السوشيال ميديا على القرد شقيق الأرنبة.. لماذا اختار رحمى تلك التيمة؟
التصور الشائع لدى الشباب والصغار بشأن أخوّة بوجى وطمطم غير حقيقى، لم يقصد رحمى هذا ولم يرد فى المسلسل، فلا يُعقل أن يكون القرد شقيقا للأرنبة، وإنما قصد ابتكار شخصيات خيالية ووضعها فى دوائر وحكايات اجتماعية من نماذج من البشر، لجذب الأطفال إلى القصص وتوصيل أفكارها بسهولة.
وما قصة اختيار اسمى بوجى وطمطم للمسلسل؟
اسم بوجى يرتبط بشقيق رحمى، فقد كان اسم الشهرة والتدليل المستخدم فى العائلة، أما اسم طمطم فيرتبط بمسميات التدليل لأغلب البنات المصريات، خاصة من يحملن اسم فاطمة.
هل فكر رحمى فى استغلال نجاح المسلسل بطرح نماذج من شخصياته بالأسواق؟
فى منتصف التسعينيات فكّر «رحمى» فى توظيف النجاح الكبير للمسلسل فى تصميم عرائس صغيرة للشخصيات، وتوفيرها ضمن ألعاب الأطفال لتكون متداولة بين جمهور المسلسل فى كل بيت مصرى، وفعلا نفذ نموذجين لبوجى وطمطم بأحجام مختلفة، وسافرنا إلى الصين لتصنيعهما بسبب عدم وجود مصنع محلى، ولكن خروج المنتج بشكل سيئ دفعنا إلى تأجيل الفكرة، وظلت معلقة حتى وفاة رحمى.
وما رأيك فى عرائس بوجى وطمطم المعروضة بالأسواق؟
لم تعجبنى عرائس بوجى وطمطم المطروحة فى الأسواق الآن، فما حدث أنها نُفذت بشكل بشع، وبصورة غير قانونية، فلم يتحدث أحد معنا عن صنعها أو الحصول على حقوقها بموجب إذن من الورثة، لذلك اتجهنا إلى القضاء وننتظر صدور حكم فى الأمر. وللأسف كانت النماذج الصينية أفضل فى الصنع من مثيلتها المصرية، بسبب اعتماد الأمر على ورش غير محترفة، وعدم توفر مصنع محلى متخصص فى إنتاج العرائس.
طماطم وطمطم
كيف ترين تجسيد الفنان مصطفى خاطر لشخصية عم شكشك فى أحد البرامج؟
مصطفى خاطر أفسد شخصية عم شكشك، فقد صوره وكأنه رجل «بصباص»، وهذا عكس طبيعة الشخصية الأصلية ورسالتها التى قصدت أن يكون حكيما ومحافظا على القيم والعادات والتقاليد، وينتقد سلبيات مجتمعه حتى يُحوّلها إلى إيجابيات، وقد لاحقته قضائيا حتى نجحت فى وقف عرض البرنامج الذى يقدمه بشخصية عم شكشك عبر إحدى القنوات الفضائية.
هل يمكن أن نرى «بوجى وطمطم» مرة أخرى على الشاشة؟
تلقيت عروضا عديدة لإنتاج المسلسل مرة أخرى، لكنها لم تعجبنى ولم أجد فيها ما يُغرى بإنجاز جزء جديد، لأننى أريد إنتاج مسلسل متكامل بهيئة وعناصر الأجزاء القديمة. ومؤخرا عرض علىّ الكاتب عمر طاهر فكرة جيدة لإعادة إنتاج المسلسل، لكن نحتاج جهة للتنفيذ، وفى الوقت الحالى يمكن أن تُجسد هالة فاخر شخصية طمطم، لكن يصعب إيجاد بديل ليونس شلبى فى شخصية بوجى، خاصة مع اعتياد الجمهور عليه، وتميزه بالتلقائية وخفة الدم ونبرة الصوت المميزة.
وهل كان رحمى يفكر فى استكمال المسلسل أم بحث عن شخصيات جديدة؟
كان رحمى يجتهد للابتكار بشكل دائم، وأتذكر أنه بينما كان على فراش المرض فى أواخر أيامه، فكّر فى تصميم عروسة جديدة باسم «شكشوكة»، أخت عم شكشك، وبالفعل رسم صورة متخيلة لها على الورق، ووضع ملاحظة بأنها شخصية حادة بصوت «مسرسع»، لكنه توفى قبل تنفيذها، وتوليت تنفيذها لاحقا وأنتظر تقديمها فى مسلسل جديد.
أبطال مسلسل بوجى وطمطم
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة