تاريخها فى كتاب السينما العربية صفحاته كثيرة، بدأ منذ أن كانت فى الثامنة من عمرها عندما نطقت بأول جملة أمام الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب «انهاردة الأكل حلو قوى» فى فيلم «يوم سعيد» من هنا بدأ وجه الطفلة الجميلة أولى خطوات مسيرة فنية طويلة استمرت نحو سبعين عاما وانتهت بوجه القمر وهو آخر عمل فنى قامت به فاتن حمامة.
فى نهاية الخمسينيات أطلق عليها الجمهور لقب «سيدة الشاشة العربية» وهو الاسم الذى تفردت به فاتن حمامة منذ عام 1954، بعد نجاح فيلمها «موعد مع الحياة» من إخراج زوجها عز الدين ذو الفقار وبطولة شادية وشكرى سرحان، الفيلم كان بوابة الانطلاق ومحل إعجاب الجمهور والنقاد، فبعد هذا الفيلم أصبحت النجمة المتألقة والأكثر شهرة بين نجمات جيلها، فهى صاحبة الحضور الطاغى والرومانسية الخالصة، وكانت تتفاءل باسم آمال، وحملت فاتن فى حوالى 20 فيلما هذا الاسم، واختارت اسم نادية نسبة لصديقتها الفنانة نادية لطفى فى فيلم «لا أنام» والذى تنازلت فيه عن القيام بدور الفتاة البريئة ولعبت دور فتاة شريرة تحاول الوقيعة بين والدها وزوجته.
قدمت فاتن حمامة التى حل عيد ميلادها أمس الاثنين أجمل وأهم الأفلام المصرية وفرضت نفسها وفنها فى فترة الانتشار الكبيرة من الخمسينيات وحتى منتصف السبعينيات، وبعدها اتخذت منحى آخر، وهو تقديم فيلم سينمائى كل عدة سنوات، وخلال هذه المسيرة السينمائية قامت ببطولة مسلسلين هما كل رصيدها الدرامى «ضمير أبلة حكمت ووجه القمر».
ظهور سيدة الشاشة العربية صحفيا وإعلاميا كان قليلا جدا، حياتها الفنية والخاصة لم تكن على المشاع رغم وجود أصدقاء لها من أشهر الكتاب والصحفيين، فمنذ زواجها من الفنان عمر الشريف عام 1955 ظلت حياتهما الزوجية بعيدة عن الصحافة والإعلام، بما فيها من توتر وقلق خصوصا بعد أن ذاع صيت الشريف كنجم عالمي، واضطرار فاتن للسفر إلى الخارج لزيارة زوجها دوريا ما أدى إلى عدم الاستقرار فى العلاقة، وفضلت أن تبقى فى القاهرة إلى أن بعدت المسافة بينهما وانفضلا بعد قصة حب كبيرة فى العام 1974.
خلال الخمسة وعشرين عاما الأخيرة لها فى عالم الفن قامت فاتن حمامة ببطولة ستة أفلام فقط هى: «الخيط الرفيع، وفيه قررت سيدة الشاشة العربية صاحبة التاريخ الكبير أن يقوم بدور البطولة أمامها الفنان محمود ياسين فى أول بطولة له، وبعد عامين فاجأت الجمهور ببطولة فيلم «إمبراطورية ميم»، وقامت فيه بدور أم لديها 6 أبناء وتقوم على تربيتهم بمفردها وترفض الارتباط من أجلهم، ثم «أريد حلاً» عام 75 الذى أحدث نقاشا مجتمعى وبسببه تغيرت بعض قوانين الأسرة، وبعده بعامين ناقشت مشكلة الانفجار السكانى فى فيلم «أفواه وأرانب» ولأول مرة تظهر هذه السيدة الرقيقة فى دور امرأة بسيطة عاملة فى مزرعة وترعى أبناء شقيقتها، وفى العام 1984 كانت مهمومة بالتغييرات التى حدثت فى المجتمع بسبب الانفتاح وناقشت فساد بعض رجال المال والأعمال فى «ليلة القبض على فاطمة» وكانت مشاكل المرأة المعيلة لم تظهر على السطح، فأخذت الفنانة الكبيرة طرف الخيط وناقشت مشاكلها فى فيلم «يوم حلو ويوم مر 88» وبعد نجاح الفيلم قالت- وقتها- إنها «شبعت» سينما وبعد فترة قصيرة قامت ببطولة مسلسل ضمير أبلة حكمت للكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، لكن الذى أعادها للسينما سيناريو فيلم «أرض الأحلام» عام 1993 لداوود عبد السيد وشاركها البطولة يحيى الفخرانى.
تظل فاتن حمامة رمز الحب والجمال فى أفلامها، معظم أدوارها السينمائية كان الحب هو القاسم المشترك فيها، علاوة على أن قصة حبها مع عمر الشريف وكانت إطارا للصورة، وارتبط الرومانسية والحب بمشهد مهم فى فيلم «الباب المفتوح» عام 1963 الذى يصنف من أفضل المشاهد الرومانسية فى السينما ويظل متداول حتى الآن على مواقع التواصل الإجتماعى وبكثرة، المشهد قامت بأدائه مع صالح سليم على شاطئ البحر عندما أكد لها أنها وبدون مقدمات ستستيقظ يوما ما وتكتشف أنها تحبه كما يحبها، كما أن خطاباته لها كانت فى قمة الرومانسية عندما يبدأ خطاباته بجملة «أكاد أراك تبتسمين».
فيلم «دعاء الكروان» للدكتور طه حسين الذى قامت ببطولته أمام أحمد مظهر عام 1959يعد من كلاسيكيات السينما واحتل المركز السادس بين أهم وأفضل عشرة أفلام فى تاريخ السينما المصرية، كما حصلت فاتن حمامة على عدة جوائز أهمها جائزة من مهرجان موسكو السينمائى الدولى، ووسام الاستحقاق اللبنانى.
ضمير أبلة حكمت هو المسلسل الدرامى الأول الذى قررت سيدة الشاشة العربية أن تطل به على جمهور التليفزيون عام 1991، ويدور حول ناظرة مدرسة للبنات تحاول تحقيق حلمها وتجربتها التربوية على جميع المدارس لكن تواجهها عقبات تتصدى لها.
وعادت فاتن حمامة مرة أخرى للتليفزيون عام 2000 فى مسلسل وجه القمر وهو آخر أعمالها ولم تظهر فى أعمال فنية حتى وفاتها 2015.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة