فى مدينة العاشر من رمضان، وبالتحديد بمنطقة وسط المدينة فى ميدان صيدناوى، تجد سيارة قديمة تكسوها صور لمارلين مورو وجيفارا، وممتد بجوارها سلك كهربائى، ربما تظن للوهلة الأولى أن بطاريتها فقدت شحن لكن حين تقترب منها تجد الباب الخلفى لها معلق عليه رفوف يعلوها بعض الكافية والسكر واللبن، وبجوارهما ماكينة قهوة، ومكتوب على واجهة زجاج السيارة الأمامى " تعالى اشرب قهوة" هنا فقط ستعرف أن هذه السيارة تحولت لكافية متنقل.
"اليوم السابع" التقى محمدعبد الله 27 عاما ووعبد الله جمال عشرون عاما، قرارا أن يقضيا وقت فراغهما بجوار سيارتهما القديمة التى اشتروها منذ 4 سنوات بمبلغ 20 الف جنيه، وكان عليهما تحويلها لمشروع له اسم وله تكلفه ومن هنا، جاءت فكرة " أنتيكا" لتكون مصدر رزق لهما، وتساعدهما على توفير مصروفهما اليومى لمتابعة دراستهما وقضاء وقت الفراغ.
عبد الله شاب عشرينى يدرس فى إحدى الجامعات، يعود من جامعته فى الصباح ويجهز أكياس البن والقهوة والسكر ويذهب بسيارته لأقرب نقطة وسط المدينة، ويوصل الكهرباء والسماعات على الأغانى القديمة، وحين تمر بالشارع وتجد صوت فيروز يجلجل بمنطقة وسط المدينة ستعرف أنه شاب له ذوق عالى فى السماع وحين تقترب منه وتحدثه ستكتشف أيضا رقى أخلاقه.
أما محمد عبد الله فهو صديقة الأكبر الذى اختزل فى عبارات بسيطة من أين جاءت الفكرة، لزيادة دخله فهو يعمل فى أحد مصانع السجاد بالعاشر بعد تخرجه من الجامعة، وبالتوازى مع بحثه عن عمل إضافى بعد خرجه من المصنع، طرأت الفكرة فى ذهنه حين شاهد شارع مصر بشيرتون ومصر الجديدة، فقرر أن ينقل للعاشر من رمضان، وبعد أن كان يركب سيارته هو وصديقه يجوب شوارع المدينة أو الجلوس على مقهى لاحتساء فنجان بن ، قرر هو وصديقه أن يكون وقت فراغهما هو نفسه عملهما.
محمد عاشق لفكرة شارع مصر، وانتقد شكل الأكشاك العقيمة التى نفذها جهاز العاشر لتكون شارع مصر بالعاشر، لافتقادها روح الجمال والابتكار، إضافة إلى وجودها فى مكان بعيد عن المدينة وغير مجهز للأسر، قائلا: مين هياخد عياله ويروح آخر العاشر عشان يشرب حاجة أو ياكل حاجة ، وميلقيش مكان يقعد فيه".
ولم يكن فكرة تحويل السيارة "الخنفسة" التى اشتراها عبد الله ومحمد ب20 ألف جنيه من أربع سنوات ، مجرد سيارة، ولكنهما أنفقوا عليها ما يقرب من 7 آلاف جنيه لتجهيزها للمشروع، ويقول عبد الله بنشترى الخامات يوميا بحوالى 70 جنيه، وأصدقاؤنا بيجوا يقعدوا ويربوا ويسمعوا مزيكا، وأحيانا يمر اليوم دون أن نقدم فنجان قهوه واحد، وتكون حصيلته تقريبا 10 أو 15 جنيه، وحين يكون اليوم جيد فى مناسبة أو غيره بنعمل 200 أو 280 جنيه، ودا بيقى حلو جدا ، لكن الفكرة هنا هى أننا بنستثمر وقتنا بفلوس بدلا من إضاعته، أو الجلوس على القهوة بحثا عن عمل".
فالسيارة موجودة وتجهيزها كان غير مكلف، ونفكر أن نطور الفكرة لتقديم مشروبات وعصائر فى الصيف ليكون المجهود مجد، وقدمنا على ممارسة من الكهرباء وحصلنا عليها، حتى لا نتهم بسرقة الكهرباء وبالفعل نقوم بتشغيلها ودفع مقابلها، لكن حملات الاشغالات لا تعرف هذا وتأخذ عاطل مع باطل بدلا من مساعدة الشباب فى أكل لقمة ورزق حلال فاذا اخذت ماكينة القهوة سيكون هذا خسارة فادحة لنا ونحن لا نتحمل .
شباب مصر، يملكون من القوه والفكرة ما يجعلهم دوما متميزين، ويريدون من يساعدهم على تحقيق احلامهم فى عمل مشروع، بامكانيات بسيطة، هكذا اختتم محمد وعبد الله كلامهم وهم يملؤهم التفاؤل فى غد أفضل فى ظل قيادة تحمى وترعى شباب البلد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة