"محافظة الشرقية.. مدرستى بحر البقر الابتدائية.. كراستى مكتوب عليها تاريخ اليوم.. مكتوب على الكراس اسمى.. سايل عليه عرقى ودمى.. من الجراح اللى فى جسمى.. ومن شفايف بتنادى.. يا بلادى يا بلادى.. أنا بحبك يا بلادى".
بهذه القصيدة خلد الشاعر فؤاد حداد، مذبحة مدرسة بحر البقر، ليتذكر العالم وحشية العدوان الإسرائيلى يوم 8 أبريل عام 1970 عندما دمر الطيران مدرسة بحر البقر"2" واستشهد 19 تلميذا بينهم 3 تلميذات وأصيب 50 طفلا بإصابات وعاهات مستديمة، ولم يتبق من الشهداء سوى كراريس وكتاب حساب وأقلام رصاص بمتحف داخل مدرسة شهداء بحر البقر، ونصب تذكارى يقع بمدخل القرية يحتوى على أسماء الشهداء.
مصابو المجزرة يروون ذكرياتهم فى الذكرى الـ49 لـ"اليوم السابع"
تحل اليوم الاثنين الذكرى الـ49، على المذبحة وحرص "اليوم السابع" على زيارة القرية ومشاركة أهلها فى إحياء الذكرى، التى تسبب لهم ألما شديدا ويصفون اليوم بأسود يوم فى حياتهم.
"كان أسود يوم فى حياة القرية والحادث حرمنى من التعليم"، بهذه العبارات يتذكر "السيد محمد شرف" 58 سنة، أحد مصابى المجرزة، قائلا: "لم يمض 4 أشهر فقط على تخصيص مدرسة لنا بالقرية، حيث كانت مدرسة بحر البقر عبارة عن استراحة لشركة الاستصلاح الزراعى، وتم تحويلها قبل المجزرة لمدرسة تحمل اسم القرية".
وعن ساعة التدمير قال "شرف":" كل الذى أتذكره أننى كنت فى الصف الثانى وفى حصة حساب سمعت صوت طيران شديد، ولم أفيق إلا بعد 3 أشهر من الحادث داخل مستشفى الحسينية العام، وأصبت بالرأس وشظايا بجميع أنحاء الجسم وحروق، ولم أذهب للمدرسة بعد تماثلى للشفاء بعدة سنوات، وكان نفسى أتعلم وأكون عضوا ينفع المجتمع، وليس لدى معاش ثابت أعيش منه، ونعانى كثيرا فى عدم تكريمنا وتقدير الدولة لمصابى المجزرة".
وقال "محمد السيد على" 57 سنة أحد مصابى المجزرة: "نتمنى نقل المتحف من داخل المدرسة ووضعه بمكان النصب التذكارى، ليكون مزارا عاما أمام الجميع، خاصة أن وزارة الآثار جمعت من أسر الشهداء وقت الحادث بقايا متعلقاتهم لوضعها فى متحف هرية رزنة، كما نطالب بمعاش للمصابين بالقرية وعددهم 25".
التربية والتعليم تفتح المتحف أمام جميع الزائرين وتحيى الذكرى بين التلاميذ
وقال محمد عبد المعطى، مدير مدرسة بحر البقر رقم "1" وشغل مديرا لمدرسة بحر البقر"2" عدة سنوات، إنهم يحرصون على إحياء الذكرى للتلاميذ بحثهم على زيارة متحف المدرسة ورواية المجزرة البشعة لهم، لكى يعلموا بشاعة الجرم الإسرئيلى الذى ارتكب فى حق تلاميذ أبرياء، كما يتم فتح المتحف أمام الزائرين فى هذا اليوم من كل أنحاء الجمهورية حرصا على إحياء الذكرى.
والدة شهيد تروى تفاصيل استشهاده وتناشد المسئولين بأداء العمرة
بتجاعيد كست الوجه من الحزن وألم الفراق، سردت نبيلة حسن 77 سنة، والدة الطفل ممدوح حسن 6 سنوات أحد شهداء المذبحة، ذكرياتها مع هذا اليوم قائلة،إنه فى يوم الحادث ذهب نجلها الأصغر "ممدوح" للمدرسة وعاد جثة منقسمة نصفين حملها الأهالى إليها.
وتتذكر والدة الطفل الشهيد، شدة صوت طائرات الفانتوم، التى ساوت المدرسة بالأرض وامتزجت دماء التلاميذ بساحة العلم والكرايس والكتب، وقام أحد أهالى من قرية بحر البقر "1" يدعى الحاج "محمد محجوب" عمره حاليا 72 سنة بنقل التلاميذ المصابين فى جرار زراعى إلى مستشفى الحسينية وكانت دماؤهم الطاهرة تسيل حتى أغرقت الأرض لمسافات طويلة، وأشلائهم تنازع وتوفى بعضهم قبل وصوله المستشفى من بينهم نجلها، وتمنت الحاجة نبيلة أن يصل صوتها للمسئولين بمساعدتها فى أداء العمرة فى شهر رمضان.
مصاب فى المجزرة: رفعنا دعاوى لمطالبة إسرائيل بتعويض ولم نحصل على شىء
وقال السيد عبد الرحمن 57 سنة، أحد مصابى المجزرة، "كان عمرى وقت الحادث 7 سنوات، كنت تلميذا بالصف الأولى الابتدائى، وأصبت فى رأسى وأنحاء جسدى ومكثت فى المستشفى فترة طويلة للعلاج، وحاليا أعمل فلاحا ليس لدى دخل ثابت، وأتمنى صرف معاش لى، ومعاملتى مثل مصابى العمليات الحربية"، مضيفا أن عددا من أهالى الشهداء والمصابين قاموا فى عام 2013، برفع دعوى قضائية لمطالبة إسرائيل بتعويض أسر شهداء ومصابى المجزرة ماديًا ومعنويًا ولكنهم لم يحصلوا على شىء حتى الآن.
"الصرف الصحى" أحد مشاكل القرية
تقع قرية بحر البقر "2" بمركز الحسينية شمال محافظة الشرقية، ويبلغ عدد سكانها حوالى 15 ألف نسمة، وتعانى من العديد من المشاكل، كما روى أحمد محمود من أبناء القرية، أن المسئولين لم يتذكروا قريتهم سوى فى يوم 8 أبريل بالمشاركة فى الحفل الذى ينظمه شباب جميعة بحر البقر لإحياء الذكرى، وكل مرة يتم إطلاق الوعود بتحقيق مطالب عامة لصالح أبناء القرية، لكنها تذهب سدى ليأتى عام جديد، والقرية تعانى من ضعف فى الخدمات وعدم دخول خدمة الصرف الصحى لكل منازل القرية، ومصرف بحر البقر الذى يهدد حياة الأهالى ويروون منهم أراضيهم الزراعية ويسبب لهم أمراضا خطيرة.
أسماء شهداء المجزرة
يذكر أنه فى صباح يوم الأربعاء 8 أبريل 1970م فى الساعة التاسعة وعشرين دقيقة، كانت مدرسة بحر البقر على موعد لتدخل التاريخ من باب الكوارث، حيث قامت 5 طائرات إسرائيلية من طراز إف-4 فانتوم، تزن "1000 رطل" بقصف المدرسة وتدميرها على أجسام التلاميذ الصغار.
وأسفرت الهجمات عن استشهاد 19 طفلا وطفلة وقتها وبلغ عدد المصابين أكثر من 50 فيهم حالات خطيرة، وأصيب ومدرس و11 شخصاً من العاملين بالمدرسة، وقامت الحكومة المصرية بعد الحادث بصرف تعويضات لأسر الضحايا بلغت 100 جنيه للشهيد و10 جنيهات للمصاب، وتم جمع بعض متعلقات الأطفال وما تبقى من ملفات، فضلًا عن بقايا لأجزاء من القنابل، التى قصفت المدرسة، والتى تم وضعها جميعًا فى متحف، يحمل اسم المدرسة.
ومن أسماء التلاميذ الشهداء "حسن محمد السيد الشرقاوى"، و"محسن سالم عبدالجليل محمد"، و"بركات سلامة حماد"، و"إيمان الشبراوى طاهر" و"فاروق إبراهيم الدسوقى هلال"، و" محمود محمد عطية عبدالله"، و"جبر عبدالمجيد فايد نايل"، و" عوض محمد متولى الجوهرى"، و" محمد أحمد محرم"، و" نجاة محمد حسن خليل"، و" صلاح محمد إمام قاسم"، و" أحمد عبدالعال السيد"، و" محمد حسن محمد إمام"، و" زينب السيد إبراهيم عوض"، و"محمد السيد إبراهيم عوض" و"محمد صبرى محمد الباهى"، و"عادل جودة رياض كراوية"، و"ممدوح حسنى الصادق محمد".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة