تحاول السلطات الفرنسية دائما احتواء الاحتجاجات وأعمال العنف التى باتت تخيم على مختلف انحاء البلاد، وخاصة بعد الدعوات المستمرة أسبوعيًا لتجديد التظاهرات من قبل حركة "السترات الصفراء"، وعلى رغم من إعلان الرئيس الفرنسى عن نيته لتغيير بعض الإجراءات لكى يمتص غضب السترات الصفراء، التى دخلت فى أسبوعها الـ24 من التظاهرات على سياسته، فقد عاود محتجى حركة "السترات الصفراء" المناهضة للحكومة الفرنسية الاحتشاد بشوارع البلاد للأسبوع الـ 24 على التوالى، على الرغم من خطاب الرئيس إيمانويل ماكرون، الأخير بشأن الاضطرابات المستمرة منذ أشهر.
وذكر تليفزيون "فرانس 24" الفرنسى، اليوم السبت، أن نحو ألفى محتج بمدينة ستراسبورج نظموا مسيرة سلمية فى ظل تواجد مكثف لأفراد الشرطة مع وقوع بعض الاشتباكات بين الجانبين.
وأطلقت الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع لإجبار محتجين في مدينة ستراسبورج شرق البلاد على التقهقر لدى تقدمهم نحو مقر البرلمان الأوروبي.
وفى السياق ذاته، فقد خرج جيريمى كليمان أحد قادة الاحتجاجات التى تقوم بها حركة "السترات الصفراء" فى فرنسا، وقال إن خطاب ماكرون الأخير غير مرضى بالنسبة لهم تمامًا، مضيفًا: "من المؤكد أن الرئيس سمعنا وفهم مطالبنا، لكنه لم يستجب لها كالعادة، ولقد توقعنا هذا رد الفعل من قبله، وبالفعل كنا محقين".
وأضاف: "الرد سيأتى بالتأكيد من الشارع بداية من السبت، ككل سبت منذ 17 نوفمبر 2018، فالتظاهرات هى انعكاسات لخيبة الأمل التى نمر بها، نظرًا لأن المحتجين يرون أن الرئيس الفرنسى ليس لديه نية لتغيير سياسته، ويؤكدون على إصرارهم على مواصلة الاحتجاج".
يشار إلى أن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قد وعد بتخفيض ضرائب الدخل عن العاملين من الطبقة الوسطى، بعد شهور من الاحتجاجات الرافضة لزيادات فى الضرائب.
وجاء ذلك، فى خطاب ألقاه أمام صحفيين، للكشف عن سياسات منبثقة عما يعرف باسم "الحوار الوطنى الكبير"، الذى أطلقه قبل أسابيع، بهدف تهدئة غضب المحتجين.
وقال ماكرون، إنه يريد "تخفيض الضرائب لأكبر عدد ممكن من المواطنين، خصوصًا أولئك الذين يعملون من الطبقة الوسطى".
وتمثلت أكبر إجراءات ماكرون لاحتواء ازمة الستارت الصفراء فى التعهد بإصلاح عدد من الموضوعات المهمة مثل الضرائب والقدرة الشرائية والديمقراطية والعمل العام وإصلاح الإدارات الحكومية والتعليم والعمل والتقاعد.
وحاول ماكرون تقديم فهمه لأسباب الأزمة والمتمثلة فى عدد من المشاعر السلبية التى اجتاحت المجتمع الفرنسى مثل: الشعور بالظلم الاجتماعى وعدم المساواة، وشعور المواطنين بالتهميش وتجاهل الإدارات والمصالح الحكومية لآمالهم وتطلعاتهم ومشاكلهم، والشعور بعدم الثقة بين النخبة.
ومن جهة أخرى، أظهرت دراسة أجراها معهد أودوكسا للإحصائيات الفرنسى، ان استمرار اعمال العنف واحتدادها على مدار نحو 24 أسبوع من بادية انطلاقها على يد حركة السترات الصفراء فى مختلف ربوع فرنسا، والذين خرجوا مناجل الاعتراض على الضرائب وزيادة سعر الوقود وكذلك عدم الرضا عن قانون العمل فى البلاد، أدى إلى مخاوف كبيرة فى قلوب الفرنسيين والذين باتوا على قناعة أن بلادهم مهددة بالانهيار على يد المتظاهرين.
ووفقاً لصحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، أشار الاستطلاع إلى أن 78٪ من الفرنسيين يعتقدون أن عمليات "التخريب وتدهور الأماكن العامة والخاصة" سيحدث في الأحداث الكبرى مستقبلًا.
كما أكد 73% من الخاضعين للاستطلاع أنهم يتوقعون بشكل كبير رؤية مشاهد السرقة والنهب والتخريب فى الاحتجاجات المستقبلية، وخاصة أن "السترات الصفراء" لا تريد الانصياع للدولة، ومحاولاتها فى امتصاص غضبهم، كاشفًا أن الغالبية من الفرنسيين طالبوا بسن قوانين لـ"تنظيم العنف ضد الشرطة"، لوقوف هذه "المهزلة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة