كشف الكاتب الأسترلى سارو بريرلى، من أصول هندية، والبطل الحقيقى لفيلم Lion، والمأخوذ عن سيرته الذاتية، خلال حديثه فى معرض أبوظبى الدولى للكتاب 2019، عن أصعب لحظات عودته إلى والدته بعد 26 عاما من ضياعه فى الهند، وقيام أسرة أسترالية بتبنيه، ومن ثم عودته إلى أسرته مجددا.
جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت ضمن برنامج فعاليات معرض أبوظبى الدولى للكتاب 2019، تحت عنوان "طريق طول من الصفحة إلى الشاشة"، وتحدث فيها الكاتب الأسترلى سارو بريرلى، من أصول هندية، والبطل الحقيقى لفيلم Lion، والمأخوذ عن سيرته الذاتية، عن كتابه "طريق طويل إلى البيت".
فى البداية، تحدث سارو بريرلى عن تلك الليلة التى ذهب فيها إلى محطة القطار برفقة شقيقه، وضياعه، لافتا إلى أن ذاكرته تصويرية، تعتمد على الصور بشكل أكبر، وهو ما ساعده كثيرا فى عملية سرده للأحداث فى كتاب "طريق طويل إلى البيت"، وهى تلك اللحظات التى لم تختلف كثيرا عما جاءت فى الفيلم.
الكاتب الأسترلى سارو بريرلى، من أصول هندية يوقع للجمهور
وبسؤاله عن كيفية تمكنه من العيش بعمر 5 سنوات فى الشوارع، قال سارو بريرلى، إلى أن هذه الفترة، أكسبته إحدى المهارات وهى إيجاد الطعام فى النفايات والمياه الراكدة، مضيفا: "بالطبع لم أشرب من المياه الراكدة، لكنه كان أمرا شديدا وصعبا أن تكون طفلا فقيرا ليس لديك أية نقود، ولم أستحم لأيام طويلة، وكان على أن أطعم نفسى".
سارو بريرلى من معرض أبوظبى للكتاب
أما عن الملجأ وسؤاله عن خيار التبنى، وإذا ما كان لديه وعى حينذاك بثقل هذا القرار، وكأنه يغلق الباب أمام والدته فى محاولة إيجاده، قال سارو بريرلى: "أتذكر هذه اللحظات بشدة، والأسئلة التى كان يتم طرحها على، وفكرت فيما مررت به، وشعرت بأننى لن أجد عائلى أبدا، لأننى حاولت، ولهذا كان قرار الذهاب بالنسبة لى كفرصة، اتخذت هذا القرار بكل قوة، ما زلت أذكر هذه اللحظة التى عبرت فيها عن رغبتى بالذهاب للعيش مع أسرة ثانية".
ساور بريرلى يروى أصعب لحظات عودته لأمه من خلال الفيلم
أما عن شعوره لحظة صوله إلى استراليا، فقال سارو بريرلى: "كان هناك فرق كبير بين العشوائية فى موطنى، والحداثة فى استراليا، كل شيء حدث بسرعة كبيرة، فجأة وجدت أن الأرض والناس والهواء مختلفين، أذكر أننى كنت خائفا قليلا".
سارو بريرلى من معرض أبوظبى للكتاب
وبسؤاله عن عملية بحثه عن أسرته كما وصفها فى الكتاب بأنها كانت تشبه البحث عن إبرة فى كومة من القش، أشار سارو بريرلى إلى أنه لم يخبر أسرته الأسترالية بأنه يبحث عن أسرته البيولوجية، مضيفا: "ولكى أقوم بهذه الرحلة، لم أكن أعى بالفعل ما أفعله فى هذه الفترة، كل ما كنت أدركه هو أننى كنت بحاجة ماسة للبحث عن أمى البيولوجية، وكذلك أشقائى، كان هناك شعور ما يدفعنى للاستمرار فى البحث، كان بمثابة القوة المحركة، وكلما كنت أستمر فى البحث، كان هناك هاجس يحدثنى بأن احتمالية خروجى من الهند كانت ضيئلة، وأننى أعيش مع أسرة جديدة منحتى الكثير، إلا أن النداء الداخلى إزاء البحث عن عائلتى الحقيقة كان قويا، فكان عليا أن اتخذ قرارا، وكان ذلك صعبا على الغاية لأننى لم أكن أعى ما ينتظرنى على الجانب الآخر".
وتابع سارو بريرلى: "أنا شخص يعتمد على تحليل الأمور فى كل شيء، ولهذا كان عقلى يرسم لى عالما مخيفا أثناء عملية استكشاف الجانب الآخر، ومعرفة ما ينتظرنى، وكنت فقط أجرب وألعب بالأمور، وأنا لا أعرف كيف أخبر أسرتى الاسترالية بما أفعله، كنت أمكث حتى منتصف الليل، فى عملية البحث، وأكذب على أسرتى وأخبرهم بأننى مريض، وصارت عملية البحث كالإدمان، لأننى كنت كلما بحثت كنت أشعر بأننى أقترب، كنت أؤمن بالأمل، ولهذا لم أخبر أهلى بما أفعل لأننى شعرت بأنهم سيبطئون من محاولة قربي إلى هدفى ومن وصولى إليهم فى الهند".
جانب من ندوة ساور بريرلى فى ندوة معرض أبوظبى
وبسؤاله عن شعوره حينما وجد محطة القطار على الخريطة، قال سارو بريرلى: "شعرت بأننى أعيش بداخل الخيال، لأننى كثيرا ولسنوات طويلة من البحث، كنت أنام أثناء البحث على المنضدة، وحينها قمت بإطفاء اللاب توب كثيرا وأعدت تشغليه لأننى ظننت نفسى فى حلم، ولكى أتأكد من ذلك، قمت بالذهاب إلى غرفة شقيقتى وأيقظتها وأخبرتها بما فعلت، وحينما سألتنى عما فعلته، تيقنت بأننى لم أكن أحلم".
أما عن شعوره الداخلى حينما ذهب إلى الهند ووجد أسرته البيولوجية، فقال سارو بريرلى: "العودة إلى الهند الأولى كانت هى الحلم، وليس الهدف هو العودة إلى الهند كدولة، ولهذا عندما عدت ووجدت أسرتى بعد ساعات من الوصول، كان الأمر مختلفا بالطبع، لم يكن كما توقعت، أمى فى استراليا، قالت لى وأنا فى المطار، لا تضع توقعات كثيرة لأنك لن تجدها، وإن لم تجدها فإن الأمر سيبصح أسوأ".
وتابع سارو بريرلى: "حينما ذهبت وأخذنى رجل إلى المنزل، كنت أمام ثلاث نساء، وفى لحظات كنت قد عرفتها، على الرغم من تغير ملامحها بسبب تقدمها فى السن، هى لحظات لا يمكن للكتابة التعبير عنه، وأنا شخص عاطفى داخليا وليس خارجيا، فبعد 26 عاما، ظللت أبحث حتى وجدت أمى، وعلى الرغم من ذلك، لا يمكننى التعبير عن تلك اللحظة التى وجدتها أمامى وتقدمت إليها واحتضنتها".
وحول الأسباب التى دفعته إلى كتابة وسرد تفاصيل حياته، أكد سارو بريرلى على أن الشهرة لم تكن مبتغاه على الإطلاق، بل كان الهدف الأسمى هو التأكيد على ما تسمو به الإنسانية، لأننى كنت أشعر أن ما مررت به، لم يمر به أحد غيرى، إلا أننى بعد ذلك اكتشفت العكس، ولهذا فكرت فى الكتابة، وتقديم قصة إيجابية فى عالم سلبى، كما قيل لى، وهو ما علقت عليه بالسؤال عن السلبية فى هذه القصة، لطفل انتقل من الفقر إلى العيش مع أسرة منحته كل شي.
وحول عملية تحويل الكتاب إلى الفيلم، قال سارو بريرلى: كان أمرا مثيرا للاهتمام، فالانتقال من الصحفة إلى الشاشة، وبعد توقيع العقد، يمنح شركات الإنتاج السلطة على قصة حياتى، وفى البداية شعرت بالخوف من أن يطرأ على القصة الأصلية تغيرات، وكنا نتأكد من أنه لا يوجد هناك أية مبالغات، وهو ما أكدنا عليه قبل التوقيع، وأن القصة ستظهر كما هى.
وحول تقييمه للفيلم، وإذا ما كان قد أعجبه أم لا؟، قال سارو بريرلى: الفيلم بالفعل أعجنى جدا، نعم هو كتب بطريقة مختلفة، وعائلتى الهندية والاسترالية شاهدوا الفيلم معى، لأن شركة الإنتاج قررت أنه لماذا لا تشاهد عائلتى البيولوجية والأسترالية الفيلم معا، وأثناء عرض الفيلم، كانت أمى تبكى طوال الفيلم، لأنها لم تكن تعلم القصة، وكذلك شقيقتى، التى ظهرت أمامها كشبح".
وقال سارو بريرلى موجها حديثه إلى جمهور معرض أبوظبى الدولى للكتاب 2019: بينما تتم مشاهدة الفيلم وقراءة الكتاب، فإننى خلال هذه اللحظات أعبر عن امتنانى لكل من ساعدنى حتى أصبحت لما أنا عليه الآن، وفى نفس اللحظة، أطرح سؤالا ضمنيا على القارئ أو المشاهد، وهو طرح الاحتمالات أو الأسئلة المعاكسة، وهنا أقول إن استقلال القطار الخاطئ يأخذك إلى الطريق الصحيح.
وأكد سارو بريرلى على أن الرسالة الأهم أيضا فى الفيلم والكتاب، هى رغبة إحدى الأسر المحرومة من الإنجاب فى أن تتبنى طفلا بدلا من أن تتخذ الطريق الطبى بديلا أو علاجا، ولهذا فإن عملية تبنى الأطفال المشردين هى رسالة سامية علينا دعمها.
جانب من الندوة خلال فعاليات معرض أبوظبى للكتاب 2019
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة