ما بين شقى رحى.. يقع الشعب اليمنى ضحية الأوبئة والأمراض من ناحية وسيطرة الحوثيين من ناحية أخرى، فقد عاد وباء "الكوليرا" ليطل برأسه مرة أخرى بمعدلات مخيفة، ليفتك بالمئات من سكان المحافظات الخاضعة لسلطة ميليشيا الحوثي، التى نهبت الأدوية الخاصة بالعلاج من المستشفيات والمساعدات الإنسانية أيضا فى الوقت الذى أوقفت فيه حملات التطعيم ضد الكوليرا فى صنعاء تاركة المرض ينهش أجساد الأهالى.
وضمن قوائم المتوفين المكافح الأول للكوليرا يأتى الطبيب محمد عبدالمغني الذي وصف الزيادة في حالات الكوليرا التي كان يعالجها بأنها "كارثية"، وقد رحل الطبيب متأثراً بإصابته بوباء الكوليرا، بعد أن جند نفسه لمكافحتها في العاصمة صنعاء في ظل انتشار مخيف للوباء، قابله عجز شديد في تغطية علاج المرضى بسبب انهيار القطاع الصحي في العاصمة صنعاء والمحافظات المحيطة بها نتيجة سيطرة الحوثيين على كافة قطاعات الدولة بما فيها القطاع الصحي الذي تعرض للتدمير والاستهداف المباشر، وهو ما فاقم من معاناة الشعب.
وحسب المعلومات الطبية لوزارة الصحة ، فإن مرض الكوليرا وصل إلى أغلب بيوت العاصمة صنعاء، فلا تجد بيتًا إلا وفيه شخص تعرض للمرض، الحوثي كان سببًا رئيسًا في انتشار هذا الوباء بعد أن أهمل القطاع الصحي واستهدف كوادره، وتاجر بالأدوية التي توفرها المنظمات الدولية، وتسبب في انعدام الأمن الذي جعل من منظمة الصحة العالمية توقف حملات التطعيم أكثر من مرة.
وتكمن خطورة الوباء أنه يقضي على المريض سريعًا إذا لم يتم تداركه بالعناية والإسعاف إلى المستشفيات، وهو الأمر الذي عجز عنه كثير من المرضى، إما لأسباب مادية وإما لضعف قدرة المستشفيات على استيعاب الحالات المتزايدة يومًا وراء آخر.
تقارير أممية تعكس الأزمة
آخر تقارير الأمم المتحدة الصادرة خلال شهر مارس 2019، تقول إنه تم الإبلاغ عن مائة وثمانية آلاف و889 حالة مشتبه فيها، و190 حالة وفاة مرتبطة بها بين 1 يناير و17 مارس الماضي.
مناطق تركز الوباء
ويقول تقرير صادر حديثا عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن وباء الكوليرا يتركز في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحوثي وهي "أمانة العاصمة، والحديدة، وصنعاء، وإب، وعمران، وذمار".
وفقًا، للمعطيات التي تم جمعها من الميدان فإن أحد أسباب تفشي هذا المرض هو التدمير الذي أحدثه الحوثيون في القطاع الصحي، والتلاعب الذي حل بالتوظيف في الوظائف الصحية، وحجز المستشفيات الحكومية لصالح علاج جرحى الميليشيا، وحرمان المرضى من العلاج فيها؛ كونها أقل تكلفة من المستشفيات الخاصة التي لا يستطيع التداوي فيها إلا من كان ميسور الحال، في ظل ارتفاع رقعة الفقر والبطالة وغياب الأعمال، وانقطاع رواتب الموظفين منذ عامين بسبب ممانعة الحوثي من دفعها وتوريد عائدات الدولة إلى البنك المركزي في عدن.
أزمة العلاج
هناك إشكالية مهمة ضاعفت أزمة الوباء وهى انهيار القطاع الصحي، و هجرة المئات من الأطباء والعاملين في هذا القطاع الحيوي المهم بعد سيطرة الميليشيا الحوثية على العاصمة صنعاء وانتشارها في بعض المحافظات، حيث وجد الكادر الطبي نفسه أمام تعسف وابتزاز وممارسات سلبية مما أجبرهم على الرحيل والهجرة إلى خارج البلاد، وبالتالي ترك فجوة كبيرة لُوحظت آثارها في انتشار العديد من الأوبئة والأمراض القاتلة التي غابت عن اليمن منذ أكثر من 55 عامًا، في زمن الأئمة أجداد الحوثي.
ورغم المحاولات التي تجريها المملكة العربية السعودية وتحالف دعم الشرعية عن طريق تقديم المساعدات الدوائية عبر المنظمات الدولية، وإقامة المخيمات الطبية، ودعم شامل لمستشفيات السلام في حجة وصعدة الواقعة تحت سلطة ميليشيا الحوثي، وإعلان الحكومة الشرعية صرف مرتبات موظفي قطاع الصحة بالمحافظات الخاضعة لسيطرة الميليشيا، إلا أن الإشكالية تكمن في إدارة الحوثي لهذا القطاع، واستخدامه لغرض الابتزاز والدعاية الإعلامية، واستخدام كل مقدراته في دعم الحرب وعلاج الجرحى، وترك باقي اليمنيين يلاقون مصيرهم المحتوم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة