هناك نوع من البشر، يتصور أنه عندما يواجه أزمة من أى نوع مهما صغر حجمها وقل شأنها، فلابد لكوكب الأرض أن يتوقف عن الدوران وتتوقف الحياة كلها عن السير حتى تتنتهى مشكلته على النحو الذى يرضيه، فإن لم تنته، فالويل للجميع، فهو يحاول ويحاول أن يدخل كل من يعرف فى دائرة توتر الأزمة شاءوا أم أبوا، ويضمن ويتأكد أن الجميع مشغولى الرؤوس بأزمته متناهية الصغر، وأن رؤوسهم جميعٱ تنفجر من شدة التفكير فى حلول، حتى وإن لم يعمل بها، فهو يستمتع بتجنيد الجميع لصالحه، ويستريح لتوقف مصالح الجميع مع توقف مصلحته.
لا حظت أن هذه العادة الخبيثة ترتبط ارتباطٱ وثيقٱ بالتمارض.
فهو فى الغالب؛ عندما يصاب بنزلة برد يحولها بينه وبين نفسه إلى التهاب رئوى، ونزلة شعبية حادة، وسرطان فى الحنجرة.
عندما يصاب بصداع يصرخ وينادى القاصى والدانى ويخبر كل إنسان يتصل به هاتفيٱ بالبلوة الضخمة، ويطرق أبواب الجيران واحدٱ واحدٱ، وينزل إلى الشوارع ليخبر المشاة جميعهم، فرأسه يؤلمه وعنده صداع.
فيحول الصداع بدوره إلى ورم فى المخ أو سرطان فى الجمجمة.
يتقصى بكل قوته عن ما إذا علم الجميع بأمر صداعه أو ألم أسنانه أو نزلة برده !
فيسأل فردٱ فردٱ؛ عندى صداع، ألم تدرِ بعد ؟
وهكذا كلما جرح إصبعه، أو آلمه ظهره، والسؤال هنا؛ ماذا عساه أن يفعل؛ أن مرض مرضٱ خطيرٱ بالفعل ؟
فى الغالب سيجن وسيجن من حوله، إنهم المعانون الحقيقيون فى هذه المهزلة.
هل هذه هيستيريا، أم وسواس أم رفاهية أم سخافة ؟
والمؤسف فى الأمر؛ أن مثل هؤلاء على الرغم من أنهم يفرضون على الغير تحمل معاناتهم معهم، إلا أنهم لا يتحملون أحدٱ حتى وإن كانت معاناته حقيقية وتستوجب المشاركة وشد الأزر.
هى المبالغة فى الأثرة أو ربما شىء أشد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة