رغم حالة الاطمئنان التى شهدها العالم مؤخرا انتظارا للسقوط الكامل لتنظيم داعش، يبدو أن النهاية لم تقترب بعد للجماعة الإرهابية الأشد وحشية فعلى الإطلاق.
فقد قالت صحيفة واشنطن بوست إنه فى الوقت الذى يخوض فيه قادة داعش معركة أخيرة فى الأرض المتبقية من دولة خلافتهم المزعومة فى سوريا، فإن التنظيم بدأ فى تغيير خططه والعودة إلى جذوره المتمردة بزرع خلايا نائمة عبر أجزاء من سوريا والعراق التى كانوا يسيطرون عليها من قبل.
وأشارت الصحيفة إلى أن القوات السورية الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة تخشى البقاء فى القرى التى يسيطرون عليها فى الطريق المؤدى إلى باجوز، آخر معاقل داعش، حيث يقول السكان المحليون إن الاغتيالات تتصاعد، بينما يقيم الإرهابيون نقاط تفتيش ليلا ثم يختفون مع بزوغ الفجر.
وتابعت الصحيفة إن صعود داعش غير المسبوق فى أراضى تعادل مساحة بريطانيا ساعد عليه فوضى الحرب الأهلية فى سوريا والانهيار شبه الكامل لقوات الأمن العراقية على الحدود. ومع وجود الأعضاء المتبقين عبر الصحراء الممتدة فى البلدين، فلا يوجد ما يشير إلى أن التنظيم سيستعيد مناطق مهمة فى أى وقت قريب، لكن الخبراء يحذرون من أن الأشهر المقبلة يمكن أن تحدد ما إذا كان التنظيم سيكون قادرا على تقويض استقرار الوضع الأمنى الذى لا يزال هشّا، ويمهد لعنف جديد.
ففى دير الزور، حيث يخوض داعش معركته الأخيرة، لا تزال الأوضاع خصبة بشكل غير عادى للمسلحين، حيث تنشط الخلايا السرية فى العديد من المناطق التى يصعب فيها مراقبة القرى المدمرة والمساحات الشاسعة من الصحراء.
ويقول حسن حسن، مدير الأبحاث فى مركز السياسة العالمية بواشنطن، إن أحد نقاط الضعف الرئيسية هى الثقة، فيما إذا كانت قوات الأمن المتواجدة قادرة على تقديم المساعدة والمراقبة، وحكم المناطق بشكل صحيح أم استغلالها.
يأتى هذا فى الوقت الذى حذر فيه أعلى مسئول عسكرى مشرف على العمليات فى الشرق الأوسط من أنه برغم خسائر داعش على الأرض، فإن المعركة ضد التنظيم لم تنته، مشيرا إلى أن بقايا الجماعة الإرهابية يتمركزون من أجل إعادة الصعود مرة أخرى.
وقال الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القوات المركزية الأمريكية أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب، إن تقليص الخلافة إنجاز عسكرى ضخم لكن القتال ضد داعش والتطرف العنيف لم ينته بعد. وقد اعترف فوتيل بأن أراضى داعش قد تقلصت من حوالى 34 ألف ميل مربع فى ذروة قوتها إلى أقل من ميل مربع واحد فى مدينة البجوز السورية، لكنه حذر من أن العديد من مقاتلى داعش قد تركوا هذه الجيوب الأخيرة وانتشروا عبر سوريا والعراق.
وقال فوتيل إنهم سيحتاجون للحفاظ على الهجوم اليقظ ضد التنظيم الذى أصبح متفرقا وموزعا على نطاق واسع ويشمل القادة والمقاتلين ومن يسهلون لهم أوضاعهم ومصادرهم وبالطبق أيديولوجيتهم السامة.
وبينما ترك المئات من أفراد عائلات مقاتلى داعش آخر الجيوب المتبقية للتنظيم واستسلموا للقوات الديمقراطية، إلا أن فوتيل حذر من أن هذه خطوة محسوبة تهدف إلى الحفاظ على قدرة الجماعة على القتال فى المستقبل.
وقال القائد العسكرى الأمريكى إن ما نشهده الآن ليس استسلاما لداعش، ولكن قرارا محسوبا للحفاظ على سلامة أسرهم والحفاظ على قدراتهم عن طريق استغلال فرصهم فى مخيمات النازحين والذهاب إلى المناطق البعيدة وانتظار الوقت المناسب للعودة مرة أخرى.
وهذا نفس ما ذهبت إليه صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية فى افتتاحيتها اليوم، الجمعة، حيث قالت إن دولة الخلافة المزعومة قد انتهت لكن شبح داعش لا يزال حيا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد وحشية التنظيم القائمة على الذبح والاستعباد، الذى يرفضه غالبية المسلمين فى العالم، إلا أنه لا تزال السياسات والممارسات التى تغضب المسلمين السنة فى سوريا والعراق قائمة، وهذه هى المآسى التى تغذى داعش. وتابعت الصحيفة قائلة إن داعش انسحبوا لشن ضربات إرهابية أو نقل عملياتهم إلى بلدانهم الأصلية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة