أشاد البنك الدولى فى دراسة حديثة أجراها على مصر بالجهود الحكومية لتمكين المرأة، خاصة سَن إصلاحات تشريعية ساهمت فى تحسين منظومة ممارسة الأعمال للمرأة وتمكينها اقتصاديا، والنهوض بحقوق المرأة في التشريعات العامة، حيث سنت الحكومة عدة قوانين وتعديلات لقوانين قائمة بُغية تحسين منظومة ممارسة الأعمال، واجتذاب الاستثمارات، وعالجت هذه الإصلاحات الكثير من العوائق التي كانت تحول دون مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادى.
وقام البنك الدولى بإعداد التقرير بالتعاون مع وزارة الاستثمار والتعاون الدولي والمجلس القومي للمرأة بدعم من الحكومة البريطانية ، وتضمن تقييم أحوال المرأة المصرية من حيث التعليم والصحة والعمل والحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، واقترح عدداً من السياسات والحلول، التي تساهم في زيادة تمكين المرأة، من أجل تعزيز النمو الاقتصادي للمجتمع ككل.
وأضاف التقرير إن تخصيص شباك خاص بالسيدات في مركز خدمات المستثمرين، ساهم في تيسير الإجراءات لسيدات الأعمال وساعد في إتمام إجراءات التسجيل للمشروعات المملوكة للنساء بسهولة ويسر، كما أتاح قانون الشركات المعدل التسجيل كشركات الشخص الواحد "للشركات الفردية"، والشركات الفردية تُمثل نحو 60% من إجمالي الشركات، ما ساهم في منح الشركات الفردية مسئولية محدودة وأشكالاً أخرى من الحماية وتعبئة رأس المال اللازم للنمو، ومع أن هذه التعديلات ليست موجهة حسب نوع الجنس، فإنها ستعود بالنفع على المشروعات المملوكة للنساء، وهي في معظمها مشروعات صغيرة، وستشجعهن على التحول إلى الاقتصاد الرسمي والنمو.
كما أشار التقرير إلى إصلاحات تشريعية إضافية تسهم في تهيئة بيئة مواتية لمشاركة النساء في النشاط الاقتصادي، تتفق وتتكامل مع توجهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لتمكين المرأة.
وقد خصص التقرير مساحة للاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 التى أعدها المجلس القومي للمرأة، واقرها السيد رئيس الجمهورية فى عام 2017 عام المرأة المصرية كوثيقه العمل خلال الأعوام القادمة، كما تعد هذه الاستراتيجية هى الأولى من نوعها على مستوى العالم ، وتتسق هذه الاستراتيجية مع أهداف التنمية المستدامة 2030 التي وضعتها الأمم المتحدة.
كما أدى الاهتمام الرئاسي بالشمول المالي إلى إتاحة الخدمات المالية للمرأة، ومن المتوقع أن تؤدي هذه الجهود إلى تقليص الفجوة بين الجنسين في مصر بمقدار النصف بحلول عام 2021.
وذكر التقرير، أنه في إطار استراتيجية الدولة للشمول المالي أيضًا تم تصميم برامج للحماية الاجتماعية تتسم بالكفاءة لتكون بمثابة نقطة انطلاق نحو تحقيق الشمول المالي، حيث أطلقت مصر برنامج التحويلات النقدية (تكافل وكرامة) في عام 2015 الذي يستهدف الأسر الأكثر فقرًا، ونحو 90% من المستفيدين من هذه التحويلات من الإناث، وتم تصميمه ليكون برنامجاً للتأهل للاستفادة من برامج أخرى، وسينشئ مسارات مستدامة للمناطق والسكان الأكثر فقراً، لتمكينهم من تحسين أوضاعهم فيما يخص شبكات الأمان الاجتماعي، والتعليم، والتوعية المالية، والادخار، وتيسير الحصول على رأس المال، والتوجيه أو الإرشاد في المهارات الحياتية.
وحققت مصر نجاحاً ملحوظاً في تضييق الفجوة التعليمية، وتظهر معظم الإحصاءات التعليمية تفوق الإناث، بين التلاميذ الملتحقين بالتعليم الابتدائي، وتتسع في مستويات التعليم الأعلى لتصل إلى 7% بين الطلاب الملتحقين بالتعليم الثانوي، لصالح الإناث، وتسجل الطالبات حتى في الريف أداء أفضل من حيث إتمام الدراسة الثانوية والحصول على درجتهن في شهادة الثانوية العامة، وحتى في ريف الصعيد في ظل انتشار القيم المحافظة، فإن عدداً أكبر من الطالبات يتممن دراستهن الثانوية، وتزيد نسبة الإناث اللاتي يحصلن على شهادة الثانوية العامة عن أقرانهن من الذكور بمقدار 6% إلى 11% في الريف لثماني محافظات في الصعيد، كما تعد نسبة النساء اللاتي تدرسن في مجالات التكنولوجيا المعلوماتية والعلوم والرياضيات والهندسة "STEM" في مصر مرتفعة مقارنة بالوضع في بقية بلدان العالم، وينطوي هذا على إمكانيات هائلة للاقتصاد وللنساء أنفسهن، وقد يساعد تعليم التكنولوجيا المعلوماتية والعلوم والرياضيات والهندسة على تمكين النساء ليشغلن مكانة أقوى، ويضطلعن بدور في قيادة التغير الاقتصادي والاجتماعي.
وأظهر التقرير، تحسن معدل مشاركة الإناث في قوة العمل خلال العشرين عاماً الماضية، إذ ارتفع من 21% في 1998 إلى 23.1% في 2016، بينما تبلغ حصة النساء 60% من الوظائف في القطاع الرسمي، مقابل 40% للرجال، فهن أكثر اعتماداً بكثير على القطاع العام في التشغيل.
وبخصوص الحقوق السياسية، فقد نجحت النساء في الانتخابات البرلمانية عام 2015 في الفوز بنسبة 14.9% من مقاعد المجلس، ويعزى هذا المستوى غير المسبوق من التمثيل إلى مادة في الدستور تُخصص عددا معينا من المقاعد للنساء، وكذلك إلى النجاح الملحوظ لعدد من المرشحات المستقلات في الانتخابات، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الإيجابي في انتخابات المجالس المحلية التي ستجرى في عام 2019، حيث يخصص الدستور نسبة 25ُ% من المقاعد للنساء، ومن الإنجازات أيضًا تعيين أول امرأة في منصب محافظ في عام 2017، وتعيين ثماني وزيرات، وهو أعلى معدل لشغل المرأة للمناصب القيادية في تاريخ مصر على الإطلاق.
وقالت الدراسة إن معدل مشاركة المرأة فى سوق العمل المصرى بلغ 23.1% فيما سجل معدل البطالة 23.6% أى أكثر من ضعف معدل الرجال.
وأظهر معدل مشاركة الاناث فى قوة العمل فى مصر تحسنا طفيفا خلال العشرين عاما الماضية إذ ارتفع من 21% إلى 27% وذلك بالرغم من التحسن فى تعليم المرأة خلال نفس الفترة. وبحسب الدراسة فإن ذلك يرجع إلى أسباب هيكيلية وبالأعراف ،والتقاليد والقيم.
وأضافت الدراسة أن معدل تشغيل النساء قفز خلال السنوات العشر الأخيرة حيث بلغ فى الحضر 30% مقارنة بـ20% فى الريف.
وكشفت الدراسة أن حصة النساء فى القطاع الرسمى أكثر من حصة الرجال 60% للنساء ،فيما تعمل 4% فقط من النساء فى القطاع الخاص مقابل 38% للرجال.
وبحسب الدراسة فإن البطالة بين الشباب تمثل تحديا كبيرا حيث يزيد معدل البطالة بين الشابات مقارنة بالذكور وتصل إلى 38.1%، وذلك لأن أعداد كبيرة من الشابات لا يبحث عن عمل.
وفيما يتعلق بالعمل الحر تمارس 2.1% من النساء العمل مقارنة ب 7.4% من الرجال.
وذكرت الدراسة أن القوانين المدنية تمنح حقوقا متساوية للرجال والنساء فى بعض الأمور ومع ذلك لا تتملك النساء إلا 5.2% من الأراضى فى مصر لارتباط ذلك بالعادات والتقاليد.
كما ذكرت الدراسة أن الدستور المصرى يمنع التمييز ضد المرأة حسب نص المادة 9 كما يحظر قانون العمل التمييز فى الأجر بين الجنسين.
كما أن قانون الاستثمار الذى صدر عام 2017 يهدف لتبسيط الوائح التى تساعد على تأسيس وتشغيل المنشآت للمرأة بجانب قانون الإفلاس وقانون الشركات أيضا.
وفيما يتعلق بسوق العمل ذكرت الدراسة يقدر أن حجم القوى العاملة فى مصر 28.9 مليون تمثل النساء نسبة 24.2% منه وبلغ العدد نحو 7 ملاين عاملة منهم 3.1 مليون يعشن فى الحضر والباقى فى الريف.
وبحسب الدراسة فإن المستوى التعاليمى للإناث أعلى من الذكور، بل وأصغر سنا.
وفيما يتعلق بوجود النساء فى المناصب القيادية كان العدد 7.1% فقط.
وحول بطالة السيدات فإن 37% من السيدات الجامعيات عاطلات عن العمل وفيما يتعلق بريادة الأعمال فإن مشاركة المرأة ضعيفة، نظرا لأمور تتعلق بصعوبات منها الحصول على الائتمان ونقص الدعم الفنى والمالى.
وحول تكافؤ الفرص بين الجنسين أشار غالبية المصريين فى الدراسة إنه اذا كانت المرأة تتمتع بنفس مؤهلات الرجل وخبراته يحق لها الحصول على وظيفة جيدة.
وأوصت الدراسة انه لم تواكب الاستثمارات والتحسينات فى مجال التعليم الزيادة المتوقعة فى مشاركة المرأة فى النشاط الاقتصادى، ولا سيما أن عدد العاملات من السيدات ثلث الرجال تقريبا رغم كونهم أصغر سنا وأفضل تعليما، ويرجع ذلك إلى العادات والتقاليد والأعباء الأسرية والعائلية على المرأة، كما تفضل المرأة العمل فى القطاع العام عن الخاص على اعتبار وجود الأمان فيه، مما يستلزم دعم المرأة فى توليها المناصب القيادية فى الشركات ودعم ريادة الأعمال وتحفيز رائدات الأعمال مع تحسين ظروف العمل للمرأة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة