قال أحمـد أبـو الغيـط، الأمين العام لجامعة الدول العربية إن مسيرة التنمية العربية تعرضت لانتكاسة كبرى في بعض الدول التي شهدت حواضرها الخراب والتدمير، وتعرض سكانها للضياع والتهجير.لجوءاً ونزوحاً وتشريداً.حتى صارت بلادنا وللأسف منتجة لنصف لاجئي العالم.
جاء ذلك فى كلمة لأبو الغيط، اليوم،الخميس، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الدورة العادية الثلاثون بالجمهورية التونسية.
وأكد أبو الغيط، أن جرثومة الإرهاب، لا زالت برغم ما تحقق من انتصارات على أكثر تجلياته قبحاً؛ أي تنظيم داعش، كامنة في الكثير من مجتمعاتنا.
وأكد إن معركتنا المستمرة مع الإرهاب هي – في حقيقة الأمر- سباقٌ ضارٍ على عقول الشباب التي تسعى جماعات الإجرام والعنف إلى ملئها بشتى صنوف التطرف المقيت والكراهية للإنسانية كلها. مشددا على أنه وليس أمامنا، في مواجهة هذا التحدي، سوى الإسراع بتحصين تلك العقول الشابة بالتسامح وروح الانتماء إلى الأوطان، بل الانتماء إلى الجماعة الإنسانية بأسرها. لافال إلى أن استثمارنا الأجدى نفعاً، والأكثر تأثيراً، هو الاستثمار في البشر. تعليماً وصحةً، توعية وتدريباً، تهيئة وتجهيزاً للمستقبل.
ولفت أبو الغيط إلى انعقاد القمة التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، قبل شهرين في بيروت. مؤكدا أن استئناف عقد القمم التنموية ضمن منظومة العمل العربي المشترك –بعد ست سنواتٍ من الانقطاع- ينطوي على دلالة لا تخفى. مفادها أن الحكومات العربية أدركت أن التحديات التي تواجه العالم العربي ذات طبيعة مركبة ومتداخلة، ولا يُمكن مواجهتها سوى بحزمة سياساتٍ تمزج بين الأدوات الاقتصادية والبرامج الاجتماعية، جنباً إلى جنب مع أية إجراءات أمنية أو سياسية أو غيرها.
كما أكد، أن الطاقة الكبرى لدى الاقتصادات العربية، والمتمثلة في مجتمعاتها الشابة، ما زالت غير مستغلة على نحو كامل، ويحتاج الأمر إلى مئات، بل آلاف، من المبادرات والبرامج، لتحفيز هذه الطاقة المعطلة وإطلاقها، خاصة في صورة مشروعات صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر. مولدة للوظائف ومستوعبة للعمالة. لافتا إلى أنه جرى خلال القمة التنموية الأخيرة استعراض بعض هذه المبادرات، مشددا على متابعة العمل على هذا الصعيد بكل اليقظة والجدية.
وأكد أبو الغيط، إن التعليم، على وجه الخصوص، يكتسب اليوم أهمية استراتيجية تجعل منه التحدي الأول أمام مجتمعاتنا التي تحتاج إلى الانتقال من مرحلة الإتاحة إلى الجودة والتميز. موضحا أنه إذا أردنا أن نجد لنفسنا مكاناً في حلبة المنافسة العالمية- أن نُقدم هذا التعليم بمعايير عالمية، تخاطب متطلبات الثورة الصناعية الرابعة. لافتا إلى أن هذه الثورة -التي ستغير طبيعة الاقتصاد بصورة جذرية- تفترض اعتماد نمط معين من التعليم يرتكز على الابداع والابتكار والتفكير النقدي.
وأكد أنه من دون تعليم كهذا، ستظل المجتمعات العربية – كما هو الحال الآن- تعاني انفصالاً مزعجاً بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل . وهو ما يُسهم في ظاهرة بطالة الشباب، خاصة بين خريجي التعليم العالي، بكل ما ينطوي عليه ذلك من آثار اجتماعية وسياسية نعرفها ونلمسها جميعاً بدرجاتٍ متفاوتة في المجتمعات العربية.
وتابع:"برغم جسامة التحديات التي نواجهها في اللحظة الحاضرة، فإننا نضع أعيننا ونوجه أبصارنا إلى المستقبل أيضا". مؤكدا إن تحقيق التوازن بين واقع الديموغرافيا من جهة، ومعطيات المياه والغذاء والطاقة من جهة أخرى، يتطلب تخطيطاً مستقبلياً وعملاً تكاملياً بين الدول العربية. خاصة أن تحقيق هذا التوازن ينطوي على صعوباتٍ إضافية في ظل سيناريوهات التغير المناخي والتدهور البيئي.
وأوضح أبو الغيط، أن موضوع آخر معروض على القمة لا يقل أهمية هو "الاستراتيجية العربية لكبار السن". مؤكدا أنه موضوع يتعلق بقضية أوسع هي الحاجة إلى تجديد العقد الاجتماعي في بلداننا. مع إيلاء اهتمام أكبر لكبار السن ومن يعانون العجز، فضلاً عن هؤلاء الذين يعيشون في فقر مُدقع، أو ما يُسمى "الفقر متعدد الأبعاد". مشيرا إلى أن العقد الاجتماعي الصحي في أي مجتمع ناهض يأخذ بيد الفئات الأضعف، ويوزع الأعباء بشكل منصف – قدر الإمكان- على الجميع، ويُتيح طريقاً للصعود الاجتماعي على أساس الجهد والعمل. وبهذا يقوى النسيج الجامع للمجتمع بكافة فئاته وطبقاته وشرائحه العُمرية، وتترسخ مناعة الأوطان في مواجهة الاضطرابات والفتن الاجتماعية والسياسية.
ونوه أبو الغيط إلى أن اجتماع المندوبين الدائمين التحضيرى للقمة امس،الأربعاء، توصل إلى صيغة مشروع قرار بشأن تزامن انعقاد القمتين العادية والتنموية: الاقتصادية والاجتماعية. حيث تتضمن الصيغة الموافقة على تزامن انعقاد القمتين مرة كل اربعة أعوام ، على أن يتم تطبيق هذا التزامن بعد انعقاد الدورة الخامسة للقمة التنموية فى الجمهورية الاسلامية الموريتانية عام 2023 ، مشيرا إلى أنه تم تكليفه بإعداد مشروع ملحق للانعقاد الدورى للقمة التنموية لتنظيم أعمالها وعرضه على القمة العربية العادية القادمة.
وتوجه أبو الغيط بالتهنئة إلى الجمهورية التونسية على تولي رئاسة الدورة الثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، متمنياً لها خالص النجاح والتوفيق. كما توجه بعميق التحية إلى المملكة العربية السعودية على رئاسة الدورة السابقة للقمة العربية والإدارة الحكيمة لدفة العمل العربي المشترك طوال العام المنصرم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة