منذ 5 سنوات، وتحديداً في 26 مارس 2014، لبى المشير عبد الفتاح السيسى- وزير الدفاع المصرى آنذاك- نداء الشعب المصرى وأعلن استقالته من منصب وزير الدفاع، من أجل الترشح لانتخابات الرئاسة.
وفِى كلمة تاريخية، بثها التليفزيون المصرى- وقتها- وتناقلتها مختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية، لم يتغير كلام السيسى، فقد استدعى مختلف التحديات التى تعانيها مصر، والتى طالب الشعب المصرى بضرورة أن "نواجهها معاً"، وقال السيسى: "أنا لا أُقَدّمُ المعجزاتِ، بل أقدّمُ العملَ الشاقَ والجهدَ وإنكار الذات بلا حدود" .
وقال السيسى، فى خطاب ترشحه للرئاسة، إنه قرر الترشح للرئاسة، امتثالاً لمطالب جماهير الشعب المصرى.
وأوضح المشير السيسى، أنه لن يقوم بإعداد حملة انتخابية تقليدية، وبأنه يفضل الترشيد فى الإنفاق على حملته، وعدم الإسراف مراعاة للحالة الاقتصادية السيئة التى تعانى منها البلاد، وهو ما تم بالفعل.
السيسى فى خطاب تاريخى: لا يمكنُ على الإطلاقِ أنْ يجبرَ أحدٌ المصريينِ على انتخابِ رئيسٍ لا يُريدونَه
كان السيسى، الأقدر على فهم طبيعة الشعب المصرى، وأنه دون ثقة هذا الشعب لن يستطيع أحدٌ أن يحكمه، فقال: "السنوات الأخيرة من عمر الوطن بتأكد أنّه لا أحدٌ يستطيع أنْ يُصبحَ رئيساً لهذهِ البلادِ دونَ إرادةِ الشعبِ وتأييده، لا يمكنُ على الإطلاقِ ، أنْ يجبرَ أحدٌ المصريينِ على انتخابِ رئيسٍ لا يُريدونَه، لذلكَ ، أنا وبكلِّ تواضعٍ أتقدمُ لكمْ مُعلِناً اعتزامى الترشح لرئاسةِ جمهوريةِ مصرِ العربية، تأييدكم ، هو الذى سيمنحنى هذا الشرفَ العظيمْ" .
وأضاف المشير السيسى فى خطاب ترشحه: "أعتبرُ نفسى – كما كنتُ دائماً – جندياً مكلفاً بخدمةِ الوطنِ ، فى أى موقع تأمر به جماهير الشعب..مِن اللحظةِ الأولى التى أقفُ فيها أمامَكم، أريد أن أكونَ أميناً معكم كما كنت دائماً، وأميناَ مع وطنى، وأميناً معَ نفسى" .
ولم يعِد السيسى فى خطابه المصريين بالأحلام الوردية، ولم يكن خطابه دعاية انتخابية، وإنما واجه السيسى المصريين بالحقائق وبالتحديات والمخاطر التى تحيط ببلدهم من كل جانب، والتى إن واجهناها سوياً بالعمل والإنتاج والتكاتف فسوف نهزمها ونتقدم بعيداً.
الرئيس للمصريين: يجبُ أنْ نكونِ صادقينِ مع أنفسِنا بلدُنا تواجهُ تحدياتٍ كبيرةٍ وضخمةْ
وقال السيسى: "لدينا نحن المصريون، مهمةَ شديدةُ الصعوبةِ، ثقيلةُ التكاليفِ، والحقائقَ الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية في مصر- سواء ما كانَ قبلَ ثورةِ 25 يناير، أو ما تفاقمَ بعدَها حتى ثورةِ 30 يونيو – وصلَ إلى الحد الذى يفرضُ المواجهةَ الأمينةَ والشجاعةَ لهذه التحديات" .
تابع: "يجبُ أنْ نكونِ صادقينِ مع أنفسِنا ، بلدُنا تواجهُ تحدياتٍ كبيرةٍ وضخمةْ ، واقتصادُنا ضعيف ، وملايين من شبابنا يعانون من البطالةِ في مصر، هذا أمرٌ غيرُ مقبولْ.. ملايينُ المصريين يعانون من المرضِ، ولا يجدون العلاجِ ، هذا أمرٌ آخر غيرُ مقبولْ".
وقال السيسى أيضاً:"مصر البلدُ الغنيةُ بمواردها وشعبها – تعتمدُ على الإعاناتِ والمساعدات ، هذا أيضاً أمرٌ غيرُ مقبول.. فالمصريون يستحقونَ أنْ يعيشوا بكرامةٍ وأمنٍ وحريةٍ ، وأنْ يكونَ لديهِمُ الحقُ في الحصولِ على عملٍ وغذاءٍ وتعليمٍ وعلاجٍ ومسكنٍ في متناولِ اليدْ". .
واللافت أيضاً أن كل المشكلات والتحديات التى تحدث عنها "المشير السيسى" قبيل خلعه الزى العسكرى، وإعلان ترشحه للرئاسة، هى نفس المشكلات والتحديات التي أكد عليها "الرئيس السيسى" في مناسبات عديدة، وكان يذكر المصريين بها دائماً، فلم يتغير خطابه ولم تختلف نبرة تحذيره للمصريين بضرورة الحفاظ علي وطنهم والتعلم من دروس الماضي "مهمتُنا استعادةُ مِصرْ وبناءها".
الرئيس السيسى يرسم خارطة طريق للنهوض للبلاد
وقال السيسى في خطاب الترشح: "أمامَنا كلنا كمصريين، مهامٌ عسيرةٌ، والتى تتلخص فى: (إعادةُ بناءِ جهازِ الدولةِ الذى يعانى حالةِ ترهلٍ تمنعه من النهوضِ بواجباتِهِ، وهذه قضيةٌ لابد من مواجهتِها بحزمٍ لكى يستعيدَ قُدرتَهُ، ويستردَ تماسكَهُ، ويصبحَ وحدةً واحدةً، تتحدثُ بلغةٍ واحدةْ – إعادةُ عجلةِ الإنتاجِ إلى الدورانِ فى كل القطاعات لإنقاذِ الوطنِ من مخاطرَ حقيقية بيمر بها – إعادةُ ملامح الدولة وهيبتها ، التي أصابَها الكثيرُ خلالَ الفترةِ الماضيةِ).
وأضاف السيسى أن ما شهدته مصر خلال السنوات الأخيرة، سواءً على الساحةِ السياسيةِ أو الإعلاميةِ، داخلياً أو خارجياً، جعلت من هذا الوطنَ فى بعضِ الأحيانِ أرضاً مستباحة للبعضِ، وقد آنَ الأوانُ ليتوقفَ هذا الاستهتارُ وهذا العبثُ، فهذا بلدٌ له احترامُهُ وله هيبتُهْ، ويجبْ أن يعلم الجميعُ أن هذهِ لحظةٌ فارقةٌ، وأنّ الاستهتارَ في حقِ مصرَ مغامرةٌ لها عواقِبُها، ولها حسابُها ، مصرُ ليست ملعباً لطرفٍ داخليٍ أو إقليمىٍ أو دُوَلىٍ، ولن تكون .
السيسى: صناعةُ المستقبلِ هي عملٌ مشتركٌ.. هي عقدٌ بين الحاكم وبين شعبه
وشدد السيسى علي أنه :"لن يكون لنا حساباتٌ شخصيةٍ نصفيّها ، أو صراعات مرحليةٍ نمضى وراءها ، فنحنُ نريدُ الوطنَ لكل أبنائِهِ ، دونَ إقصاءٍ أو استثناءٍ أو تفرقةٍ ، نَمُدُّ أيديِنا للجميعِ في الداخلِ وفى الخارجِ ، معلنين أنّ أي مصريٍ أو مصريةِ لم تتمُ إدانته بالقانونِ الذى نخضعُ لهُ جميعاً ، هو شريكٌ فاعلٌ في المستقبلِ بغيرِ حدودٍ أو قيود" .
ورغمَ كلِ الصعابِ التي يمرُّ بها الوطنُ، قال السيسى:"أقفُ أمامَكُم وليس بي ذرةُ يأسٍ أو شك ، بلْ كلّى أملٌ ، في اللهِ، وفى إرادتِكُم القويةُ لتغييرِ مصرَ إلى الأفضلِ ، والدفعِ بِها إلى مكانِها الذى تستحقُه بين الأممٍ المتقدمةِ ..الإرادةُ المصريةُ عظيمةٌ ، نحنُ نعرِفُها وشهدناها ، ولكن يجبْ علينا أن ندركَ أنهُ سوف يكون محتمٌ علينا ، أن نبذلَ جميعاً أقصى الجهدِ لتجاوزِ الصعوباتٍ التى تواجَهُنا في المستقبل" .
وشدد السيسى، على أن صناعةُ المستقبلِ هي عملٌ مشتركٌ، هي عقدٌ بين الحاكم وبين شعبه ، الحاكم مسئول عن دوره وملتزم به أمامَ اللهَ وأمامَ شعبه ، والشعب أيضاً عليه التزاماتٍ من العمل والجهد والصبر ، لن ينجح الحاكم بمفرده ، بل سينجح بشعبه وبالعمل المشترك معه .
وشدد السيسى على أن الشعبُ المصريُ كله يعلم أنه من الممكنِ تحقيقُ انتصاراتٍ كبيرةٍ، لأنهُ حققَها من قبلِ ، ولكنّ إرادَتَنا ورغبتَنا فى الانتصارِ لابدّ أن تقترنَ بالعملِ الجادِ .
وكما حذر السيسى من الإرهاب والإرهابيين، في خطاب الترشح، نجحت مصر خلال الفترة الماضية في القضاء علي المئات من الإرهابيين والبؤر الإرهابية، وهنا نستدعي ما قاله المشير السيسى في خطاب الترشح للرئاسة: "نحنُ مهددونَ من الإرهابيين . من قِبَلِ أطراف تسعى لتدميرِ حياتِنا وسلامِنا وأمنِنا ، صحيحٌ أنَ اليومَ هو آخرَ يومٍ لي بالزيِ العسكريِ، لكنني سأظلُ أحاربُ كلَ يومٍ، من أجلِ مصرَ خاليةٌ من الخوفِ والإرهاب، ليس مصر فقط، بل المنطقة بأكملها بإذن الله".
واختتم السيسى خطابه بالحديث عن الأمل، فقال الأملُ هو نتاجُ العملِ الجادِ. الأملُ هو الأمانُ والاستقرارُ، الأملُ هو الحلمُ بأن نقودَ مصرَ لتكونَ في مقدمةِ الدولِ، وتعودَ لعهدِها قويةً وقادرةً ومؤثرةً، تُعَلّمَ العالمَ كما عَلّمَتهُ من قبلْ".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة