تتأثر شخصية الأبناء والأطفال بانفصال الوالدين، والتى قد تتسبب فى تغيير سلوكهم وتصرفاتهم، وطرق التعبير عن آرائهم لتحقيق رغباتهم.
قصص حالات عقوق الأبناء لآبائهم وأمهاتهم المنفصلين تكشفها وقائع دعاوى قضائية أمام محاكم الأسرة، بلجوء الأبناء لاتخاذ طرق الابتزاز للعيش مع طرف وترك الآخر لتحقيق رغباته والعيش بحرية دون تدخل أو توجيه للسلوك، أو لإجبار الآباء أو الأمهات على اتخاذ قرارات تتعلق بحياتهم الشخصية .
الحالة الأولى تكشفها الأم "هالة .ع"، أثناء وقوفها أمام محكمة الأسرة بزنانيرى فى طلبها لضم حضانة طفلتها بعد هروبها من المنزل واللجوء لجدتها لأبيها بعد 14 سنة من تربيتها، ورفض الزواج مرة أخرى لتقول: عشت فى جحيم الحياة الزوجية 7 سنوات خرجت بعاهة مستديمة وسلبت كل ممتلكاتى وتحصلت بحكم حبس ضد زوجى 3 سنوات، ولكنه استطاع بالتحايل والشهود الزور الهروب من القضية وبدء حياته والزواج من أخرى، وتركنى معلقة حتى حصلت على حكم الطلاق، ومن وقتها وامتنع عن السؤال عن طفلته أو دفع نفقاتها ليعلن صراحة بتفضيله للحبس على أن يلبى احتياجاتها، واستمررت فى تربية ابنتى ورفضت الزواج مرة أخرى من أجلها.
وتابعت الأم: وبعدما اعترضت على صداقتها من شاب يكبرها فى السن وسيئ الخلق ويتعاطى المواد المخدرة، تركتنى وهربت لتعيش مع والدها وزوجته الثانية وجدتها، لإجبارى على عدم التدخل فى شئونها والعيش بحرية.
الحالة الثانية للأب "أ.م.ن" دكتور جامعى فى إحدى الجامعات الخاصة، والذى تعرض للضرب على يد ابنه البالغ من العمر 15 عاما، وقال الدكتور الجامعى أثناء وقوفه أمام محكمة الأسرة بمصر الجديدة فى قضية نفقه: ابنى يكرهنى، فدائماً يتجاهلنى، ولا يتحدث معى، وكأنه يريد التخلص منى، دائما ما أجد منه الرفض والإنكار.
وتابع: فى أوقات الأعياد والمناسبات تكثر طالبته بزيادة المبالغ المالية وعندما أعترض على إلحاحه يواجهنى بالعنف والقوة ويخاصمنى طوال شهور، وعند الاتصال بوالدته لمعاقبته ترفض معاقبته لإجبارى على عدم التدخل فى تربيته أو تقويم تصرفاته .
الحالة الثالثة ترويها "سامية ن" التى عبرت عن أسفها لطلاق زوجها لها بعد ولادة ابنتها مباشرة، وقالت أمام محكمة الأسرة بأكتوبر فى طلبها لرؤية ابنتها: بعد ولادة ابنتى طلقنى زوجى وتحجج بأنه ما زال صغيرا على تحمل المسئولية ويرغب للسفر للخارج لتكمله الدرجات العلمية التى يحتاجها بعمله، ولم يشاهد ابنته، بل ولم يسجلها فى الأحوال المدنية.
وأضافت سامية: بعد 16 سنة عمل للإنفاق عليها وتوفير احتياجاتها أفضل تعليم وملبس ومسكن، وفضلت تركى واللجوء للعيش مع والدها، لمجرد اختلافى معها بسبب إدمانها على قضاء معظم وقتها بمواقع التواصل الاجتماعى وتدخين السجائر .
وتابعت الأم: ومنذ ذلك الوقت أصبحت تسبنى لتنال رضا والداها، غير مكترثة لما أمرّ به من حالة نفسية سيئة.
وفى مشهد آخر تجد أم تعاتب ابنتها أمام محكمة الأسرة بزنانيرى لتقول: عندما أنجبتها حرمت نفسى من كل شىء حتى أوفّر لها حياة كريمة مثل صديقاتها، ولأحسن تربيتها.. بتلك الكلمات شكت الأم سماح.ن رفض ابنتها رؤيتها بعد زواجها وذهابها لحضانة جدتها لأبيها.
وتابعت الأم: بعد 12 عاماً من التربية بمفردى والعمل فى أكثر من وظيفة فى ظل امتناع زوجى الإنفاق عليها بعد زواجه من أخرى لأحصل على الطلاق، من أجل حمايتها من العنف والضرب والإساءة التى كانت تراها على يد زوجته الجديدة، وفى النهاية عاقبتنى بسبب رغبتى فى الزواج مرة أخرى وذهبت للعيش مع والدها وزوجته الثانية لإجبارى على التراجع عن التفكير فى الزواج .
خبير أسرى: العنف الأسرى وانتزاع كل من الأبوين حق الحب بشكل مطلق له دون الآخر يسبب مشاعر سلبية للأطفال بشكل لا واعى
قال الخبير الأسرى أحمد خضر إن هذا الجيل محمّل بأعباء كبيرة فهو مظلوم لأنه عاش مرحلة الاضطرابات الاجتماعية واختلال المفاهيم، وغياب القدوة الحسنة لتمحو شخصية الكثير من الأبناء، ومن باب القدوة دخلت إلينا مساوئ التربية التى أدت أحيانا إلى محو الأهل شخصيات أبنائهم وأن يكونوا نسخة منهم .
وتابع خضر: وتكمن خطورة ما يتعرضون له الأبناء حالياً بسبب دخولهم للعالم الافتراضى المسمى فيس بوك، والانعزال عن الأهل بسبب الخلافات الأسرية ومحاولة فرض اختيارات والاختبارات عليهم، بالإضافة إلى التقاليد والترهيب من الخروج على سلطتهم والتمرد على تلك الحياة، الأمر الذى أصبح يشكل عبئا نفسى على الأبناء.
وأكمل خضر: العنف الأسرى وانتزاع كل من الأبوين حق الحب بشكل مطلق له دون الآخر يسبب مشاعر سلبية للأطفال بشكل لا واعى، وبالتالى يدخلون الأبناء فى صراع ما بين تلبية رغبات أهلهم وطاعتهم وبرهم، وبين تلبية حاجاتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة