مسألة القرار بـ"لا وجه لإقامة الدعوى" من المسائل الشائكة التي أثيرت خلال الأيام الماضية عقب صدور قرار جهات التحقيق بـ"لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية" بشأن عدد من القضايا التي شغلت الرأي العام وكانت محطة انتظار الجميع.
فقد أمرت النيابة العامة منذ عدة أيام بـ"ألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية" فى القضية رقم 7583 لسنة 2019 إداري الوراق، لعدم الجريمة؛ وذلك في واقعة وفاة الطالبة شهد أحمد كمال؛ بعد ثبوت انتفاء الشبهة الجنائية فى وفاتها.
كما أصدرت ذات القرار "ألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية" فى قضية أميرة أحمد مرزوق، المعروفة بـ"فتاة العياط"، لعدم الجناية، لوجودها في حالة دفاع شرعي عن عرضها – كما ورد في بيان النيابة – وذلك عقب مرور 120 يوماَ على ارتكاب واقعة القتل في غضون 13 يوليو، وإجراء تحقيقات موسعة حول الحادث وتوجيه تهمة القتل العمد للفتاة.
تعريف "ألا وجه لإقامة الدعوى" والإفادة من التسبيب
ولا شك فإن القرار بـ"ألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية" هو أمر قضائي تصدره سلطة التحقيق لتقرر عدم وجود مقتضى لإقامة الدعوى الجنائية لسبب من الأسباب التي بينها القانون ولابد أن يكون مسبب حيث نصت المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية: "إذا رأت النيابة العامة بعد التحقيق بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية أن تصدر أمراً بذلك ويجب أن يشتمل الأمر على الأسباب التي بنى عليها"، ويعتبر تسبيب الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى بمثابة ضمانة لحسن سير العدالة وهو وسيلة لتريث المحقق في تمحيص وقائع الدعوى وتطبيق صحيح القانون.
وفى هذا الشأن – تصدت محكمة النقض المصرية في حكم حديث لها بشأن ذلك المبدأ القضائي "ألا وجه لإقامة الدعوى" حيث أرست المحكمة مبدأ قانونياَ جديداَ خلال نظرها أحد الطعون بشأن حرمان المتهمين الجدد من التمسك بقرار ألا وجه لإقامة الدعوي، قالت فيه: "إن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فيها لعدم معرفة الفاعل استنادًا لعدم اتهامهم فى بادئ الأمر غير صحيح"، بمعنى أدق أنه يجوز إبداء ذلك الدفع إلا أنه لا ينطبق في حقهم لعدم شموله لهم عند صدوره بمعنى أنه خاص بمن صدر وهو متهم في القضية ليس بمن استجد من متهمين".
صدر الحكم فى الطعن المُقيد برقم 4551 لسنة 80 جلسة 26 يوليو 2018، من دائرة الثلاثاء "د" برئاسة المستشار عادل الكنانى، وعضوية المستشارين يحيى عبد العزيز ماضى، وعصمت عبد المعوض عدلى، وإيهاب سعيد البنا، ومحمد خليفة، وبحضور رئيس النيابة لدى محكمة النقض محمد طه قاسم، وأمانة سر عماد عبد اللطيف.
الاستفادة تقتصر على من صدر بشأنه القرار
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أنه لما كان البيِّن مما أورده الطاعنون بأسباب الطعن أن النيابة العامة كانت قد قيدت الدعوى ضد مجهول وأصدرت فيها أمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم معرفة الفاعل، فأمر النائب العام بإعادة تحقيقها، وبوشر التحقيق ورفعت الدعوى بعدئذ على المتهمين - ومنهم الطاعنين - ففى ذلك ما يدل على أنهم لم يكونوا فى مبدأ الأمر متهمين.
وبحسب "المحكمة" - ومن ثم فلا يحق لهم التمسك بأمر بألَّا وجه لم يصدر فى شأنهم، وإذ انتهى الحكم إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فيها لعدم معرفة الفاعل - أياً كان وجهه فيما أورده من أسباب - فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويكون منعي الطاعنين فى هذا الشأن غير سديد.
القرار يجب أن يكون صريحًا
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامي بالنقض عماد الوزير – أنه يدخل ضمن هذه المسائل الشائكة المتعلقة بقرار "ألا وجه لإقامة الدعوى" أن الأصل فيه أن يكون صريحاً مدوناً بالكتابة، وأن استبعاد النيابة العامة لمتهمين دون غيرهم من ارتكاب الواقعة، لا يعد حفظاً للدعوى، كما أن الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لأحد المتهمين دون الباقين، لا يجوز الاستناد عليه إلا لمن صدر في حقه، وذلك كما ورد في الطعن المُقيد برقم 21976 لسنة 87 قضائية.
ويضيف "الوزير" فى تصريح لـ"اليوم السابع" - أنه من المقرر أن الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية – كسائر الأوامر القضائية والأحكام – لا يؤخذ فيه بالاستنتاج أو الظن بل يجب – بحسب الأصل – أن يكون مدوناً بالكتابة وصريحاً بذات ألفاظه في أن من أصدره لم يجد من أوراق الدعوى وجهاً للسير فيها – على سبيل المثال لا الحصر - إذا كانت النيابة العامة لم تصدر أمراً كتابياً صريحاً بحفظ الدعوى الجنائية بالنسبة إلى أحد المتهمين بل كان ما صدر عنها هو استبعاد متهمين آخرين من ارتكاب الواقعة، فإن ذلك لا يفيد على وجه القطع واللزوم حفظ الدعوى بالنسبة لهم بالمعنى المفهوم في القانون، كما أنه من المقرر أن الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية المبني على أسباب خاصة بأحد المتهمين دون الآخرين فإنه لا يحوز حجية إلا في حق صدر لصالحه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة