ظهرت مؤخرا مشكلة الإعلانات السياسية كمشكلة كبيرة للعديد من شركات التكنولوجيا، خاصة فى ظل الانتخابات المختلفة بدول العالم، مع وجود العديد من الاتهامات لهذه المنصات بأنها أداة سهلة لترويج الشائعات والأكاذيب لصالح الناخبين، وهو ما يؤدى فى النهاية لخداع وتضليل الناخبين.
ما هى الإعلانات السياسية؟
تعد الإعلانات السياسية حملات إعلانية تم شراؤها من قبل المُعلنين السياسيين للوصول إلى مجموعة أكبر من الجمهور أو الانخراط مع المتابعين الحاليين، وقد تتضمن هذه الإعلانات المنشورات المروجة أو الحسابات المروجة أو الموضوعات المروجة، وهي الموضوعات التى يتم نشرها لعدد أكبر من المستخدمين مقابل مبلغ من المال تدفعه الشركات أو الجهات التى تقف خلفها.
كيف تعاملت شركات التكنولوجيا مع الإعلانات السياسية؟
- جوجل تحظر الإعلانات السياسية
قررت جوجل تقييد خيارات الاستهداف للإعلانات الانتخابية على العمر والجنس والموقع، فلن يُسمح للمُعلنين الأمريكيين بالاستهداف استنادًا إلى الميول السياسية أو سجلات التصويت العامة على سبيل المثال، فيما ستدخل الاستراتيجية الجديدة حيز التنفيذ فى المملكة المتحدة الأسبوع المقبل قبل الانتخابات العامة فى البلاد، بينما سيتم تطبيقها فى الاتحاد الأوروبى بحلول نهاية عام 2019، وجميع البلدان الأخرى بحلول 6 يناير 2020.
ووفقا لموقع Engdaget الأمريكى فقالت جوجل إن هذه الممارسات تتفق مع ما تراه بالفعل فى الإعلانات التليفزيونية والإذاعية والمطبوعة التقليدية، وتتخذ شركة البحث موقفًا أكثر تشددًا فى الحقيقة تجاه الإعلانات السياسية أكثر من فيس بوك، إذ تقوم بفلترة سياساتها الإعلانية لمنع فيديوهات "الديب فيك" أو مطالبات التعداد المضللة أو أى إعلانات وروابط أخرى يمكن أن تقوض بشكل كبير المشاركة أو الثقة فى الانتخابات والديمقراطية.
كما أوقفت جوجل الإعلانات السياسية فى سنغافورة أعقاب إصدار قانون الأخبار المزيفة المثير للجدل مؤخرًا، وفقًا للوثائق التى تم كشفها حديثًا، وتأتى هذه الخطوة قبل أشهر فقط من الانتخابات المتوقعة على نطاق واسع فى البلاد، كما تنطبق السياسة الجديدة على كل الإعلانات أو المحتوى المدفوع الذى يمكن اعتباره موجها نحو غاية سياسية.
وقد تم توضيح الحظر فى مراسلات البريد الإلكترونى بين الحزب الديمقراطى السنغافورى ومسئول كبير فى السياسة العامة فى جوجل، كما تمت مشاركة المحادثة مع وسائل الإعلام من قبل حزب سياسى غاضب من قرار جوجل، ويزعم أنه سيقلل من وصوله بين الناخبين، وقال متحدث باسم جوجل لرويترز إن رسائل البريد الإلكترونى المتبادلة حقيقية، لكن امتنع عن التعليق.
تويتر ضمن الرافضين:
كشف جاك دورسى، المؤسس والمدير التنفيذى لشبكة التواصل الاجتماعى تويتر، فى تغريدة سابقة على حسابه الشخصى، عن قرار حظر جميع الإعلانات السياسية على تويتر، اعتبارًا من اليوم 22 نوفمبر الماضى.
وبحسب تغريدة "دورسى" فإن الشركة قررت حظر مختلف أشكال الإعلانات ذات الطابع السياسى، وهذا القرار سينطبق على جميع دول العالم وليس على الولايات المتحدة فقط، لاقتناع الشركة بأن الرسالة السياسة يجب أن يحصل عليها السياسيون دون الحاجة لترويج ذلك، لكن فى نفس الوقت فإن هذا القرار سيستثنى بعض الحالات القليلة جدًا مثل الإعلان حول التسجيل للانتخابات وموعد قدومها بشكل رسمي.
وقال "دورسي" فى تغريدته: "اتخذنا قرارًا بوقف كل الإعلانات السياسية على تويتر على الصعيد العالمى، ونعتقد أن الوصول للرسالة السياسية يجب أن يكون بالجهد لا بالشراء"، فيما استأنف "دورسى" فى تغريدات لاحقة قائلاً إن الرسالة السياسية يمكن أن تصل باستحقاق للجميع حال قرر الناس متابعة شخص ما أو إعادة تغريد بعض التغريدات، لكن عند استخدام الإعلانات لترويج رسالة سياسية وإجبار المستخدمين على رؤيتها بسبب استهدافهم بطريقة مباشرة من المفترض أن يتوقف، لأن قرار إيصال الرسالة السياسة يجب ألا يكون متصلًا بالمال.
سناب شات
قررت شبكة سناب شات الاجتماعية التدقيق فى الإعلانات السياسية المنشورة للتأكد من عدم انطوائها على كذب أو تضليل، فيما قال إيفان شبيجل رئيس سناب شات ومديرها العام، فى مقال نشرته "سى إن بى سي": "ندقق بكل الإعلانات بما فيها السياسية، فما نحاول فعله هو إيجاد موقع للإعلانات السياسية على منصتنا، خصوصاً لكوننا نطال عدداً كبيراً من الشباب والأشخاص الذين باتوا مخولين بالاقتراع حديثاً، نريد أن يتمكنوا من الانخراط فى النقاش السياسى، لكننا لن نسمح بأمور مثل التضليل فى هذه الإعلانات".
وتحظر سناب شات الإعلانات السياسية المضللة أو الكاذبة، كما لديها فريق مكلف التدقيق فى الرسائل المدفوعة للتأكد من أنها لا تخترق قوانين الشبكة الاجتماعية.
تيك توك تمنع الإعلانات السياسية على منصتها
كذلك فقد قررت منصة الفيديو "تيك توك" عدم السماح بأي نوع من الإعلانات السياسية على منصتها، حيث تتضمن قائمة المواد غير المسموح بها للشركة "الإعلانات المدفوعة التي تروج أو تعارض مرشحًا أو زعيمًا حاليًا أو حزبًا سياسيًا أو جماعة، بما في ذلك الإعلانات المتعلقة بالانتخابات".
ويتعرض تطبيق تيك توك للنقد بالفعل بسبب تقدمه في السياسة الخارجية الصينية من خلال فرض الرقابة على موضوعات مختلف، بالإضافة إلى حظر الإعلانات السياسية، لذلك أعلنت الشركة اليوم إنها لن تسمح بالإعلانات السياسية على تطبيقها، مشيرة إلى أنها لا تتناسب مع التجربة التي يهدف إليها التطبيق.
ويقول Blake Chandlee: "أي إعلانات مدفوعة الأجر تدخل في المجتمع يجب أن تتوافق مع معايير نظامنا الأساسي، وطبيعة الإعلانات السياسية المدفوعة ليست شيئًا نعتقد أنه يناسب تجربة منصة تيك توك".
كما قدم تيك توك مجموعة من الفرص الإعلانية بما في ذلك إعلانات على الشاشة وإعلانات أصلية أخرى مثل تحديات الهاشتاج التي ترعاها، كما أنها أطلقت مؤخرًا إصدارًا تجريبيًا من TikTok Creator Marketplace، مما سيساعد على ربط العلامات التجارية بمنشئي تيك توك لحملاتهم التسويقية.
فيس بوك يرفض حظر الإعلانات السياسية
وعلى الجانب الآخر نجد فيس بوك كما هو رافضًا تقديم أى حل للمساعدة فى تجنب خداع الناخبين أو انتشار المحتويات المضللة على منصته، مكتفيًا فقط بالدفاع عن نفسه طوال الوقت من الانتقادات الموجهة إليه دون أن يتخذ تدابير لذلك، بل وصل به الأمر إلى أن استثنى السياسيين من تدقيق الحقائق على المحتويات التى ينشرونها.
يتيح للسياسيين عرض إعلانات كاذبة
أكد تقرير سابق لـ CNN Business أن الشبكة الاجتماعية لن تحقق من صحة إعلانات المرشحين البريطانيين فى الأسابيع التى تسبق انتخابات المملكة المتحدة فى 12 ديسمبر، وبحسب التقرير فإن فيس بوك لن يتحقق من الإعلانات التى ينشرها السياسيين وهل تضم محتويات مؤيدة للعنف أم لا، حيث سيتعين على الناخبين التحقق من مصداقيتها بمفردهم، ولعل هذا الإحجام عن التحقق من الإعلانات يؤدى إلى مخاوف، خاصة لأولئك الذين يحققون معه فيس بوك.
من جهته قال رئيس الجلسة البرلمانية التى تدرس ممارسات فيس بوك، النائب داميان كولينز، لشبكة سى إن إن إنه لا ينبغى السماح للناس بنشر دعاوى كاذبة لمجرد أنهم يدفعون مقابل ذلك، كما شعر بخيبة أمل من السياسى السابق فى المملكة المتحدة نيك كليج، بحجة أنه لم يحدث فرقًا إيجابيًا بصفته نائب الرئيس للشؤون العالمية فى فيس بوك.
لكن ليس من المؤكد أن سياسة فيس بوك ستخلق مشاكل، خاصة عندما تجرى الانتخابات فى غضون مهلة قصيرة، إذا كان هناك دليل على أن الإعلانات الكاذبة للسياسيين لعبت دورًا، فقد يزيد الضغط على فيس بوك لتغيير سياساتها قبل انتخابات 2020 الأمريكية.
وزوكربيرج يؤيد عدم حظرها
فيما كشف مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذى لشركة فيس بوك، أنه لا يتفق مع النقاد الذين يزعمون أن الشركة لن تحظر الإعلانات السياسية المثيرة للجدل والتى تسمح للسياسيين بنشر المعلومات الخاطئة على الموقع، لأن "كل ما يهمه هو المال"، وقال زوكربيرج إن الإعلانات من السياسيين ستكون أقل من 0.5 فى المائة من إيرادات فيس بوك هذا العام، مشيرًا إلى أن غرامة الـ FTC البالغة 5 مليارات دولار كانت أكثر تكلفة على الشركة بعشرة أضعاف.
وأضاف أنه على الرغم من أنه قد يكون من الأسهل على فيس بوك اختيار مسارا مختلفا إلا أنه من المهم أن يدافع عن حرية التعبير وحرية الرأى، وقال: "نحن بحاجة إلى توخى الحذر بشأن اعتماد المزيد من القواعد التى يمكن أن تقيد ما يمكن أن يقوله الناس"، وأضاف: "لا أعتقد أنه من الصحيح للسياسيين أن يخضعوا للرقابة".
بينما موظفو فيس بوك غاضبون من سياسة الشركة
شن موظفو فيس بوك هجوما على الرئيس التنفيذى للشركة مارك زوكربيرج بسبب سياسة الموقع الإعلانية المثيرة للجدل التى يقولون إنها تحمى التضليل السياسى، وفى خطاب مكتوب وموقع من قبل مئات الموظفين فى الشركة، انتقدوا فيس بوك وزوكربيرج لرفض الشركة تصحيح المعلومات المضللة التى تظهر فى الإعلانات السياسية المدفوعة.
وقالوا بخطابهم: "التضليل يؤثر علينا جميعا، وسياساتنا الحالية بشأن التأكد من الحقائق لمن يشغلون مناصب سياسية، وأولئك الذين يرشحون للمناصب، تشكل تهديدًا لما يمثله، ونحن نعارض بشدة هذه السياسة كما هى، فهى لا تحمى الأصوات، وتسمح للسياسيين بدلاً من ذلك بتسليح موقعنا من خلال استهداف أشخاص يعتقدون أن المحتوى الذى تنشره الشخصيات السياسية جدير بالثقة".
وأضاف الموظفون: "هذه السياسة لا تتناقض مع موقفنا من حرية التعبير فحسب، بل إنها قد تعرض أيضًا الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى عام للخطر 2020، ومن أجل تأمين انتخابات 2020، اتخذت هذه الفرق خيارات صعبة بشأن ما يجب دعمه وما لا يجب دعمه، وهذه السياسة ستؤدى إلى تراجع الكثير من هذا العمل من خلال تقويض الثقة فى المنصة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة