أكد الدكتور أحمد ممدوح – مدير إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء- أن علماء المسلمين أجمعوا على أن تجسيد الأنبياء فى الأعمال الدرامية أمر ممنوع شرعًا، وهو ما ذهبت إليه لجنة الفتوى بالأزهر الشريف فى الخمسينيات والأزهر الشريف فى عهد الشيخ عبد الحليم محمود ومجمع الفقه الإسلامى بمكة المكرمة ومجمع الفقه الإسلامى بجدة ومجمع البحوث الإسلامية ودار الإفتاء المصرية وغيرها من الهيئات العلمية.
جاء ذلك فى كلمته التى ألقاها فى الندوة التى نظمها مجمع اللغة العربية بالقاهرة بعنوان: "التناول الدرامى للأنبياء والصحابة بين الإجازة والمنع"، حيث أوضح مدير إدارة الأبحاث الشرعية أن عدم الجواز الذى أجمع عليه العلماء استدلوا عليه بعدة أمور، منها: أن الأنبياء لهم جانبان؛ جانب بشرى من حيث إنهم ينامون ويأكلون ويمرضون ويتزوجون ونحو ذلك، وهذ يمكن محاكاته، وجانب الوحى وهذا لا يمكن محاكاته، ومنها أن الأنبياء كاملون والناقص لا يمكنه محاكاة الكامل.
وأضاف أن عملية تمثيل الأنبياء هذه لا تخلو من تدخل رؤية الفنيين فى العمل الدرامى وفى هذا نقل غير حقيقى يوقع صاحبه فى خطر الكذب على الأنبياء، والنبى صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أن كذبًا على ليس ككذب على أحدكم، من كذب على متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار.
كما أشار إلى أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كل قوله وفعل وسكوته يعتبر تشريعًا، والرؤية الفنية لتنفيذ العمل لا يمكن أن تخلو من زيادات غير واقعية توقع صاحبها فى أن ينسب للشرع ما ليس منه، هذا فضلًا عما فى تمثيل الأنبياء من اختزال لصورة النبى من الأنبياء فى صورة الممثل المعين الذى يقوم بدوره فترتبط صورته بهذا النبى فى ذهن المشاهد، مع لزوم أن يكون هناك صيانة للمقدس من الابتذال.
وقال الدكتور ممدوح، إن عملية تمثيل الأنبياء تشتمل على مفاسد كثيرة، والقاعدة أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة".
أما عن تمثيل الصحابة فلفت الدكتور أحمد ممدوح إلى أنه وقع فيه خلاف بين العلماء بين موسع ومضيق، والذى عليه الفتوى هو استثناء العشرة المبشرين بالجنة وأمهات المؤمنين وآل البيت الكرام من جواز تمثيلهم.
وأضاف أن مجرد التمثيل فن عرفته البشرية منذ القدم فمارسه اليونان منذ القرن السادس ق. م. وعرفه العرب بعد ذلك عن طريق ما عرف بخيال الظل وألف فيه ابن دانيال وأحمد باشا تيمور، فهو كمجرد حكاية الأقوال والأفعال جائز ولا يمنع إلا إذا كان مضمونه ممنوعًا أو اقترن به شيء محرم كاختلاط جسدى أو فحش أو تفويت واجب.
وأوضح أنه يمكن أن يلتمس أصل شرعى لمشروعية حكاية الأقوال والأفعال من تلبس جبريل عليه السلام بصورة دحية الكلبى ومن الحديث الذى حكى فيه النبى صلى الله عليه وآله وسلم قصة الرضيع الذى تكلم فى المهد على سبيل خرق العادة وهو أحد الثلاثة الذين تكلموا فى المهد وورد فى قصته أن أمه رأت رجلًا ذا أبهة يمر بها على حصانه فدعت أن يجعل الله ابنها مثله ففارق الرضيع ثدى أمه والتفت إلى الرجل ثم قال اللهم لا تجعلنى مثله ثم عاد والتقم الثدي. يقول أبو هريرة راوى الحديث إنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم يحكى فعل الصبى ويمص سبابته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة