رئيس جامعة الأزهر: الفساد الإدارى من أشد أنواع الفساد المنهى عنه

الأحد، 22 ديسمبر 2019 09:58 م
رئيس جامعة الأزهر:  الفساد الإدارى من أشد أنواع الفساد المنهى عنه الدكتور محمد حسين المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ألقى  الدكتور محمد حسين المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، اليوم، محاضرة، عن "الفساد الإداري.. صوره وأسبابه وطرق علاجه" .
 
بدأ رئيس الجامعة محاضرته بالتأكيد على أن الله تعالى خلقنا وأمرنا بالإصلاح في الأرض فقال تعالى: "وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ"، وأشار إلى أنه عز وجل قضى بعدم صلاح أعمال المفسدين، وبيَّن بغضه للفساد وأهله، فقال: "وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"، وقال أيضا: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم، جاء بدعوة الإصلاح فأعلن الحرب على الفساد الإداري والمالي؛ ففي الحديث: "لعن رسول الله الراشي والمرتشي"، وغير ذلك من الآيات والأحاديث التي توضح كيف حارب الإسلام الفساد والمفسدين.
 
وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن الفساد الإداري من أشد أنواع الفساد المنهي عنه، مشيرا إلى انتشاره للأسف خاصة في الوظائف، سواء كانت وظائف حكومية أم وظائف في مؤسسات خاصة؛ لافتا إلى أنه يعني بالفساد الإداري أي استغلال للسلطة العامة لتحقيق مصالح شخصية دون وجه حق، ومن أسبابه السلبية وانهيار القيم الأخلاقية، والافتقار إلى العدالة، واستخدام الوظيفة لتحقيق المصالح الشخصية، كذلك الروتين، وسوء التخطيط.
 
وأوضح أن من صور الفساد الإداري، الوساطة والمحسوبية، والرشوة، من باب المقولة التي يتم تفسيرها بالهوى: "النبي قبل الهدية"، لكن الهدية المصحوبة بمنفعة شخصية لا تسمى هدية وإنما رشوة، كذلك اعتبار القرابة العائلية، أو السياسية، أو المذهبية في تحقيق مصلحة ما؛ كإسناد الوظائف أو الترقيات أو غيرها، لافتا إلى أن ديننا الحنيف أوجب نفعَ الناس، والسعي في حاجة الآخرين وقضائها، بل جعل نفعهم من أحب الأعمال إلى الله تعالى، فقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم: أيُّ الناس أحبُّ إلى الله يا رسول الله؟ فقال: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس...".
 
مؤكدا أن المحسوبية و"الوساطة" محرمة في الإسلام، فالبشر كلهم سواءٌ في عرف الإسلام أصلهم واحد، خُلقوا جميعًا من أصل واحد، ولا تفاضل بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح؛ فليتق الطبيب الله في مرضاه، وليتق المحامي الله في من يقصده لرد حق أو دفع مظلمة، وليتق الموظف الله في قضاء حاجة الناس، مشددا على أن الواسطة والمحسوبية من أشر الأبواب التي تؤثر بالسلب على المجتمع والفرد.
 
وأوضح أن من الأسباب أيضا ضعف وازع التقوى، لأن التقوى في حقيقتها أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، وهذه الوقاية هي امتثال أوامره عز وجل في كتابه أو على لسان رسوله، واجتناب نواهيه، وأيضا ضعف الأمانة، فضعف الأمانة عند الشخص يجعله يستهين بهذا الأمر ويقع فيه، ورغبة الشخص في الحصول على الثراء ولو بطريق غير مشروع.
 
لافتا إلى أن من صور الفساد أيضا استخدام الأجهزة والمعامل في مصالح شخصية، تكهين الأجهزة والأثاث وهي ما زالت صالحة، كذلك الطبيب الذي يبيع مرضاه لشركات الأدوية ومعامل الأشعة والتحاليل، حين يطلب عملها دون حاجة لها لكي ينتفع بنسبته من تلك المستشفيات والمعامل وشركات الأدوية، والتواطؤ بين المحامي والخصم، وغير ذلك من الصور الكثير التي لا يمكن حصرها.
 
كما أن ضعف الإدارة والرقابة والمتابعة، من الأسباب القوية لانتشار الفساد الإداري، فقد يسهل لبعض الناس اختراق القوانين وتجاوزها؛ لهذا فينبغي وضع قوانين قوية وصريحة للثواب والعقاب، ومراقبة تطبيق هذه القوانين ومتابعتها بشكل دقيق وحازم دون تفريق بين مواطن وموظف ومسؤول، فالعدل هو الأساس، فلا محاباة عند القانون.
 
موضحا أن الفساد الإداري يؤثر على المصالح كلها، ويسبب ضعف في موارد الدولة، وتُصاب العقول بالفساد والعطب، وتجمد مواهب المفكرين والمبدعين، وتضيع جهود العاملين المخلصين، وتذهب بأيُّ خير يرجى، متسائلا: فكيف ننتظر خيرا من مجتمع مِقياس الكفاءة فيه لمن يتزلف لرؤسائه بالهدايا؟! وأيُّ إنتاج وإنجازات ترجى ممن لا تسير عنده المصالح والأعمال إلا بعد تقديم الهدايا والرشى؟!، مستشهدا بحديث يروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على صدقات بنى سليم يدعى ابن اللُّتْبِيَّة, فلما جاء حاسبه, قال: هذا مالكم, وهذا هدية, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلَّا جلستَ في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كُنْتَ صادقا؟!.
 
ثم أوضح في نهاية محاضرته أن علاج هذه الظاهرة يبدأ من الذات، فالضمير هو السلطة الرقابية العظمى، وأن يدرك كل فرد عظم المسؤولية والأمانة ويتحرى الحلال، كذلك إصلاح الإدارات ومراقبتها، ويساعد في وأد هذا المرض أيضا عقد الدورات التدريبية للإدارة والمناصب العليا، والعدل في المكافآت والمستحقات؛ وإنصاف الموظفين وتقديم الأكفاء والجادين على من دونهم، ووضع الخطط المناسبة والمدروسة للمراقبة والمتابعة الجادة من الجهات المعنية والرقابية على وجه الخصوص.
 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة