يبدوا أن الأزمات الاقتصادية العالمية باتت تلقي بظلالها على عمالقة صناعة السيارات حول العالم، حيث بدأت العديد من الشركات الكبرى فى الدخول بصفقات اندماج تحسباً لما هو قادم من أزمات وتجنب ما هو محتمل من خسائر، حيث أعلنت شركتى فيات كرايسلر، وشركة بى إس إية المالكة لبيجو اندماجهما فى صفقة تقدر بـ50 مليار دولار، لتمهد الصفقة لتأسيس رابع أكبر شركة لصناعة السيارات فى العالم.
وأعلنت الشركتان متوسطتا الحجم، اللتان لم تقررا بعد اسم شركتهما الجديدة، قبل ستة أسابيع عن خطط للارتباط ستعيد رسم القطاع العالمى، فى وقت يواجه فيه مصنعو السيارات تراجعا عالميا فى الطلب.
ويواجه مصنعو السيارات أيضا تكاليف مرتفعة لتطوير طرز أقل تلويثا للبيئة مع وضع أهداف أكثر صرامة للانبعاثات.
وقالت شركتا السيارات فى بيان إن من المتوقع إتمام الدمج بين بى.إس.إيه وفيات كرايسلر خلال 12 إلى 15 شهرا المقبلين. ويهدف الدمج إلى تحقيق وفورات سنوية فى التكاليف قدرها 3.7 مليار يورو (أربعة مليارات دولار) من خلال الدمج بين التقنيات وعبر اتفاقات شراء مشتركة.
وقبل اكتمال دمج فيات وبيجو مناصفة، ستخفض دونجفنج موتور جروب الصينية حصتها التى تبلغ 12.2% فى شركة السيارات الفرنسية عبر بيع 30.7 مليون سهم لبى.إس.إيه.
وكانت قيمة هذه الحصة 679 مليون يورو (748.4 مليون دولار) عند أحدث سعر إغلاق، وستملك دونغفنغ حصة 4.5% فى المجموعة المدمجة. وأكدت بى.إس.إيه وفيات كرايسلر أن مجلس إدارة الشركة الجديدة سيضم 11 عضوا تُرشح كل شركة خمسة منهم.
وسيتولى كارلوس تافاريس رئيس بى.إس.إيه، الذى سيصبح الرئيس التنفيذى للكيان المدمج لمدة خمس سنوات، المقعد الإضافى بالمجلس.
اندماج فيات وبيجو يأتى فى وقت تعانى فيه مبيعات السيارات من تراجع حاد على مستوى العالم، حيث أثرت الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، وملف الخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى على المبيعات بشكل واضح.
وقبل أسابيع ، قال برايان كولتون كبير الاقتصاديين فى وكالة التصنيفfitch إن التراجع فى سوق السيارات العالمية منذ منتصف عام 2018 كان سببا رئيسيا وراء الركود فى الصناعة العالمية مشيرا إلى أن صورة مبيعات السيارات تتحول إلى أسوأ بكثير من ما كان متوقعا.
ووفقا لشركة fitch فمع انتهاء العام تراجعت مبيعات السيارات العالمية بمقدار 3.1 مليون سيارة أى حوالى 4% وهو اكبر انخفاض منذ عام 2008 عندما ضربت الأزمة المالية، وتتوقع الشركة أن يبلغ إجمالى مبيعات السيارات فى جميع أنحاء العالم 77.5 مليون فى عام 2019.
وبحسب تقرير نشرته "سى أن إن" يعتبر المحرك الرئيسى لتدهور صناعة السيارات عالميا هو انخفاض الطلب من الصين (التى تعد أكبر سوق للسيارات فى العالم) حيث تراجعت المبيعات بنسبة 11% هذا العام حتى الآن بالإضافة لقرار بكين بتخفيض دعم السيارات الكهربائية فى وقت سابق مما إثر على السوق.
ولا تقتصر المخاوف على فيات وبيجيو، حيث تخشى ، شركة رينو الفرنسية على سبيل المثال من مستقبل محفوف بالمخاطر فى سوق السيارات عالمياً.
وفى وقت سابق، حذرت رينو من احتمال انخفاض الإيرادات هذا العام، متخلية عن هدف سابق، بعد أن تضررت أرباح النصف الأول من العام بفعل ضعف الطلب على السيارات وانهيار أرباح نيسان شريكتها فى تحالف فى أعقاب فضيحة كارلوس غصن.
وقالت شركة صناعة السيارات الفرنسية، إن صافى الربح هبط بأكثر من النصف إلى 970 مليون يورو (1.08 مليار دولار) فى الفترة من يناير إلى يونيو مع تراجع الإيرادات 6.4% إلى 28.05 مليار يورو، كما انخفضت أرباح التشغيل 13.6% إلى 1.65 مليار يورو.
وقالت رينو "بالنظر إلى تراجع الطلب، تتوقع المجموعة حاليا أن تكون إيرادات عام 2019 قريبة مما تحقق العام الماضي" متخلية بذلك عن تعهد قدمته فى وقت سابق بزيادة الإيرادات قبل تأثيرات العملة.
وتسبب تراجع واسع النطاق فى مبيعات السيارات فى اضطراب القطاع، مما أثار تحذيرات بشأن الأرباح وفاقم تحديات أمام رينو ونيسان فى الوقت الذى تواجهان فيه صعوبات لطى صفحة عصر غصن، والرئيس السابق لتحالفهما ينتظر الآن محاكمة فى اليابان بشأن اتهامات بمخالفات مالية ينفى ارتكابها.
وتضررت أرباح رينو جراء انخفاض بقيمة 826 مليون يورو فى الأرباح من شريكتها التى تملك فيها رينو حصة بنسبة 43.4 %، وتخفض نيسان 12500 وظيفة فى أنحاء العالم بعد انهيار الأرباح.
بدورها ، اضطرت شركة نيسان ، وأمام خسائرها المالية المتتالية إلى تسريح 10 آلاف موظف، ففى يوليو الماضى أعلنت وكالة كيودو اليابانية للأنباء، أن الشركة بصدد إجراء إعادة هيكلة تتضمن ترسيح 10 آلاف موظف من مختلف فروعها حول العالم.
وانخفض صافى أرباح الشركة فى العام المالى السابق، إلى مستوى هو الأقل منذ ما يقرب من عقد، وحذرت من "بيئة أعمال صعبة" فى الأشهر الـ 12 المقبلة.
وتعانى الشركة من انخفاض مبيعاتها فى الولايات المتحدة وأوروبا ولا تزال تعانى من تأثيرات اعتقال رئيسها السابق كارلوس غصن المتهم بارتكاب مخالفات مالية.
كما تواجه الشركة توترًا مع شريكتها الفرنسية رينو التى تملك 43% من الشركة اليابانية، وتمر فى إعادة هيكلة تهدف إلى تعزيز نظام الإدارة فى الشركة. ويتوقع أن تعلن نيسان عن خفض العمالة غدا الخميس، بحسب كيودو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة