شاركت اليوم، الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى بالجلسة المنعقدة بعنوان "آفاق التنمية المستدامة بإفريقيا: الفرص والتحديات" خلال فعاليات منتدى شباب العالم بشرم الشيخ.
واستهلت السعيد كلمتها خلال الجلسة بتسليط الضوء على إمكانيات القارة الإفريقية موضحة أن الدول الإفريقية تمتلك العديد من المقومات والمزايا التي تمكنها من تحسين وضعها التنافسي، وجذب المزيد من الاستثمارات، ومن أهم هذه المزايا والمقومات: حجم السكان البالغ نحو 1.2 مليار نسمة والذي من المتوقع أن يتضاعف في 2050 ليبلغ 2.4 مليار نسمة مما يجعل إفريقيا سوق متنوع وكبير الحجم، مؤكدة أن الثروة السكانية تمثل قوة عمل لا يستهان بها خاصة لتميزها بقوى بشرية شابة حيث تبلغ نسبة السكان تحت سن الثلاثون عامًا نحو 60%.
وأضافت السعيد أن دول إفريقيا تتميز بتزايد معدلات نمو المناطق الحضرية وتزايد فئة متوسطي الدخل والتي ازدادت بضعفي معدلاتها في ال 30 عاما الأخيرة ومن المنتظر ان يبلغ حجمها 1.1 مليار نسمة في 2060 او42% من السكان، كل ذلك يزيد من حجم الطلب المتوقع على مشروعات البنية التحتية ويزيد من فرص الاستثمار.
وأشارت وزيرة التخطيط إلى ما تمتلكه إفريقيا من موارد طبيعية والتي تعتبر ركيزة أساسية لسلاسل القيمة المضافة، وأكدت على أن الوقت الآن مثالي للاستثمار في إفريقيا وذلك لما تنفذه دول القارة من إصلاحات وتنمية حقيقية انعكست على تحسن مؤشر أداء الأعمال لعام 2019 وفقًا للبنك الدولي حيث تحسن المؤشر بشكل ملحوظ في عشر دول في العالم من ضمنها خمس دول في إفريقيا.
وحول التحديات التي تواجه عملية التنمية بقارة إفريقيا أضافت وزيرة التخطيط أنه بالرغم من التحسن الكبير الذي تشهده القارة إلا أن إمكانياتنا لم يتم استغلالها بعد بالقدر الكافي وذلك نظرًا لوجود العديد من العوامل التي تحد من قدرتنا ومن أهمها: ضعف البنية الأساسية التي يجب توفرها لجذب المستثمرين موضحة أن الدول الإفريقية تحتاج ما يتراوح بين 140 و170 مليار دولار لتطوير البنية التحتية.
وتابعت السعيد أنه يوجد لدى القارة ثروة بشرية هائلة وشابة ولكنها غير مستغلة أيضًا بالشكل الصحيح لما تفتقره من المهارات المطلوبة في سوق العمل مما يؤدي إلى تزايد العاملين في القطاع غير الرسمي لتمثل العمالة غير الرسمية في أفريقيا نحو 80% من إجمالي العمالة، ويوفر القطاع غير الرسمي وظائف لهذا الكم من القوى البشرية ومصدر دخل ولكنه عادة ما يكون منخفض وبظروف عمل غير لائقة، كما أن هذا القطاع يتسم بانخفاض الإنتاجية مما يؤثر بدوره على مستوى الدخل القومي للدولة ويحد من قدرتها على النمو، لذا نحتاج إلى الاستثمار في رأس المال البشري من خلال تطوير أنظمة التعليم والصحة وتقديم البرامج التدريبية المتخصصة التي من شأنها أن ترفع من قدرات العاملين وتساعدهم على إيجاد وظائف لائقة ومنتجة.
وأوضحت السعيد أنه من أجل اتخاذ القرارات الصائبة، هناك حاجة إلى البيانات لتوجيه توزيع الموارد المتاحة بالصورة الأمثل، مشيرة إلى أن نسبة المؤشرات التي يتوفر لها بيانات في إفريقيا تبلغ نحو 37.8% فقط، مما يتطلب المزيد من الجهود على المستوى الوطني لتطوير المنظومة الإحصائية.
وفيما يتعلق بتأثير النزاعات والعنف في القارة على مسار التنمية أكدت وزيرة التخطيط أنها تحد من قدرات الدول على التقدم، لذلك يتم حاليًا التركيز على قضية الأمن والسلام بشكل صريح وقوي وفقًا لما تلاحظ من وعي وإرادة وقوية في منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين برعاية وحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تم إطلاقه منذ أيام لمواجهة تلك النزاعات والتحضير للانطلاق الحقيقي للقارة، ويعتبر تحقيق الأمن والسلام من المتطلبات الأساسية لتحقيق التنمية.
وحول المؤشرات الرئيسة للنمو في القارة أشارت السعيد إلى أن هناك مساحة كبيرة للنمو وفرص هائلة تحتاج إلى بذل مجهود كبير لتحقيق ذلك. فعلى سبيل المثال، تتصدر 5 دول إفريقية قائمة الدول العشر الأكثر نموًا في العالم، كما يزيد معدل النمو عن 5% في أكثر من 20 دولة أفريقية. ويمكن جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية خاصة وأن دول القارة حصلت في عام 2018 على 3.4% فقط من تدفقات الاستثمارات الأجنبية في العالم، بينما توجه نحو 42% من الاستثمار الأجنبي إلى الدول النامية في آسيا .
وأضافت السعيد أنه يمكن العمل على زيادة التجارة فيما بين الدول الإفريقية وبعضها مشيرة إلى أن نسبة التجارة البينية في القارة تبلغ 15% فقط أي أقل نسبة للتجارة البينية في العالم بالمقارنة مع القارات الأخرى مثل أوروبا التي تبلغ نسبة التجارة البينية بها نحو 67% وفي آسيا نحو 58%، فتعتمد قارتنا على التجارة الخارجية مع أوروبا وآسيا بصورة أكبر، ولكن بمستوى التنوع الاقتصادي في القارة يمكننا أن نرفع من نسبة التجارة البينية، وأمامنا فرصة كبيرة من خلال إتفاقية التجارة الحرة الإفريقية.
وحول المشروعات المهمة التي حددتها أجندة إفريقيا 2063 أشارت وزيرة التخطيط إلى اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية التي حدث بها تقدم كبير خلال هذا العام بدخولها حيز التنفيذ في يوليو الماضي، موضحة أنه من المنتظر أن تشجع إزالة التعريفات الجمركية المستثمرين الأجانب على الدخول في السوق الإفريقي، كما ستساهم الإتفاقية في زيادة التكامل الإقليمي بين دول القارة وتعزيز سلاسل القيمة المضافة، ودفع عمليات الاستثمار البيني في إفريقيا .
وأشارت السعيد إلى مشروع إنشاء الشـبكة المتكاملة للقطار فائق السرعة ومشروع سد أنجا العظيم باعتبارهما من المشروعات التنموية المهمة في البنية التحتية والتي تحتاج إلى دفعة قوية؛ ومن المتوقع أن يكون لتلك المشروعات أثر كبير في تحقيق التنمية المستدامة في القارة وتتطلب العمل بشكل موسع على تحقيق الترابط بين دول القارة وتذليل كافة صعوبات التنفيذ.
وأوضحت السعيد أن هناك تركيز على مبادرة "اسكات البنادق بحلول عام 2020" بانطلاق منتدى أسوان السنوي وكذلك إعلان السيد الرئيس عن إنشاء مركز إعادة الإعمار والتنمية عقب النزاعات في القاهرة مما سوف يساهم بشكل كبير في استعادة الأمن والسلام في دول النزاعات وضمان استمرارها.
وفيما يتعلق بالمشروعات المرتبطة بالتعليم والثقافة أشارت الدكتورة هالة السعيد إلى مشروع الجامعة الإفريقية الإفتراضية، مشروع إنشاء متحف إفريقيا، مشروع موسوعة إفريقيا حيث تخدم هذه المشروعات عملية التنمية بجميع أبعادها وتضمن الحفاظ على كافة المكتسبات الاقتصادية وتطورها. كما أن مثل تلك المشروعات تساهم في الحفاظ على الهوية الإفريقية وتعزيز الروابط الإفريقية.
واختتمت وزيرة التخطيط كلمتها بالتأكيد على دعم مصر لعملية التكامل الاقتصادي بين الدول الإفريقية من خلال مشروع طريق "القاهرة – كيب تاون" والذي يهدف إلى تعزيز التبادل التجاري بين مصر والسودان وإثيوبيا وكينيا وتنزانيا وزامبيا وزيمبابوي والجابون وجنوب إفريقيا، من خلال تسهيل النقل البري بين تلك الدول، ونقل البضائع في زمن قياسي (4 أيام بدلًا من أشهر عن طريق البحر).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة