حرب المعاهدات.. كيف يحاول ماكرون تقويض الناتو بعد الانسحاب الأمريكى من اتفاقية باريس للمناخ؟.. تصريحات الرئيس الفرنسى حول الحلف للانتقام من واشنطن.. ومحاولة لإنهاء قيادة أمريكا للغرب بعد دعوة "الجيش الأوروبى"

الأحد، 10 نوفمبر 2019 06:30 م
حرب المعاهدات.. كيف يحاول ماكرون تقويض الناتو بعد الانسحاب الأمريكى من اتفاقية باريس للمناخ؟.. تصريحات الرئيس الفرنسى حول الحلف للانتقام من واشنطن.. ومحاولة لإنهاء قيادة أمريكا للغرب بعد دعوة "الجيش الأوروبى" ماكرون وترامب والاتحاد الأوروبى
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"ما نعيشه اليوم هو حالة موت سريرى لحلف الناتو".. هكذا قال الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، راصدا حالة الانقسام التى يشهدها التحالف التاريخى للمعسكر الغربى، بسبب السياسات الأمريكية الأحادية، من جانب، والانتهاكات التركية للقواعد والتقاليد التى يحمل التحالف لوائها منذ عقود طويلة من الزمن من جانب أخر، وهى التصريحات التى أثارت جدلا كبيرا، دفعت إلى انتقادات حادة من قبل ليس فقط الولايات المتحدة، والتى استهدفها ماكرون بوضوح فى تصريحاته، ولكنها امتدت إلى الحليف الألمانى، وكذلك قيادات بارزة فى الاتحاد الأوروبى، وعلى رأسهم رئيسة المفوضية الأوروبية الجديدة أورسولا فون دير لايين، والتى وصفت الناتو بأنه "درع الحرية"، فى انعكاس صريح لخروج الرئيس الفرنسى عن السرب الغربى بتصريحاته الأخيرة، وذلك رغم الانقسام داخل أروقة الحلف.

 

إلا أن تصريحات الرئيس الفرنسى الأخيرة لا يمكن قراءتها بعيدا عن التطورات الأخيرة التى تشهدها الساحة الدولية، وعلى رأسها حالة التوتر غير المسبوق بين باريس وواشنطن، على إثر رفض إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لأى دور فرنسى فيما يتعلق بالقضايا المثارة حاليا على الساحة الدولية، وهو ما يبدو واضحا فى تجاهلها للعرض الفرنسى للقيام بدور الوسيط بين الولايات المتحدة وإيران، فى الوقت الذى دعمت فيه الوساطة اليابانية، وهو ما وجد استجابة إيرانية صريحة، تجلت فى تصريحات المرشد الإيرانى على خامنئى، والذى وصف فيها الرئيس ماكرون بـ"الساذج" تعليقا على دعوته لإحياء المفاوضات بين بين واشنطن وطهران.

 

اتفاقية باريس.. واشنطن تغلق الباب أمام أى دور لباريس

ولعل التحركات الأمريكية لإغلاق الطريق أمام أى دور فرنسى، لم تقتصر على دورها فى السياسة الدولية، وإنما امتدت إلى قضايا أخرى، تحظى بزخم دولى، وعلى رأسها قضية التغيرات المناخية، وذلك بالانسحاب الأمريكى من اتفاقية باريس المناخى، وهى الاتفاقية التى يضفى ارتباطها بالعاصمة الفرنسية، قدرا من الأهمية للدور الذى تلعبه فرنسا على الساحة الدولية فى المرحلة الراهنة، خاصة وأن قرار واشنطن بالانسحاب يعنى تقويضها تماما، على اعتبار أن الولايات المتحدة هى القوى الأكثر تأثيرا فى العالم، وبالتالى يثور الحديث مجددا عن إمكانية عقد اتفاقية جديدة، وهو ما يتوافق مع رؤية ترامب إلى حد كبير، فى إطار سعيه الدؤوب إلى إعادة هيكلة الاتفاقات الدولية، خاصة تلك التى تمت برعاية سلفه باراك أوباما، وذلك لتقويض إرثه.

ترامب وسكرتير عام الناتو
ترامب وسكرتير عام الناتو

المحاولات الأمريكية لتقويض الرعاية الأوروبية امتدت إلى العديد من القضايا، عبر الدعوة إلى إعادة هيكلة العديد من الاتفاقات الدولية، من بينها الاتفاق النووى الإيرانى، والذى دعا الرئيس الأمريكى صراحة إلى استبداله باتفاق جديد، وبمشاركة دولية أوسع، فى إشارة لرفضه إلى الصيغة الشكلية للاتفاقية، والتى تضمنت الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولى، بالإضافة إلى ألمانيا باعتبارها تمثل قيادة الاتحاد الأوروبى، فيما يعرف باسم "صيغة 5+1"، فى انعكاس صريح لمناوئته للمؤسسات التى تمثلها تلك الدول (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى).

 

تصريحات انتقامية.. الصراع الأمريكى الفرنسى يمتد إلى الناتو

وهنا يمكننا القول بأن التصريحات التى أدلى بها ماكرون حول الناتو، والانتقادات التى كالها للدور الأمريكى فى التحالف، الذى طالما مثل أحد أهم رموز المعسكر الغربى، ترتبط إلى حد كبير بالخطوة الأمريكية بالانسحاب من اتفاقية باريس المناخية، بالإضافة إلى محاولاته السابقة تقويض جهوده لاستعادة الأمجاد الامبراطورية لبلاده، عبر الانتقام من واشنطن من خلال تقويض القيادة الأمريكية للغرب، من خلال الناتو، فى محاولة لرد الصاع الأمريكى، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لحالة الشقاق غير المسبوق بين دول الغرب الأوروبى والولايات المتحدة، حول العديد من القضايا على الساحة الدولية، خاصة بعد الانسحاب الأمريكى أحادى الجانب من سوريا، بالتزامن مع العدوان التركى على شمال سوريا، فى خطوة اعتبرها قوات التحالف الدولى تخليا أمريكيا جديدا عن حلفاء واشنطن المشاركين فى الحرب على تنظيم داعش الإرهابى منذ عدة سنوات.

ترامب وماكرون
ترامب وماكرون

يبدو أن معركة النفوذ بين الولايات المتحدة وفرنسا اتخذت منحى جديد فى المرحلة الراهنة، تقوم فى الأساس على سعى كلا منهما نحو تقويض المعاهدات الدولية التى تحظى بقيادة الأخر، وهو ما يبدو فى تصريحات ماكرون حول الناتو، والتى تزامنت مع الانسحاب الأمريكى من اتفاقية المناخ، خاصة وأن الولايات المتحدة تمثل العضو الأهم فى الناتو، منذ تأسيسه، سواء على مستوى الدعم المالى أو العسكرى، وهو الأمر الذى أدركه ترامب منذ تنصيبه فى 2017، عندما لوح بإمكانية الانسحاب الأمريكى من الحلف، إذا لم يف الأعضاء الأخرين بالتزاماتهم المالية، وهو ما اعتبره قطاعا من المراقبين انقلابا أمريكيا صريحا، على التحالف.

 

الجيش الأوروبى الموحد.. ماكرون بدأ طريق الاستعداء تجاه واشنطن

تمثل تصريحات ماكرون حول الناتو امتدادا للصراع الأمريكى الفرنسى، والذى بدأه ماكرون قبل ما يقرب من عام، بدعوته المثيرة للجدل حول تأسيس ما يسمى بـ"الجيش الأوروبى الموحد"، لمجابهة التهديدات الأمريكية والروسية والصينية، وهو التصريح الذى أثار امتعاض واشنطن، بسبب وضعها فى سلة واحدة مع الخصوم التاريخيين للغرب (الصين وروسيا)، حيث كان التصريح بمثابة تلميح فرنسى لقيادة أوروبا لإيجاد بديل للناتو.

ماكرون قاد الدعوة لتأسيس جيش أوروبى موحد
ماكرون قاد الدعوة لتأسيس جيش أوروبى موحد

التصريح الفرنسى السابق حول الجيش الأوروبى الموحد كان يحمل لهجة عدائية تجاه واشنطن وموسكو، إلا أن ردود الأفعال كانت متباينة، ففى الوقت الذى أعربت فيه إدارة ترامب عن استيائها من التصريح الذى أدلى به ماكرون، كان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أكثر من رحبوا به، مبديا مرونة شديدة تجاه العدوانية التى حملها ماكرون فى تصريحاته، خاصة وأنه يدرك أن المقترح الفرنسى سيكتب النهاية لحلف الناتو، والذى يعد بمثابة كابوس تاريخى لروسيا، ليس فقط بسبب استخدامه من قبل الغرب لحصار الروس فى محيطهم الجغرافى، ولكن أيضا لما يحمله من أبعاد رمزية باعتباره الحلف المنتصر فى الحرب الباردة، والتى انتهت بتفكك الاتحاد السوفيتى، واستئثار الولايات المتحدة بصدارة المشهد الدولى.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة