نقرأ الكتب المقدسة ونتأملها طوال الوقت، نسأل عن معانيها ونفكر فى تفسيراتها، ونلاحظ الاختلافات فى الصياغة وطريقة التقديم، لكن هل فكرنا كم عاما احتاجتها الكتب المقدسة لكتابتها كى تظهر لنا بشكلها الحالى؟
التوراة
يؤمن المسلمون أن التوراة كتاب إلهى أنزله الله على نبيه موسى، لكنهم يؤمنون أيضًا أن هذا الكتاب المقدس أصابه كثير من التحريف على يد أتباعه، وأن نصوصه امتدت إليها الأيدى على مدى قرون.
وقد كُتبت معظم الأسفار المقدسة بين القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد، أى خلال الفترة الممتدة بين زمن النبيَّين إشعيا وإرميا، وعلى مدى القرنين الماضيين، ظنَّ معظم علماء الكتاب المقدس أن غالبية الأسفار العبرانية كُتبت وجُمِعت فى الحقبتين الفارسية والهلِّينستية (من القرن الخامس حتى القرن الثانى قبل الميلاد).
وهناك رأى يرى أنه باستثناء سفر أيوب فإن الكتاب المقدس كُتِب خلال 1600 عامًا، كَتَبَ موسى أول خمسة أسفار نحو 1500 ق.م، وكَتَبَ يوحنا الحبيب آخر سفر وهو سفر الرؤيا سنة 96م.
الإنجيل
يقول المفكر العربى فراس سواح فى كتابه ألغاز الإنجيل، لم يترك يسوع أثرا مكتوبا بل تعاليم شفوية وسيرة حياة، وكانت الجماعات المسيحية الأولى تتناقل أقواله وأعماله كما وصلت إلينا عن طريق تلامذته المباشرين ممن رافقوه عبر مسيرته التبشيرية القصيرة. وعندما مات معظم أفراد الجيل الذى عاصر يسوع حاملين معهم ذكرياتهم وانطباعاتهم المباشرة، بدت الحاجة ماسة إلى تدوين سيرة يسوع وتعاليمه. وهكذا ظهرت على التتابع الأناجيل الأربعة التى عزيت إما إلى شخصيات من العصر الرسولى مثل مرقس ولوقا، أو إلى تلاميذ مباشرين ليسع مثل متى ويوحنا، وجميع الأناجيل دونت باليونانية القديمة لغة الثقافة فى ذلك العصر.
هنالك إجماع اليوم بين الباحثين فى كتاب العهد الجديد على أن يكون إنجيل مرقس هو أقدم الأناجيل وأنه دون نحو عام 70 م أى بعد وفاة يسوع بنحو أربعين سنة، يليه إنجيلا متى ولوقا اللذان دونا بين عامى 80م وعام 90 م وأخيرا إنجيل يوحنا الذى دون فيما بين عام 100 و110.
القرآن الكريم
نزل القرآن الكريم على سيدنا محمد فى 23 عامًا، مفرقًا وقد اختار النبى صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة حتى يكتبوا الوحي، وهم ما عرفوا فى تراجمهم بكتاب الوحى كالخلفاء الأربعة وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبى سفيان وزيد بن ثابت وغيرهم.
وفى حروب الردة، فى عهد سيدنا عثمان بن عفان، قتل نحو سبعين حافظاً لكتاب الله من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل هذا الأمر الخوف فى قلب عمر رضى الله عنه أن يضيع القرآن بموت حفظته فذهب لأبى بكر فحدثه بالخطب ورفض أبو بكر أن كيف يفعل مالم يفعله النبي، وظلّ عمر يتردد على الصدّيق حتى قبل بتدوين المصحف خشية من ضياعه وتفلته من قلوب الناس بعد ذلك، فجمع كل كتب عليه القرآن من سعف نخل وجلود وحجارة وكذلك من بقى من الحفظة من صحابة رسول الله، ثم أوكل المهمة لزيد بن ثابت وهو من كتبة الوحى لما عرف عنه من أمانته وورعه وصدقه، فهو كاتب رسول وكان ممّن يحفظ القرآن عن ظهر قلب فقام بجمعه وتدوينه فى كتاب وسموه بعد ذلك بالمصحف أو القرآن، ثمّ حفظت النسخة كما رأى عمر عند حفصة زوجة رسول الله.
واستقر المسلمون على أن سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة، وقيل وثلاث عشرة بجعل الأنفال وبراءة سورة واحدة، أخرج أبو الشيخ عن أبى زروق، قال: الأنفال وبراءة سورة واحدة. وأخرج عن أبى رجاء قال: سألت الحسن عن الأنفال وبراءة سورتان أم سورة؟ قال: سورتان. ونقل مثل قول أبى زروق عن مجاهد. وأخرجه ابن أبى حاتم عن سفيان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة