قال الدكتور أيمن عبد الوهاب خبير المياه بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن قضية سد النهضة ارتبطت بالنوايا المصرية فى التعامل مع الملف ورؤية مصر لهذا الملف من زاوية بناء شراكات بالتطبيق على دول الحوض، لكن بطبيعة الحال الحديث عن شراكة يبعد عن الواقع الحالى، لافتا إلى أن المناقشة تدور حول محورين، لماذا بناء شراكة مصرية سودانية أثيوبية فى هذا الملف؟ و كيف يمكن بناء هذه الشراكة ؟ وهذا يحتاج رؤية مختلفة لما تنتهجه إثيوبيا فى هذا الملف وليس فقط فى السنين الأخيرة ولكن يمكن أن يرجع إلى فترات سابقة.
وأضاف عبد الوهاب فى كلمته بمؤتمر "سد النهضة.. بين فرض الأمر الواقع ومتطلبات الأمن القومى" الذى نظمه المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الشراكة متعذرة ولم تتحقق فى هذا الوقت أو المستقبل القريب أو المتوسط برغم كل الافكار عن التعامل التى يمكن ان ترسم صورة متفائلة ويجب أن يدرك الجانب الأثيوبى أنه مضطر للتعاون، وفى الوقت الحالى الحديث عن الشراكة لا يوجد شراكة فى ملف المياه دون وجود شراكة فى ملفات آخرى، مشكلة هذا الملف أنه فى بعض الاوقات يتم معالجته بشكل منفصل عن باقى الملفات التى تتقاطع مع العلاقات المصرية والسودانية والاثيوبية، وعندما انتهجت مصر فى مرحلة قل 2011 فكرة الدمج بين الحضارات وبين مسار التعاون أو الخلاف أو التنافس أو الصراع فى ملف المياه لم يؤت بحل وعندما فصلت مصر بين مسار العلاقات بشكل عام ومسار التفاوض لم يتم التوصل لحل .
وأوضح عبد الوهاب أن هذه القضية يجب معالجتها بشكل متشابك من خلال رؤية إثيوبيا وطموحها في هذا المنطقة الملف ليس فى معزل على الاطلاق بل أحد أدوات أثيوبيا فى تغيير معادلة دول حوض النيب، وحجم التنافس الدولى من قبل القوى الدولية ومن قبل الشركات الدولية، كذلك مسألة الاستثمارات حتى الصراع على الموانئ في جيبوتي واريتريا واثيوبيا تسعى لتقديم صورة جاذبة لهذه القوى وهذه الاستثمارات وقدمت نفسها فى صورة نجحت إلى حد كبير، ويجب الأخذ في الاعتبار أن ما تم من 2011 حتى هذه اللحظة يقترب من مباحثات وليس مفاوضات، خاصة أن مشكلة التفاوض بدأت فى 2007 وظهرت ترجمتها فى اتفاق عنتيبى وسد النهضة ما هو إلا بداية لهذه الرؤية التى تولدت منذ بداية التفاوض.
وقال عبد الوهاب إن السد ليس تهديدًا للأمن القومى المصرى فقط بل يتجاوز هذا الأمر مع ربط السد بالاستراتيجية الأثيوبية المطروحة من 2002 والتى لم تتغير حتى هذه اللحظة ندرك لماذا هذا الموقف الاثيوبى، حيث تتحدث هذه الاستراتيجية أن مصر عائق أمام التنمية الاثيوبية، ومراجعة هذه الاستراتيجية أمر هام جدا لإدراك ما تقوم به أثيوبيا الآن فيما يتعلق بتصفير مشاكلها وطرحها للعلاقات وأشكالها في هذه المنطقة يتعلق آيضا بسياستها المائية التى تتجاوز سد النهضة.
وأضاف أن السد نفسه نموذج لما هو قائم لا يجب التعامل مع هذا السد على أنه حالة يمكن حلها بل هو أمر واقع والتالى أوغندا أو السودان تنظر إلى هذا السد على أنه إطار للتسوية، وأن سياسة الامر الواقع ستستمر من جانب اثيوبيا وهذا مرتبط بعدد من العوامل، وأن أثيوبيا لم ترحب وترفض دائما وضع المحادثات فى إطار سياسى أو استراتيجى ووضعها فى إطار فنى على الرغم من أن الجميع يدرك أن القضية سياسية أو استراتيجية تتعلق برؤية أثيوبيا، لافتا إلى أن أثيوبيا تدرك ان الدراسات غير كافية وبالتالى تخسر هذه القضية بشكل كبير، وأن سد النهضة نموذج للضغط والتهديد لأمن مصر المائى.
وأكد عبد الوهاب أنه من الممكن تدشين مسار تعاونى مع الاخذ فى الاعتبار أن الرأى العام الداخلى فى إثيوبيا والقيادة السياسية لم يتغير، فى الوقت نفسه يجب التعامل مع الحساسيات الموجودة حول الدور المصرى ولعب المزيد من الدور فى الرأى العام العالمى والافريقى وصياغة استراتيجية مصرية جديدة تستند إلى رسالة إعلامية وسياسية واضحة، وزيادة التنسيق بين الملفات المعنية بهذا الملف وأن اللحظة الحالية هي لحظة فارقة الجزء الايجابى فيها ينطلق من مبادرة واسعة تتجاوز فكرة الأزمة، ولابد من تدويل القضية وطرحها لأن مسالة الاستقرار فى هذه المنطقة يحتاجها الجميع سواء كانت دول الحوض أو الشركات التى تستثمر فى هذه .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة