** الإجراءات الجنائية والمرافعات والعقوبات وحالات الطعن أمام النقض 4 قوانين أدت لبطء التقاضى
** نقص عدد القضاة ومعاونيهم مقابل زيادة القضايا والمتقاضين يزيد معاناة المحاكم
**8 الف قاضى و3150 معاون فى مقابل 600 الف محامى وأكثر من 60 مليون قضي
** مساعد الوزير للأبنية: تفتتح 47 محكمة جديدة وترميم 41 آخرى أحرقها الإخوان ويتبقى 11
** مساعد الوزير للقطاع التقنى: تصميم نظامين لأرشفة القضايا وآخر لإقامة الدعوى والفصل فيها الكترونيا
** مصدر قضائى: لابد من نشر الثقافة القانونية بين المواطنين للحد من كثرة القضايا
** عدم توفر نقابات صالحة للمحاميين واسترحات للمواطنين يؤدى للإزدحام بالمحاكم
** مصدر قانونى: يجب تدريب المحامين وبعضهم يستغل جهل المتقاضين
** نقص الأجهزة وعدم التدريب وانخفاض الرواتب وقلة عددهم أبزر أسباب تأخر تقارير الخبراء والطب الشرعى
عاد أكثر من 8 آلاف قاض إلى منصات العدالة وأماكن عملهم بالمحاكم والنيابات العامة وفقا للحركة القضائية التى اعتمدها مجلس القضاء الاعلى بأجزائها الثلاثة والمتضمنة أكبر حركة ترقيات وتنقلات فى تاريخ محاكم النقض والاستئناف والابتدائية والنيابة العامة، بعد قضاء شهور فصول الصيف بشكل تبادلى، ليبدءون عامهم القضائى الجديد.
ومع بداية العام القضائي الجديد وتسكين القضاة فى أماكنهم بجانب عودة النواب فى البرلمان لدور الانعقاد الرابع ، يتجدد الحديث الذى لا ينقطع عن بطء التقاضى والفصل فى القضايا، فمنذ أكثر من 3 سنوات على ما دعى إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال جنازة الشهيد المستشار هشام بركات النائب العام فى عام 2015 إلى ضرورة تنفيذ وتحقيق العدالة الناجزة في أسرع وقت إلا ان الوضع العدالة فى مصر لا يحرك ساكن.
اتفق خبراء القضاء والقانون فى مصر على مجموعة من المعوقات التى يصطدم بها الهدف المنشود وهو تحقيق العدالة الناجزة، والتى تم تلخيصها فى ثلاثة معوقات رئيسية هى التشريعات الحاكمة لعملية التقاضى، والأطراف المتصلين بتلك، وساحات العدالة ذاتها .
المعوق الأول لبطء التقاضى
المعوق الأول المتمثل فى التشريعات يضم 4 قوانين رئيسية وأساسية يقوم عليها النظام القضائى المصرى بما يهدف إليه من ضمان حقوق المتقاضين والتى تشتمل على احترام حق التقاضى من جانب وتحقيق العدالة الناجزة من جانب آخر وهى القانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن قانون الإجراءات الجنائية صدر فى 1950، القانون رقم 13 لسنة 1968 والمعروف بقانون المرافعات المدنية والتجارية صدر فى عام 1968، علما بأنه ليس هناك قانون للمرافعات الإدارية أمام محاكم مجلس الدولة المنشأ سنة 1946، القانون رقم 58 لسنة 1937 المعروف بقانون العقوبات والذى صدر فى 1937، والقانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والذى صدر فى عام 1959.
وبالنظر الى الأعوام التى صدرت فيها تلك القوانين الأربعة، مقارنة بما يحدث من تغيرات عصرية واجتماعية وتكنولوجية، يتبين لمن هو ليس بخبير فى المجال القضائى والقانونى، بأنه لابد من إعادة سنها من جديد بما يتواكب مع المعطيات الجديدة ولا يكتفى فقط بترقيعها أو تعديلها مع كل حدث جديد أو ظاهرة .
حلول للقضاء على أزمة التشريعات
بالنسبة للقانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فقد تم تعديله بالفعل مؤخرا بما يتوافق مع الدستور وصدق عليه الرئيس السيسى، والذى تضمن بأن تكون محكمة النقض محكمة موضوع من المرة الأولى، بحيث تنقض الحكم وتحدد جلسة لنظره دون أن تعيده للجنايات مرة أخرى بما يعنى إجراء التقاضى على درجتين .
أما عن القانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن الإجراءات الجنائية فتم الانتهاء بالفعل من مناقشته بشكل مطور وخلال حوار مجتمعى كبير حتى وصل للبرلمان خلال دور انعقاده الثالث والذى قامت اللجنة التشريعية والدستورية بالمجلس بمناقشته في جلسات مطولة لكن لم يتثنى طرحه لجلسة عامة لمناقشته واقراره فى الدور الماضى .
وبحسب ما أكده النائب احمد حلمى الشريف وكيل اللجنة التشريعية والدستورية فى البرلمان للـ"اليوم السابع"، فإن مجلس النواب سيبدأ قريبا مناقشته.
ويعد قانون الإجراءات الجنائية من اهم المكونات الأساسية للعملية التقاضى فى مصر حيث يعد وهو بمثابة النظام الحاكم للمحاكمات سواء فى كيفية اقامة الدعوى،ومن يباشرها، سماع الشهود ،وحضور المحامين وكافة الامور الاجرائية والتنظيمية لنظر الدعوى.
بالنسبة لـ"لقانون رقم 13 لسنة 1968 بشان المرافعات المدنية والتجارية" يقول المستشار محمد عيد محجوب مساعد أول وزير العدل عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريع، إنه تم تنظيم ورش عمل الخاصة بقانون المرافعات، للوصل الى صياغات قانونية متطابقة مع النصوص الدستورية بما يضمن سرعة التقاضى والفصل في الدعاوى مع توفير حق المتهم في الدفاع عن نفسه.
وذكر "محجوب"، أن تعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية تتضمن لأول مرة تنظيم إجراءات التقاضى والمرافعة أمام محاكم القضاء الإدارى بمجلس الدولة ليشمل القضاء العادى والادارى معا لسد الفراغ التشريعى فيما يتعلق بتنظيم إجراءات التقاضى خاصة أمام محاكم مجلس الدولة بما يتفق مع طبيعة الدعوى الإدارية.
وأكد أنه تم تشكيل لجنة مصغرة لمؤتمر قانون المرافعات المدنية والتجارية لإعادة صياغة المقترحات المقدمة من ورش العمل التى تضم أساتذة القانون بالجامعات القضاة وأعضاء الهيئات القضائية وجهات انفاذ القانون فى هيئة مواد قانونية سليمة.
المستشار حسام عبد الرحيم وزير العدل
ويعد قانون المرافعات هو النظام الذى يحدد طريق الدفاع في دعوته القضائية امام القضاء ويأتي مقترح لجنة الإصلاح التشريعي لتعديل قانون المرافعات، نتيجة استغلال البعض الثغرات القانونية لمد أجل التقاضى، والمماطلة من جانب دفاع بعض المتهمين.
القانون رقم 58 لسنة 1937 المعروف بقانون العقوبات، هو أيضا من أهم القوانين المرتبطة ارتباطا وثيقا بعملية التقاضى حيث يمثل الردع العام والذى يحدد العقوبة التى يستحقها مرتكب الجرائم التى عددها هذا القانون، لكن مع ظهور بعض الجرائم الجديدة على المجتمع نتيجة التطور التكنولوجى والمجتمعى وتغير العصر، أصبح هذا القانون مفتقر للعديد من العقوبات التى يجب تطبيقها على من يرتكبون الجرائم الجديدة .
ورغم تعديل هذا القانون اكثر من مرة الا انه يحتاج الى مناقشات مطولة حتى يتم إلى الوصول الى العقوبات التى تتوافق مع الجرم الجديد المرتكب .
المعوق الثانى لبطء التقاضى
امام عن المعوق الثانى الذى يواجه تحقيق العدالة الناجزة فى مصر فيتمثل فى ساحات العدالة نفسها غير المجهزة سواء من ناحية الانشاءات أو نقص عدد من المقار الخاصة بها فى بعض المناطق التى بدأت تتكدس بالسكان، أو فى عدم دخول تكنولوجيا المعلومات فيها وميكنتها بشكل يسهل عملية التقاضى على المتقاضين والقضاة والمحاميين، بجانب عدم توافر نقابات للمحامين داخل ساحات العدالة تستوعب العدد الكبير منهم بجانب عدم صلاحية الموجود منها كما لا يوجد اى استراحات نهائيا للجمهور المتردد على المحاكم سواء القاعات والطرقات بالمحاكم.
محاكم الجديدة وترميم المحترقة
ومع دخول عام عام 2014 وبداية تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى فترة ولايته الاولى، اخذت وزارة العدل على كاهلها مسئولية إنشاء محاكم جديد وترميم المحاكم التى أحرقتها جماعة الإخوان الإرهابية حيث تجاوز عدد المحاكم التى تم الانتهاء من ترميمها 41 محكمة في الفترة من عام 2014 حتي عام 2017 ومنها محاكم "غرب الإسكندرية الإبتدائية – ملوي الكلية – شمال الجيزة الإبتدائية – الإسماعيلية"، فيما تم افتتاح العديد من المحاكم الجديدة فى الأماكن المتكدسة بالسكان ومنها مجمع محاكم سفاجا وحوش عيسي وحلوان وبنها ، وسمالوط وديرمواس بالمنيا، وبورفؤاد ونبروه والرياض والخارجة ومجمع محاكم مطروح ومجمع محاكم جهينة، وتم تفعيل نظام الميكنة فى 47 محكمة تحقيقا لمبدأ العدالة الناجزة .
من جانبه قال المستشار عبد الهادي محروس، مساعد وزير العدل هيئة صندوق أبنية المحاكم بوزارة العدل، ، بأن إجمالي المقرات التابعة لوزارة العدل سواء كانت محاكم أو نيابات والتي تعرضت للإتلاف والحرق خلال الفترة من يناير 2011 حتي أغسطس 2013، من قبل جماعة الإخوان الإرهابية، بلغت 57 مقرا حيث تنوعت الإتلافات من كلي وجزئي وبسيط.
وأضاف مساعد وزير العدل، أن الهيئة قامت بوضع خطة لإصلاح هذه التلفيات، وتم ترميم 41 وإعادة إنشاء محكمتين من جديد بعد هدهمها بالكامل بعد حرقهما وهما محكمتي سمالوط ودير مواس الجزئيتين بالمنيا، وكذلك محكمة إبشواي بالفيوم التي تم تسليمها للوحدة المحلية باعتبارها مقر تابع لهم، وتم إنشاء محكمة جديدة في ذات التوقيت وتعمل حاليا بدلا منها، بينما لم تبدأ أعمال التجديد أو هدم لـ 11 محكمة، نظرا لانها تحتاج لمبالغ طائلة لبدء عمليات الإحلال والتجديد أو الترميم ومنها "مجمع الجلاء أ – جنوب القاهرة بباب الخلق – مطروح القديم – بني سويف – ساحل سليم بأسيوط – الوادي الجديد الابتدائية" مشيرا إلى أنه حال توافر الاعتمادات المالية سيتم البدء في أعمال ترميمها.
وأشار إلى أنه تم نقل مقر نيابات مرور بورسعيد لمقر الشهر العقاري ببورسعيد، بعد تجديد المرور لعدم وجود مقر للنيابة بالمرور، كما يجري حاليا ترميم محكمة مطاي بالمنيا.
وفيما يتعلق بإدخال تكنولوجيا المعلومات فى المحاكم فيقول المستشار محمود علاء مساعد وزير العدل لقطاع التطوير التقنى وتكنولوجيا المعلومات، إنه تم صمم نظامين لميكنة المحاكم أحداهم للارشفة والثانى لربط المحاكم الكترونيا وربط تطبيقات المحاكم وتطبيقات النيابة العامة بما يعمل على إحالة القضية واستقبال قرار النيابة العامة بشكل مميكن .
وفقا للنظام الجديد الخاص بالربط فقد تم تنفيذه فى 47 محكمة وفقا للجدول الزمنى فى إطار منظومة فرض وإنفاذ القانون التى تتبناها الدولة ومن خلال التعاون الوثيق مع وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الادارى وذلك بغرض الوصول إلى منظومة متكاملة للتقاضى الالكترونى .
تم إفتتاحها خلال الثلاث أعوام السابقة وأخرها مأمورية استئناف مطروح ، ومحكمة مرسى مطروح الابتدائية ، ومرسى مطروح الجزئية والسلوم الجزئية والعلمين الجزئية ،
المعوق الثالث لبطء التقاضى
أما بالنسبة للمعوق الثالث فهو يتمثل فى أطراف عملية التقاضى فى مصر من قضاة ومعاونين لهم ومحامين ومتقاضين .
ويمثل الطرف الأول من القضاة الجالسين على المنصة للفصل فى القضايا بحسب تقديرات بعض القضاة ما يقرب من نحو 8 آلاف قاض فقط بالنسبة للقضاء العادى و1500 فى مجلس الدولة، ويبلغ عدد الخبراء المعاونين للقضاة 2750 خبير و400 طبيب شرعى فقط، بينما يصل عدد المحامين فى مصر 600 الف محام بينهم 25 % من المحامين المشتغلين فعليا فقط والباقين غير مقيدين لكنهم يتعاملون مع المحاكم بحسب إحصائية اعلن عنها سامح عاشور نقيب المحامين، فيما تصل عدد القضايا المنظورة أمام القضاء العادى 60 مليون قضية، بخلاف 5 ملايين قضية أمام مجلس الدولة.
هذة الأرقام تعنى ان هناك عدد ضخم من القضايا والمتقاضين والمحامين فى مقابل نقص عدد القضاة والجهات المعاونة التى تعمل على الفصل فى القضايا .
نقص عدد القضاة
ويحاول مجلس القضاء الاعلى التغلب على عقبة نقص عدد القضاة بزيادة عدد المقبولين فى دفاعات النيابة العامة ، فما تتضمن الحركة القضائية فى كل عام قضائي جديد ترقية شباب القضاة الى مناصب قيادية والترقية الى درجات وظيفية أعلى لاكتساب الخبرات.
كما تقوم وزارة العدل بعقد عدد من الدورات للقضاة خاصة فى المحاكم المخصصة والمستحدثة حتى يتثنى لهم تطبيق وانفاذ القانون بشكل سريع مع ضمانة حقوق المتقاضين .
من جانبه أكد المستشار حسام عبد الرحيم وزير العدل، إن الدولة المصرية التزمت بما نصت عليه المادة 239 من الدستور المصرى والتى نظمت قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية وحظرت ندبهم بالجهات الحكومية او جهة اخرى، وذلك قبل يوم 17 يناير المقبل .
واوضح أن تطبيق حظر ندب القضاة فى الجهات الحكومية والعامة سيساعد فى توفير عدد القضاة للمحاكم التى تقوم بالفصل فى القضايا وهو ما سيحقق العدالة الناجزة، مشيرا إلى المشرع الدستور قصد من حظر الندب هو تفريغ القاضى للعمل القضائى.
تدريب المحاميين
أما عن المحامين فأن عدم توافر نقابات للمحامين داخل ساحات العدالة تستوعب العدد الكبير منهم بجانب عدم صلاحية الموجود منها يؤدى الى تكدس المحامين فى الطرقات بجانب عدم تمكنهم من أداء عملهم ومراجعة القضايا والمرافعات الخاصة بها قبل وقوفهم أمام المحاكم.
ويقول مصدر قانونى، إنه مع المطالب التى تدعو لتدريب القضاة بجانب الدعوى الى إنشاء أكاديمية لتدريب للمحامين حتى يتمكنوا من الوقوف فى ساحات المحاكم، مشيرا الى أن بعض المحامين يستغلون الجهل القانونى لدى المتقاضين وأطالة امد التقاضى للحصول على مبالغ مالية منهم .
وذكر المصدر أن يجب النظر فى قانون المحاماة بما يتواكب مع التطورات المجتمعية، حتى يتمكنوا من أداء مهمتهم بشكل جيد ويساهم فى تحقيق العدالة الناجزة .
الجهات المعاونة
وبالنسبة للجهات المعاونة للقضاة الممثلين فى الخبراء والطب الشرعى، فأن عدم توافر الموارد المادية لهم يتسبب فى تأخر إعداد التقارير اللأزمة حول القضايا المنظورة بالمحاكم أو عدم الاستعانة بهم فى بعض القضايا يؤدى الى عدم تحقيق العدالة الناجزة .
وتتمثل مشكلة الخبراء فى نقص عددهم وانخفاض مرتباتهم وتهرب الخصوم وعدم التعاون معهم أثناء إعداد التقارير، وعدم استقلالهم ، واستغلال المحامين للثغرات فى التقارير المعدة من خبراء حديثى التعيين .
أما المشاكل التى تعانى من أقسام مصلحة الطب الشرعى فتتمثل فى قلة عدد الأطباء والكيميائين وخبراء التزيف والتزوير والفنيين ، ونقص عدد الأجهزة الحديثة وبعض الأقسام الجديدة والعيادات مثل عيادات العنف ضد المرأة والأطفال والأعتداء الجنسي، والطب الشرعى النفسى، وعدم التدريب المستمر للعاملين فى الطب الشرعى، وانخفاض الرواتب .
الجهل القانونى للمتقاضين
وفيما يخص المتقاضين فيقول مصدر قضائى، أنه لابد من العمل على نشر الثقافة الدستورية والقانونية لدى المواطنين، فأغلب المتنازعين فى ساحات المحاكم يجهلون الطرق القانونية مما يوقعهم فى مشاكل ويزيد من عدد القضايا فى المحاكم ومن ثمة بطء التقاضى وعدم تحقيق العدالة الناجزة .
وعن عدم توافر استراحات للمتقاضين فى المحاكم فاشار المصدر إلى أن وزارة العدل تقوم حاليا بإنشاء محاكم تتوافر فيها استراحات للمتقاضين .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة